لبنان “يشعشع”.. صهاريج إيرانية وفيول عراقي وغاز مصري وكهرباء أردنية!
كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان” :
من يرصد الأخبار اللبنانية في الأيام الماضية، وخاصة في الـ24 ساعة الأخيرة، يحسب أن لا أزمات، فالصهاريج الإيرانية دخلت أخيراً الأراضي اللبنانية، على وقع الطبل والزمر والرصاص والآر بي جي، وفي الوقت نفسه “هلّ” الفيول العراقي، دون أن يحظى باستقبال شعبي عفوي كالذي حظيت به الصهاريج.
أما الغاز المصري والكهرباء الأردنية، فقد وجدا سبيلهما إلى الحل، بعد الليونة الأميركية!
هذه الملفات التي تصدّرت العناوين توحي جميعها بانفراجات يجب أن يلتمسها اللبناني قريباً، غير أنّ هذا التفاؤل الإعلامي لا ينسجم وواقع الحال، إذ تؤكد الخبيرة في مجال الغاز والنفط لوري هايتايان لـ”هنا لبنان” أنّ “المازوت الإيراني لم يدخل وفق الآلية الشرعية وإنّما عبر المعابر غير الشرعية، ولم يخضع بالتالي للتدقيق الذي تقوم به عادة وزارة الطاقة والمياه للتأكد من جودة ونوعية المادة، وبالتالي لن نعلم حقيقة الجودة، إلاّ من خلال استعمال الناس، فهذه المواد حالياً لا رقابة عليها ولا يمكن أن نعرف لا نوعيتها ولا حتّى كميتها”.
وكانت الشكوك قد أثيرت مؤخراً حول المحروقات الإيرانية، وسأل أهل الاختصاص إن كان مصيرنا كمصير فنزويلا التي دخلت إليها في العام الماضي 3 بواخر محمّلة بالبنزين الإيراني، والذي تبيّن لاحقاً أنّه رديء النوعية وقد ألحق أضراراً جسيمة بالسيارات.
علماً أنّ لبنان استقبل في المرحلة الأولى المازوت من إيران، على أن يستقبل في الأيام المقبلة مادة البنزين.
واستبعدت هايتايان أي عقوبات على لبنان، فهذه الصهاريج لم تمر عبر المعابر الشرعية ولا من خلال الحكومة، مشيرة إلى أنّ “الحزب أعلن عن البواخر ووصولها للحد من قدرة أميركا واسرائيل على أي تحرّك ضدها. فأيّ تحرك كان سيعزز السردية التي يسعى الحزب لترسيخها وهي الحصار”.
ورأت الخبيرة في مجال الغاز والنفط، أنّ “هدف الحزب هو التأكيد على هذا الخط الذي تمّ استحداثه لإدخال المحروقات الإيرانية، كما كان قد رسّخ الدواء الإيراني. ورسّخ أيضاً ما يسمى بتضامن محور الممانعة، من خلال فكرة المعبر السوري المفتوح للبنان كما الحدود اللبنانية المفتوحة لسوريا”.
وعن عقوبات قد تفرض لاحقاً على الحزب أو بيئته، أشارت هايتايان إلى أنّ “الشركة التي تولت المحروقات أي شركة الأمانة، مدرجة أساساً على لوائح العقوبات الأميركية، ولا نعلم أي عقوبات ستفرض بعد”، موضحة أنّ الحزب اليوم أمام خيارين: الأوّل، أن يستمر بشراء البواخر بالدولار ليعمد إلى بيعها في السوق اللبناني بالعملة المحلية، وبالتالي الخسارة. فيكون مصيره في هذه الحالة كما مصير الدولة اللبنانية التي دعمت كل شيء حتى وقعت في الخسائر وغرقت في المديونية.
أما الخيار الثاني، فهو احتكار سوق المحروقات بالبضاعة الإيرانية، وفي حينها يكون الحزب قد سيطر على هذا الملف، وسيرفع التعرفة كما يشاء.
أما فيما يتعلق بموضوع الفيول العراقي والذي استقبل لبنان 31 طنّاً منه أمس، أوضحت هايتايان، أنّ “الأمر حُسِم، فالحكومة اللبنانية السابقة كانت قد اتخذت القرار باستيراد الفيول العراقي الـhigh sulfur، واستبداله بفيول صالح لمعامل الكهرباء اللبنانية. وهذا ما حصل في المرحلة الأولى، حيث أجرت الحكومة مناقصة رست في حينها على شركة “اينوك” التي تملكها دولة الامارات العربية المتحدة”.
وكان لبنان قد اتفق على استقدام كمية مقدارها مليون طن من النِّفط العراقي، مع العلم أنّ هذه الكمية لن تخرج اللبنانيين من “ظلامهم”، إذ لن تؤمن الكهرباء لأكثر من 5 ساعات يومياً كحد أقصى.
وتشير هايتايان، إلى أنّ ملفي الغاز المصري والكهرباء الأردني يوضحان أنّ “هناك استثناء للبنان من قانون قيصر كي تستطيع الدولة استجرار الغاز من مصر”، لافتة إلى أنّ “خط الأنابيب بين سوريا ولبنان يحتاج إلى تأهيل، ولا بد من تقييم الأعطال أولاً. وحالياً لا نعلم من سيدفع تكلفة التأهيل؟ وكان قد قيل إنّ كل بلد مسؤول عن صيانته (سوريا ولبنان). كذلك لا نعلم ما هي نوعية الصيانة، وإن كان هناك من إضافات ستوضع على الأنبوب خاصة وأنّ أنبوب الغاز العربي يدخل إليه غاز من اسرائيل إلى الأردن، فهل سيتم العمل على وضع بعض الفواصل لفصل الغاز المصري عن الغاز الاسرائيلي الذي يدخل الأردن”.
وتابعت موضحة أنّ “هذه الصيانة ستأخذ وقتاً يتخطى الشهرين. ولدينا أيضاً الأمور المالية، من سعر الغاز الذي سيدخل إلى لبنان وكيفية الدفع والجهة التي ستدفع. لاسيما وأنّ سوريا تطالب بالغاز كمقابل لمروره بأراضيها إلى لبنان”.
وأشارت هايتايان أنّ “المسألة هي نفسها بالنسبة للكهرباء الأردنية، إذ أنّ هناك أعمال على الشبكة يجب أن تتم لاسيما من الجهة السورية، وحينها تدخل الكهرباء إلى لبنان. وأعتقد أنّ السوريين يريدون الكهرباء أيضاً كمقابل. وهنا يجب أن نعلم الكميات ومدة الاتفاق ومدى قدرة مصر على منح غاز إلى لبنان وكذلك الكهرباء، وكم التكلفة وطريقة الدفع”.
إذاً، وعلى ما يبدو الحلول عديدة، ولكن جميعها “مرحليّ”، أما المحروقات الإيرانية فهي رهن “الجودة” والتي ستكشفها الأيام المقبلة. فهل يكون مصيرنا كفنزويلا؟ أم تكون الجودة أعلى.. ليطرح هنا سؤال جديد: من سيستفيد من هذه المحروقات “اللاشرعية”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ونحن أيضاً أشلاء.. | أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! |