بعد خسارته الأغلبية البرلمانية المطلقة… ماذا ينتظر ماكرون؟
مُني الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بنكسة سياسية، الأحد، في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية بعد فقدانه الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية، ما سيعقد قدرته على الحكم، إثر انتخابات حقق فيها اليمين المتطرف واليسار اختراقا كبيرا.
وحسب التوقعات الأولية لمراكز الاستطلاعات، جاء ائتلاف “معا” بقيادة رئيس الجمهورية في صدارة النتائج محققا بين 200 و260 مقعدا، ما يعطيه غالبية نسبية لا تمكنه من الحكم وحيدا، علما بأن الغالبية المطلقة تبلغ 289 نائبا (من أصل 577).
من جهته، حصل “الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد” اليساري بزعامة جان لوك ميلانشون على 150 إلى 200 مقعد ليكون أكبر كتلة معارضة في الجمعية الوطنية، بحسب التوقعات.
وفاز حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، بزعامة مارين لوبن، بعدد مقاعد يراوح بين 60 و100 مقعد، وفق المصادر ذاتها، ما يمثل اختراقا كبيرا.
وفي أول تعليق لمعسكر الرئيس، أقر الوزير غابريال آتال بأن النتائج “بعيدة عما كنا نأمله ما يرسم وضعا غير مسبوق في الحياة السياسية والبرلمانية، ما سيجبرنا على تجاوز ثوابتنا وانقساماتنا”. ووصف وزير المالية، برونو لومير، النتيجة بأنها “صدمة ديمقراطية”.
واعتبر ميلانشون، مساء الأحد، أن خسارة ائتلاف ماكرون الغالبية المطلقة هي “قبل كل شيء فشل انتخابي” للرئيس الفرنسي. وأضاف الزعيم اليساري أنه “وضع غير متوقع بالكامل وغير مسبوق تماما. إن هزيمة الحزب الرئاسي كاملة وليست هناك أي غالبية”.
وقال رئيس حزب التجمع الوطني اليميني جوردان بارديلا: “الدرس المستفاد من هذه الليلة هو أن الشعب الفرنسي جعل إيمانويل ماكرون رئيس أقلية”، معتبرا نتيجة الانتخابات بمثابة “تسونامي” سياسي.
وتضاعف عدد مقاعد الحزب 15 مرة بعد أن وصلت زعيمته لوبن إلى الدورة الحاسمة من الانتخابات الرئاسية الأخيرة وأعيد انتخابها، الأحد، نائبة في البرلمان، ما سيخوله تشكيل كتلة للمرة الأولى منذ أكثر من 35 عاما.
وقالت لوبن بفخر أمام أنصارها في دائرتها الانتخابية بمنطقة هينين-بومون شمال البلاد إن الكتلة البرلمانية التي حصل عليها التجمع الوطني هي “الأكثر عددا بفارق كبير في تاريخ عائلتنا السياسية”. وتعهدت بممارسة “معارضة حازمة” و”مسؤولة وتحترم” المؤسسات.
أما اليمين التقليدي فقد فاز بنحو 60 مقعدا ويمكن أن يلعب دورا حاسما في البرلمان الجديد رغم أنه خسر مكانته كأكبر كتلة معارضة في المجلس.
وإذا تأكدت التوقعات، سيتعين على ماكرون، الذي أعيد انتخابه في أبريل لولاية ثانية، أن يجد تحالفات لتنفيذ برنامجه الإصلاحي على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وقد أقر وزراء ومساعدون لماكرون بذلك، قائلين إنه سيتعين عليهم الآن التواصل مع شخصيات سياسة خارج تحالفهم لحكم البلاد.
ومن المرجح أن تضر النتائج بالاستقرار السياسي في البلاد. وتوقع الخبير السياسي، آلان دوهامل، في تصريح لـ”فرانس برس” أن يكون كل تصويت على مشروع قانون “مفتوحا على المجهول” لعدم وجود غالبية مطلقة.
وتختتم هذه الانتخابات مشهدا انتخابيا طويلا من شأنه أن يؤكد إعادة التشكيل الواسعة للمشهد السياسي في فرنسا حول ثلاث كتل كبرى على حساب الأحزاب التقليدية اليمينية واليسارية، وهو تحول بدأ مع انتخاب ماكرون رئيسا عام 2017، وفق “فرانس برس”.
وتقول “رويترز” إن من شأن نتيجة الانتخابات أن تمهد لفترة من عدم اليقين السياسي تتطلب درجة من تقاسم السلطة بين الأحزاب أو الشلل السياسي وربما إعادة الانتخابات.
ووصفت رشيدة داتي، من حزب الجمهوريين المحافظ، النتيجة بأنها “فشل مرير” لماكرون وقالت إنه يتعين عليه تعيين رئيس وزراء جديد.
وإذا تأكدت النتائج، سيتعين على ماكرون وحلفائه إما إلى تحالف مع الجمهوريين أو إدارة حكومة أقلية سيتعين عليها التفاوض على القوانين مع الأحزاب الأخرى على أساس كل حالة على حدة.
لكن لا يوجد نص محدد في فرنسا يحدد ما يجب فعله. وستتوقف قدرة ماكرون على مواصلة الإصلاح لثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو على قدرته على حشد المعتدلين خارج تحالفه على اليمين.
وقالت أوليفيا غريغوار المتحدثة باسم الحكومة: “هناك معتدلون على المقاعد وعلى اليمين وعلى اليسار. هناك اشتراكيون معتدلون وهناك أناس على اليمين ربما يقفون إلى جانبنا فيما يتعلق بالتشريع”.
وبهذه النتيجة، يمكن لحزب الجمهوريين وحلفائه أيضا الحصول على ما يصل إلى 100 مقعد ما يحتمل أن يجعلهم “صانعي الملوك”، مع العلم أن توجهاتهم أكثر توافقا مع ماكرون من أي مجموعة أخرى.
وتقول نيويورك تايمز إن فشل ماكرون في الحصول على الأغلبية المطلقة لن يوقف تنفيذ أجندته المحلية، ولكنه سيعيد السلطة إلى البرلمان.
وقالت إن النتائج توبيخ للرئيس الفرنسي الذي بدا “منفصلا” عن الحملة الانتخابية وأكثر انشغالا بالجهود الدبلوماسية الفرنسية لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا.
المصدر: الحرة
مواضيع ذات صلة :
ماكرون: لا شيء يبرر عدد القتلى الكارثي في غزة | باريس تبدأ مؤتمرها لدعم لبنان.. والـ”1701″ محور الكلمات! | “نحو لبنان جديد وسيادة حقيقية”… نداء إلى ماكرون من نديم الجمّيل |