هل يشهد سعر الدولار تراجعاً كبيراً؟
مما لا شك فيه أن المواطن اللبناني أصبح يعيش على وتيرة سعر دولار السوق السوداء وذلك في أبسط تفاصيل حياته اليومية. ربط أسعار السلع والبضائع والخدمات بسعر دولار السوق السوداء هو ضرب للأمن الإجتماعي إذ من المستحيل وضع ميزانية عائلية نظرًا إلى أن الأسعار تتبدّل يوميًا في مقابل مدخول عائلي شبه ثابت بعملة متحركة.
قبل تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، كان الدولار الأميركي في السوق السوداء يُتداول على سعر 19000 ليرة للدولار الواحد قبل أن ينخفض إلى 16200 ليرة مع إعلان التشكيلة الحكومية و14000 ليرة مع إقرار البيان الوزاري. الفترة التي فصلت إقرار البيان الوزاري عن جلسة الثقة، شهدت إرتفاعًا بسعر صرف الدولار إلى 15600 ليرة ليعاود الإنخفاض إلى 14550 ليرة مع منح الثقة للحكومة. ومنذ ذلك الوقت والدولار يسير في مسار تصاعدي.
هذا في ما يتعلّق بتسلسلّ الأحداث، أما عن الأسباب، فيُشير الباحث الإقتصادي جاسم عجاقة إلى أن “الصدمة الإيجابية التي تلت تشكيل الحكومة لم يتمّ إستثمارها بشكل جيد من خلال اتخاذ إجراءات فورية تسمح بلجم دولار السوق السوداء والتي تتمثلّ – أي الإجراءات – بعملية ضرب للسوق السوداء ومكافحة الإحتكار والتهريب بالإضافة إلى إلزام التجار قبول وسائل الدفع الأخرى”.
ويتابع عجاقة “يضاف إلى ذلك عامل الأجواء السياسية المتلبّدة حول عدد من الملفات والشك في قدرة الحكومة العتيدة على معالجتها على مثال ملف ترسيم الحدود البحرية وملف الكهرباء والإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي في ظل حاجة قصوى وملحة للدولارات في المرحلة المقبلة التي تفصلنا عن التوصل إلى برنامج مع صندوق النقد الدولي”. إضافة إلى هذه العوامل، يرى عجاقة أن المضاربة هي المسؤول الأساسي عن تقلبات الدولار السريعة صعودا وانخفاضاً، إضافة إلى إرتفاع السعر “من خلال رغبة المحتكرين تثبيت أرباحهم من الدولارات التي اشتروها على سعر منخفض وهي تُقدّر بحدود المليار دولار تم بيعها في الفترة التي تلت تشكيل الحكومة”.
وعن تطور سعر صرف الدولار في السوق السوداء في المرحلة القادمة، يقول عجاقة “سعر صرف الدولار يتبع ديناميكية مبنية على نماذج ستوكاستيكية (Stochastic Process) بالإضافة إلى ديناميكية يفرضها التلاعب من قبل التطبيقات وهو ما يجعل التكهنات صعبة فيما يخصّ السعر. لكن هناك إمكانية لمعرفة التوجه من خلال القول الآتي: إذا قامت الحكومة بإجراءات لجم السوق السوداء وإصلاحات في عدد من القطاعات التي لا تتطلّب الإصلاحات فيها وقتًا طويلًا، إضافة إلى خطة تعاف واضحة المعالم تتحمّل فيها الدولة مسؤولية ديونها (قسم كبير منها أموال مودعين)، مع خارطة إصلاحات واضحة شفافة وذات صدقية، فإن سعر الصرف سيتجه حتمًا نحو الإنخفاض وبنسبٍ كبيرة. في حين أن المماطلة والتلكؤ في تنفيذ الإصلاحات ستؤدّي حتمًا إلى إرتفاع سعر الصرف”.
وختم عجاقة بالقول “المطلوب من حكومة الرئيس ميقاتي عدم إظهار أي تردّد في خطواتها الإصلاحية تحت طائلة ضرب مصداقيتها، فتَرَدُدْ القائد قاتلٌ لكتيبته، والعزم لأُولي العزم منهج وسلوك في حل الأزمات”.
المصدر: MTV