هذا ما تريده طهران للبنان
كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان” :
يبالغ أشقّاؤنا السّياديون في الزنّ على وتر “الإحتلال الإيراني” للبنان. فإيران، على الرغم من تصريحات مجانين عظمتها،ومن أبوتها واحتضانها وتمويلها لميليشيا الحشد الشعبي اللبناني، لم تتصرف في لبنان كجيش الاحتلال السوري الذي كان يخوض معاركه هنا، ويختار رئيس جمهورية لبنان ورئيس حكومته ووزراءه و أكثر من ثلثي نوابه ويتحكّم برقابهم وخياراتهم، وذلك في خلال مدة قاربت الثلاثين عاماً.
ولا يمكن إسقاط صفة المحتل على الجمهورية الإسلامية كما على جيش العدو الإسرائيلي، الذي اجتاح لبنان حتى حدود عاصمته، ولم تصمد تركيبته العسكرية (جيش لبنان الجنوبي) ساعة بعد انسحابه في أيار من العام 2000.
لم يتعاطَ قادة الجمهورية الإسلامية مع الجمهورية اللبنانية، كما تعاطى معها ياسر عرفات الذي قال غداة عودته إلى رام الله، بما معناه، كيف لمن حكم لبنان أن يجد صعوبة في حكم الدولة الفلسطينية المنشودة؟ إحتل الفلسطينيون في خلال حروب لبنان مناطق واسعة منه وكانوا جزءاً من قرار حكوماته وقياداته لأعوام طويلة. هذا وقد تصارعت الإحتلالات الثلاثة على أرض لبنان، من شماله إلى جنوبه، في حروب دموية قاسية كان اللبنانيون جزءاً منها، مشاركين وضحايا.
يجدر القول، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلى الرغم من حضورها العسكري على مستوى القرار القيادي والتخطيط العسكري، لم تنخرط في القتال المباشر في لبنان، أقلّه بعدما أنشأت لها ذراعاً عسكرياً قوياً له امتدادات سياسية في البرلمان والحكومة.
وإذا كان لبعض إخوتنا السياديين أن يشنوا مقاومة ضد الإحتلال الإيراني فما هي خطتهم؟ هل سيحررون لبنان من ميليشيا إيران في لبنان؟ إنه ضرب من ضروب المستحيل. كان من الأجدى التحرك الميداني في يوم لقاء وزير خارجية الجمهورية الإسلامية حسين أمير عبد اللهيان بنظيره “المفحوط به” عبدالله أبو حبيب.
كاد وزيرنا، لشدة فرحته بضيفه، أن يفتح له شخصياً باب سيارته! طبعاً لم يخطر ببال أبي حبيب أن يثير مع ضيفه قضية مقتل “هاشم السلمان” على مدخل سفارة جمهورية الملالي ذات يوم.
في الخط المعاكس للسياديين، يبالغ الممانعون في تنزيه المبادرات الإيرانية والعروضات الأخوية والسخيّة (إنشاء معملي توليد طاقة في بيروت والجنوب)، عن العنوان العريض لتحرّكهم ألا وهو جرّ لبنان كله رئاسةً وحكومة وجيشاً ومقاومةً وشعباً، إلى محور الممانعة، بعدما نجحوا، بفعل عوامل سياسية وروسية ومصلحية، في المحافظة على ديكتاتور الشام في سدة الحكم، وفي تحرير أفغانستان وإعادتها إلى كنف التخلّف المتمثل بـ “نيو طالبان” وفي الجلوس مع “السُعوديين” على طاولة حوار، كما في العودة مجدداً إلى محادثات فيينا.
يريد نظام الملالي للبنان، سواء عبر ميليشياه وأدواته، أو عبر مبادراته، أن يتحوّل تدريجياً إلى بلد يدور في فلكه، ويخضع لنفوذه بطريقة ما.
ولعل الإختصار الأفضل لما تريده طهران للبنان ما عنونته صحيفة “الأخبار” صباح السبت 9 تشرين الأول 2021 ميلادي:
“وزير الخارجية الإيراني لمضيفيه: تشبّهوا بالأفغان والعراقيين” كان ينقص “الفنزويليين” كي يكتمل التحوّل !
مواضيع مماثلة للكاتب:
مش كل صهر سندة ضهر | شبيحة “الحزب” بالمرصاد | أبو الجماجم |