لبنان المحتل بتفاهم فرنسي – إيراني ؟
كانت الزيارة الأولى للرئيس نجيب ميقاتي إلى الخارج، والتي حملته إلى باريس زيارة مهمة و ضرورية لكي يطل رئيس الحكومة اللبنانية على العالم من عاصمة أوروبية أساسية. طبعا لم تكن الأموال والمساعدات في انتظار ميقاتي لدى مقابلته الرئيس الفرنسي، بل وعود مشروطة بحزمة إصلاحات لا مناص منها ، ليس من خلال التشريع فحسب ، بل من خلال التنفيذ الجدي على الأرض . فوعود المسؤولين اللبنانيين، ما عادت كافية من اجل اطلاق حملة مساعدات للدولة، و للخزينة . كما ان الدول المانحة، و معها الصناديق، والمؤسسات المالية الدولية اكتفت من تاريخ لبناني غير مشرف من الوعود الكاذبة التي وزعها لبنان على مر السنين. من هنا فإن لبنان الذي مثله الرئيس نجيب ميقاتي لم ينطلق دوليا بدعم لا محدود، بل في بدعم مثقل بشروط موضوعية ، و طبيعية . والرئيس ميقاتي يعرف أن الدعم السياسي الذي ناله من ماكرون في باريس كترجمة للتفاهم الإيراني – الفرنسي في لبنان ، هو دعم معنوي، و لكنه لا يفتح بالضرورة الباب أمام إنقاذ لبنان على يديه كما يأمل، بل يخفف الضغط السياسي عن لبنان في هذه المرحلة ، اللهم إلا اذا ما واصل الإيرانيون عبر اداتهم المحلية ، اي “حزب الله” اثقال لبنان، بسيطرة فجة إلى حد لا تعود منافع السيطرة التي يتغنى بها قادة “الحرس الثوري ” في ايران كافية لتهدئة البلد ضمن شروط مصالح طهران التي يبدو انها تذهب راهنا إلى ابعد مما يحتمله لبنان ، و تركيبته الهشة . فالضغط على الحياة العامة في لبنان كبير كونه نابعا من جهد منهجي بإستتباع لبنان بأسره لنمط إدارة “حزب الله” الذي ما عاد يخفي طغيانه المخيف على القرار السياسي، والأمني، والقضائي، والإداري، حتى أن مسؤول الحزب الأمني صار يجمع كبار أركان السلطة القضائية المفترض انها مستقلة ويلقي عليهم دروسا في “حسن الأداء” القضائي، و يرسل تهديدات علنية إلى قاض كبير مسؤول عن اخطر ملف في البلاد من دون ان يرف له جفن، وسط صمت السلطة القضائيةو الافظع صمت أركان السلطة السياسية من دون استثناء. ما تقدم يمثل مفارقة لافتة في المسألة اللبنانية. فالبلاد التي يراد إنقاذها من شبح الجوع، هي بصريح العبارة محتلة. والقوى السياسية الممثلة في البرلمان ، والتي يقال انها صاحبة الشرعية معظمها متواطئ مع الاحتلال، و ساكت أمام نتائج الاحتلال، و الأهم أنها بمعظمها خاضعة لمشيئة حامل السلاح ، الذي لا يكتفي بالتلويح به، بل بإستخدامه كما يحلو له لحسم أي خلاف جدي مع خصومه. إن التفاهم الفرنسي – الإيراني، و الحكومة الراهنة ليسا اكثر من ترجمة طبيعية لواقع لبنان المحتل ، بتواطؤ دولي معيب وخضوع داخلي مخجل، و فساد أخلاقي، سياسي، وسلطوي لا مثيل له في العالم.
المصدر: علي حمادة – صحيفة النهار