المعركة الوجوديّة تفرض نفسها… “الوطنية” اللبنانية في مواجهة “ولاية الفقيه”

إذا كانت أحداث عين الرمانة والطيونة إنتهت من الناحية الأمنية، إلا أن مفاعيلها السياسية بدأت وعنوانها الأساسي إعادة تصويب البوصلة باتجاه مشروع الدولة.
ليست أحداث عين الرمانة وفرن الشباك والطيونة معركة “القوات”، بل إنها معركة كل لبناني حرّ، فإضافةً إلى التنظيمات المسيحية فإن من يقف في المواجهة إلى جانب “القوات” هو الجمهور السنّي الذي رفع شعار “لبنان أولاً” وما زال يؤمن به، والغالبية الساحقة من الدروز التي تدافع عن وجودها، والأهم أنها معركة الأحرار الشيعة الذين يواجهون “حزب الله” ويدفعون الفاتورة الأغلى.

وبعد خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” توضّحت الصورة أكثر، وبات في لبنان إتجاهان: الأول يقوده نصرالله القائل “إن سلاحنا وتدريبنا وتمويلنا وعقيدتنا من إيران، وأنا أفتخر بأن أكون جندياً في ولاية الفقيه”. والإتجاه الثاني هو لبناني صرف، وتُشكّل “القوات اللبنانية” عموده الفقري ويضم كل الأحزاب والشخصيات المسيحية والإسلامية السيادية التي وضعت نفسها كحامية للمشاعر الوطنية وكيان لبنان.

وأمام كل ما يحصل، فإن تهديد نصرالله بامتلاكه أكثر من مئة ألف مقاتل، من ثمّ تمنينه المسيحيين بأنه دافع عنهم وقوله هل كنتم قادرين على الصمود أمام “داعش” يدفع العديد من المراجع المسيحية وعلى رأسها الكنيسة لاستنكار هذا الكلام واعتباره إهانة بحق المسيحي وكل لبناني.

وترى الكنيسة أن من يدافع عن لبنان، مسيحيين ومسلمين، هو الجيش اللبناني فقط لا غير، ولا أحد أعطى “حزب الله” وكالة شرعية للدفاع بل إن قتاله في سوريا واليمن والعراق هو لخدمة المشروع الأكبر الذي تتزعّمه إيران.

وفي ردّ مليء بالعنفوان، تسأل الكنيسة: هل نحن طارئون على هذه الأرض؟ فليقرأ كل من يريد الحديث في الشأن العام التاريخ جيداً وليتّعظ، فالبطريركية المارونية وشعبها قاوما على مدى 1400 سنة وصمدا وبنيا لبنان الكبير ودفعا فاتورة دمّ وشهادة وواجها جحافل الغزاة، وشعبها كان قادراً على مقاومة “داعش”.

من هنا، فإن الأوساط المسيحية لم ترَ في خطاب نصرالله إلا محاولة تعويم للذات وتلميعاً للصورة وتهديداً بفائض القوة، وبالتالي فإن المواجهة القادمة ستكون تحت عنوان أي لبنان نريد، ولن يستطيع تمرير مشروعه حتى لو امتلك ملايين المقاتلين.

ويؤكّد المسيحيون عموماً والموارنة خصوصاً أنهم أبناء هذه الأرض وهم ينتمون إلى مدرسة البطريرك الأول للموارنة مار يوحنا مارون، أب القومية اللبنانية، ذاك الفكر والنضال الذي أدى إلى بناء وطن لكل الطوائف، في حين أن تهديدهم من قِبل قوى تحمل أفكاراً خارجية لن يُجدي نفعاً، ولذلك باتت المواجهة مفتوحة بين الولاء للكيان وموالاة ولاية الفقيه.

المصدر: ألان سركيس – نداء الوطن

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us