عزلة لبنان الخليجية تتسع.. والأزمة تشتد!

أخبار بارزة, لبنان 31 تشرين الأول, 2021

تشكل تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي المسيئة للمملكة العربية السعودية ودول الخليج أنموذجا للألغام المزروعة في طريق تحسين علاقات لبنان بالحاضنة العربية.

وقد انضمت الكويت أمس إلى السعودية والبحرين اللتين سحبتا سفيريهما من بيروت وطالبتا سفيري لبنان لديهما بالمغادرة، وأعلنت وزارة الخارجية في بيان أن الكويت قررت استدعاء سفيرها لدى لبنان عبدالعال القناعي للتشاور ومغادرة القائم بأعمال سفارة لبنان هادي الهاشم خلال 48 ساعة.

وأكدت أن ذلك القرار يأتي «نظرا لإمعان الجمهورية اللبنانية واستمرارها في التصريحات السلبية وعدم معالجة المواقف المرفوضة والمستهجنة ضد المملكة العربية السعودية الشقيقة وباقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إضافة إلى عدم اتخاذ حكومة الجمهورية اللبنانية الإجراءات الكفيلة لردع عمليات التهريب المستمرة والمتزايدة لآفة المخدرات إلى الكويت وباقي دول مجلس التعاون».

وأضافت أنها «إذ تأسف لما آلت إليه الأمور فإنها في الوقت ذاته لتؤكد حرصها على الأشقاء اللبنانيين المقيمين في الكويت وعدم المساس بهم».

من جهتها، أعلنت الإمارات سحب ديبلوماسييها من لبنان «تضامنا مع المملكة العربية السعودية الشقيقة في ظل النهج غير المقبول من قبل بعض المسؤولين اللبنانيين تجاه المملكة» وقررت كذلك منع مواطنيها من السفر إلى لبنان.

وفيما يجهد المسؤولون اللبنانيون لاحتواء تداعيات الأزمة التي سببتها التصريحات، أبدى الرئيس ميشال عون حرصه على إقامة أفضل علاقات ممكنة مع المملكة العربية السعودية.

وأكدت رئاسة الجمهورية اللبنانية في بيان منشور على صفحتها في «فيسبوك» أن عون تابع المداولات التي طرحت خلال الاجتماع الذي عقدته بمقر وزارة الخارجية خلية الأزمة التي أنشأها رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، بالتشاور مع رئيس الجمهورية.

ونقل البيان عن عون تأكيده على «حرصه على إقامة أفضل وأطيب العلاقات مع المملكة العربية السعودية الشقيقة ومأسسة هذه العلاقات وترسيخها من خلال توقيع الاتفاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، بحيث لا تؤثر عليها المواقف والآراء التي تصدر عن البعض ولا تتسبب في أزمة بين البلدين، لاسيما أن مثل هذا الأمر تكرر أكثر من مرة».

وتشير الإدانات المحلية والتحركات الخارجية إلى أن التبرير الرسمي المعتمد بأن تصريحات قرداحي سابقة لتوزيره لم تعد تكفي، بل أصبحت حجة إضافية تؤخذ على من شكلوا الحكومة، لان ما صدر عن قرداحي من إساءات للمملكة ولدولة الإمارات، كان يجب أن يحول دون منحه الصفة الوزارية من الأساس، وقد أحيط المعنيون في بيروت علما أن هذه التوضيحات الصادرة عن الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي لم تعد تنفع.

وأمام هذه التعقيدات جاء من ينصح ميقاتي الموجود في لندن بأن بيع العواطف لم يعد ينفع وان عليه ان يتحرك مع رئيس الجمهورية للخروج من هذه المتاهة، وذلك عبر إقناع وزير الإعلام جورج قرداحي بالاستقالة، أو إقالته، وهناك سوابق لبنانية من إقالة الوزير إميل بيطار إلى جورج إفرام وشربل نحاس، نتيجة اختلافهم مع رئيسي الجمهورية والحكومة على مسائل كانوا محقين بمعظمها، وليسوا محقوقين كحالة الوزير قرداحي.

ومن هنا طلب ميقاتي من وزير الخارجية عبدالله بوحبيب البقاء في بيروت وعدم الالتحاق به الى قمة المناخ في غلاسكو لمواكبة التطورات وإنشاء خلية الأزمة برئاسته، وعقدت أول اجتماعاتها في المقر المؤقت لوزارة الخارجية وانضم اليهم القائم بأعمال السفارة الأميركية في لبنان ريتشارد مايكلز لنصف ساعة، ثم باشرت مباحثاتها سعيا لاحتواء الأزمة.

وبعد اجتماع خلية الأزمة أشار وزير الخارجية الى حضور القائم بالأعمال الأميركي، وقال: تواصلنا مع الأميركيين لحضور الاجتماع لأنهم قادرون على معالجة الأزمة الراهنة.

وأضاف: الحكومة لا تعتزم تقديم استقالتها، مؤكدا أن الجهات الدولية التي تواصل معها رئيس الوزراء نجيب ميقاتي طلبت منه عدم التفكير في الاستقالة.

وقد كانت الديبلوماسية الأميركية والفرنسية تواكب الاتصالات الهادفة الى إطفاء نار الأزمة، وفي معلومات لـ«الأنباء»، أن الرئيس ميقاتي كان ينوي قطع زيارته الى لندن والعودة الى بيروت لتقديم استقالته، إلا أن اتصالات أميركية – فرنسية نصحته بمتابعة مؤتمر المناخ وكل الأمور من لندن، وعلى هذا أجرى ميقاتي اتصالا بالرئيس عون وأقنعه بحتمية إقالة قرداحي، ما لم يبادر هو شخصيا الى الاستقالة، وقد تبنى الرئيس عون إقناع حزب الله بالأمر، أما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي يلعب دور الحاضن السياسي لقرداحي فقد رفض استقالته من حيث المبدأ، لكن جاء من يلفت نظره إلى أن تمسكه بقرداحي قد يقطع عليه الطريق الى رئاسة الجمهورية العتيدة. وهكذا لانت عريكته وجاء الى بكركي والتقى البطريرك بشارة الراعي، وخرج ليقول ان قرداحي عرض عليه أن يستقيل في بعبدا أو في بكركي لكنه منعه، إلا انه بعد لقاء البطريرك عاد وقال إنه ترك الأمر لقرداحي شخصيا، ما يعني سحب الاعتراض على استقالته.

وبعد لقاء استمر لنحو 45 دقيقة، غادر وزير الإعلام قرداحي بكركي من الخلوة مع البطريرك دون الكشف عما دار فيها.

وذكر المسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض وفي حديث لجريدة «النهار» أن «قرداحي أعرب عن عدم تمسكه بأي منصب وزاري، فيما دعاه الراعي إلى تغليب مصلحة لبنان فوق أي مصلحة أخرى».

وأكد الراعي، خلال اللقاء، على «موقفه السابق من الحياد وعدم التعدي على أي شخص أو دولة». وأبلغ قرداحي «ضرورة حسن سير العلاقات مع كل الدول بما فيها العربية»، مؤكدا أن «كل ما يسيء لهذا العلاقات غير مقبول من أي جهة».

وبعد اجتماع بكركي، تكثف الاتصالات مع المرجعيات السياسية ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية للخروج بموقف موحد، لطريقة إخراج الاستقالة، وفق مصادر متابعة.

وفي معلومات لـ«الأنباء»، انه تقرر اختيار وزير آخر للإعلام يكون من حصة الرئيس عون هذه المرة.

الأوساط المتابعة ردت حرص الأميركيين والأوروبيين على حكومة ميقاتي، الى رغبتهم في إجراء الانتخابات المنتظرة، ولأن استقالته تعني تطيير الانتخابات.

واستنكر رؤساء الحكومات السابقون، فؤاد السنيورة، سعد الحريري وتمام سلام في بيان، «المواقف الخارجة عن الأصول الأخلاقية» سواء تلك التي أدلى بها قرداحي قبل تشكيل الحكومة، أو بطبيعة التبريرات. وقالوا: «لقد طفح الكيل، ولبنان لا يمكن أن يكون إلا عربيا مخلصا متمسكا بإخوانه الذين أسهموا في دعم استقلاله وحرياته وسيادته وتألقه وتفوقه».

المصدر : الانباء الكويتية

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us