قراءة في مؤتمر سليمان فرنجية: شو إلك عالفيليبين؟!
كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:
“أنا مش جايبه لقدمه فدية”، “هيدا ظلم”، “المشروع المسيحي”، “نحنا إلنا عالفيليبين”..
عبارات وردت في مؤتمر صحفي، عقده رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بعد التّصريحات المسجّلة لوزير الإعلام جورج قرداحي والّتي تسبّبت بأزمة دبلوماسيّة مع دول الخليج، فحتى لحظة كتابة هذا المقال، كانت أربع دول قد عمدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع لبنان، وهي: السعودية، البحرين، الكويت والإمارات..
فرنجية رفض في إطلالته إدانة قرداحي أو استقالته، كما رفض ما أسماه التعاطي بدونيّة مع لبنان واللّبنانيين من قبل الدّول العربية، معتبراً أنّ “الرعايا اللبنانيين يعطون الدّول أكثر مما يأخذون، وهم يعملون بعرق جبينهم “ومش إعاشة”، وهم ليسوا لاجئين”.
موقف فرنجية وفق متابعين، يأتي في سياق تقديم أوراق الاعتماد باكراً لدى حزب الله، وذلك بهدف حجز كرسيّ رئاسة الجمهورية لـ”بيك زغرتا”، بعد مغادرة عون بعبدا في العام المقبل.
هذا الموقف ليس غريباً على فرنجية، فيؤكّد هؤلاء أنّ “نور عين السيد”، يعلم جيداً ما يريده الحزب منه، وأنّ رفع السّقف في هذه المرحلة ليس على سبيل الصّدفة، وإنّما لتحجيم رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، والّذي تمايز مؤخراً في العديد من مواقفه عن حزب الله، من بينها الموقف من قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار.
ويرى هؤلاء أنّ “فرنجية يستثمر اللّحظة”، فهو سليل السّياسة اللبنانية ويعلم جيداً قواعد لعبة الشطرنج التي تحكم كلّ مرحلة، ويدرك جيداً أنّه في ميزان القوى الحالي لن يأتي رئيسٌ لا يحظى برضى الثنائي.
وفي سؤالٍ عن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وحظوظه، يجيب هؤلاء: لا برّي سينسى كلمة “البلطجي”، ولا الحزب سيثق يوماً بتقلبات باسيل، ويضيفون: “السؤال الأصحّ طرحه في هذه الحالة، هو: هل من شخصيّة مارونية اليوم، تحوذ على رضا الثنائي الشيعي غير فرنجية؟”.
إلى ذلك، فإنّ خطاب فرنجية، الذي جمع بين الشعبوية والبكوية، لم يستغلّ الظرف السياسي فقط، بل أيضاً أحيا طائر الفينيق الذي كان نوعاً ما خامداً في داخل “صياد زغرتا”، وهذا لا نورده في سياق المدح بتاتاً.
فالـ”بيك” فرنجية، وإن كان محقاً في دفاعه عن المواطنين اللبنانيين المقيمين في الخليج وعن مصالحهم، إلا أنّ “النزعة” الطبقية التي اعتمدها في إشارته إلى الفيلبيين، ليست محقة، ولا يمكن أن تمرّ مرور الكرام!
فقبل أن “يتنطح” فرنجية قائلاً، “نحنا إلنا عالفيليبين”، عليه أولاً أن يقارن بين وضع العمالة الأجنبية في لبنان ووضع العمالة اللبنانية في دول الخليج. وليسأل، إن كانت جوازات سفر المواطنين اللبنانيين تصادر فور وصولهم؟ وإن كانت رواتبهم تقاس بالقروش، وإن كانوا يحرمون من حقوقهم الإنسانية، ومن التواصل مع عوائلهم.. أو حتى من حريتهم!
إلى فرنجية “ما إلك شي عالفيليبين”، والعاملة المنزلية، تملك اسماً تعرّف به، ولا تنسب إلى دولة، فقط لأنك أردت أن تتحدث بفوقية.
إلى فرنجية، “ما إلك شي”، على أيّ عامل أجنبي في لبنان، فنظام الكفالة هو أسوأ ما أنتجه هذا البلد الذي يتنفّس سياسيّوه كما أغلب مواطنيه عنصرية! والعامل الأجنبي فيه يحرم من كافّة حقوقه حتّى يكاد ينسى أنّه “إنسان”، لأنّ اللبناني “ما في متله”، و”ربنا خلقه وكسر القالب”!
ما قاله فرنجية ليس زلّة، فقد سبقه باسيل بأشواط حينما أعلن أمام آلاف اللبنانيين رفضه منح الجنسية لأبناء المرأة اللبنانية المتزوجة من سوري وفلسطيني على وجه الخصوص.
كما سبق جورج قرداحي أيضاً وزير الخارجية السابق شربل وهبة، والذي استعمل صفة البدو من باب تحقير الآخر! ومن دهاء الزمن، أنّ قرداحي في حينها غرّد مندّداً به ومطالباً باستقالته!
باختصار، هذه الفوقية هي مدرسةٌ بالسياسة اللبنانية الساقطة، فحتى رئيس الجمهورية، في رصيده العديد من الشتائم بحقّ إعلاميين وإعلاميات وبحقّ شعب كامل.. أوليس هو من توّجه لنا يوماً بعبارة “الشعب الطز”!
مواضيع مماثلة للكاتب:
أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! | نعيم قاسم “يعلّم” على الجيش.. الأمين العام “بالتزكية” ليس أميناً! |