بـ”عون” الله.. نحو إدارات مدنية سائرون
روى نائب في مجلس خاص، “أن مشكلاً وقع في مقهى جبلي، فتم الإتصال مع أقرب مخفر لإرسال دورية تعالج الوضع، فكان جواب الشاويش على المتصل “بنزين ما في، عالجوا الموضوع على طريقتكم” وهذا ما حصل بالفعل، إذ تدخلت قوة حزبية،بناء لإشارة النائب، وأعادت الهدوء إلى المقهى المضطرب وانتهت بمصالحة ومسامحة بين المعتدين والمُعتدى عليهم.
إنه نموذج واضح لتلاشي الدولة ومؤسساتها، وهذه الحادثة، ولها مثيلات، تستدعي هذا السؤال: أنحن متجّهون صوب إحياء الإدارات المدنية؟ وصوب منطق كل منطقة تتولى أمنها بالمتوافر من قوى بلدية وأهليّة وحزبية؟
سؤال يُطرَح بخفر، فيما الواقع والوقائع تشي بأن هذا الإتجاه سالك وبنشاط على كل الخطوط. فهناك بلديات باتت تقفل الطرق المؤدية إليها ليلاُ، وتعتمد على متطوعين لحراسة الممتلكات.وبلديات توزّع قسائم محروقات لمواطنيها بالتساوي. 20 ليتراً أسبوعياً و”ما حدا يزعل ” وهذا ما حصل في بلدة معركة.
في مغدوشة لم ينفع مثل هذا التدبير في حصر التعبئة بأبناء البلدة، فكان ما كان مما يذكره المشاهدون. بنزين مغدوشة لمغدوشة. وبنزين بعض محطات زوق مكايل لأبناء الزوقين، مكايل ومصبح أولاً، كأصحاب أرض.
وفي الأمس طرح النائب جورج عقيص أن توزّع “بنزينات” ابراهيم صقر المصادرة على محطات قرى قضاء زحلة، وما يفيض منها يذهب إلى قرى ومدائن أخرى. لا ضرورة أن يتعزز العيش المشترك من مخزون الصقر.
وقد تشجّع خطوة مرشد الجمهورية في استيراد المازوت والبنزين، بعض الأحزاب والقوى السياسية على استيراد كل المشتقات النفطية، بعيداً عن رقابة مدام أورور، فيأتي ميشال الياس ميشال المر، على سبيل المثال، بالبنزين من روسيا ويوزّعه، وتعيد “القوات”، على سبيل التخيّل، وضع اليد على الحوض الخامس، وينزل الإشتراكيون إلى الجيه، وتتولى جمعيات حركة أمل الإجتماعية أمر الإستيراد والتصدير عبر مرفأ صور، ويطوّر تيّار المردة مرفأ سلعاتا، وينشط الإستيراد والتصدير عبر مرفأي صيدا وطرابلس، كما تنشط حركة الهروب من لبنان، كما حصل في العامين 1989 و1990،أبّان عهد العماد عون الأوّل.
وقد يجد عطوفة المير نفسَه، في غفلة من الزمن، سلطاناً متوّجاً على عرش خلده والجوار.
ويفرض السيد وئام سيطرته على الجاهلية وشارع منزله في بيروت.
إنها مسألة أيام أو أشهر ونشهد على فصول مثيرة من تحلل الدولة واندثار عملتها.
ففي الوقت المُستهلك لإقناع السيد الرئيس إن ثمانية وزراء تكفيه ليس فقط ليعطل قرارات الحكومة إنما دورة الأرض حول نفسها.
وفي الوقت المصروف للتفتيش عن مصادر تغذية البطاقة التمويلية،
وفي الوقت الإختباري لقياس طول صبر دولة الرئيس ميقاتي…تكون الإدارات المدنية قد تسلّمت الجمهورية بطريقة سلسة من دون ضربة كف.
ومن أراد الإلتحاق بحلقة الدبكة في قصر الشعب، فكل الطرق سالكة والبوسطات مؤمنة.
المصدر: عمر موراني – هنا لبنان