هل العودة للمفاوضات تعزّز الموقف الإيراني ام تُحبطه؟
كتب هادي جان بو شعيا:
ما كاد يمرّ شهر على استلام الرئيس الأميركي جو بايدن مهامه في مكتبه البيضاوي في البيت الأبيض، حتى ارتفع سقف الطموحات والآمال المعقودة عليه في حلحلة جملة ملفات صعبة ومعقّدة وترجمة الوعود التي قطعها على نفسه، إبّان المعركة الانتخابية الطاحنة التي خاضها بوجه خصمه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي غادر البيت الأبيض راميًا تركة أقل ما يقال عنها أنها منهكة ومضنية وتحتاج ربما لولايتين متتاليتين لإزالة العقبات في قضايا تبدأ في الداخل الأميركي وتكاد تنتهي به.
لعلّ أبرز القضايا التي تؤرق مسار بايدن السياسي تتمثّل بالسياسة الخارجية التي وضع لمساته الأخيرة عليها ليدعّمها بالديبلوماسية القصوى واعادة العلاقات مع حلفاء أميركا التقليديين إلى طبيعتها لمواجهة أعتى العواصف التي تلوح في الأفق.
في وقت يشهد الإتفاق النووي الإيراني مدًّا وجزرًا من قبل إيران التي تلوّح بورقة العودة عن مضامين الإتفاق حتى البروتوكول الطوعي منه واللجوء لتخصيب اليورانيوم بنسبة 60% وأميركا التي تعوّل على مساعي الترويكا الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) لتقريب وجهات النظر. خرجت في الساعات القليلة الماضية مواقف عن أعضاء الكونغرس الأميركي من التعامل مع إيران والتي نستعرضها بأربع قراءات:
القراءة الأولى: تعتبر ان الإتفاق النووي مع إيران هو أسوأ إتفاق أبرمته الولايات المتحدة. حيث رأت في خروج ترامب والإنسحاب منه والانتقال إلى ممارسة سياسة الضغط الأقصى مع فرض عقوبات على النظام الإيراني حقًّا مشروعًا. وتؤكد أن أي مسعى لعودة إدارة بايدن إلى هذا الإتفاق سيكون خطأ مميتًا ويُعطي إشارة لإيران بأن عملية الابتزاز التي مارستها عن طريق برنامجها النووي قد حققت الغاية.
القراءة الثانية: تجد أن الإتفاق النووي مع إيران ساهم في توحيد موقف الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين بشأن السياسة تجاه إيران. والخروج من الإتفاق كسر هذا التحالف، إذ لا يمكن أن احراز أي تقدّم بخصوص برنامج إيران الصاروخي او تمويلها للإرهاب من دون إتفاق مع هذه المجموعة من الدول والعودة السريعة إلى خطة العمل المشتركة الشاملة.
القراءة الثالثة: تعبّر عن قلقها من احتمال تخفيف العقوبات عن إيران التي تقدّم دعمًا متواصلاً للإرهاب الدولي، وتظهر تجاهلاً صارخًا لأي إجراءات تقييدية تفرض على برنامجها النووي. وتجد في إيران دولة راعية للإرهاب وكل أفعالها تثبت ذلك، بدءً منا برنامجها النووي مرورًا بالصاروخي الپاليستي، وصولاً إلى أعمالها الخبيثة والمزعزعة للاستقرار في المنطقة. كما تتطرق إلى اشتراط إيران اعفائها من العقوبات قبل العودة إلى المفاوضات بشأن برنامجها النووي الذي ينمّ عن تصميمها على التسلّح النووي. بحيث لا يمكن للولايات المتحدة إظهار أي وهن قد يتجلّى بإعفاء إيران من العقوبات. وتناشد الاستمرار بالعقوبات والضغط على إيران لأن سياسة المهادنة لن تؤدي إلى أي تغيير. ولا يمكن لأميركا تحت أي ظرف من الظروف السماح لإيران بتطوير سلاح نووي. وتخلص أنه بغية الحفاظ على أمن أميركا القومي لا يجب إعادة النظر في رفع العقوبات عن إيران.
– القراءة الرابعة: تظهر الحراك الحاصل بهدف إعادة تقديم مشروع قانون الديبلوماسية مع إيران من قبل السيناتور إيد ماركي وعشرة أعضاء ديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي. وأبرز ما ينص عليه:
1- ان التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة سيكون خطوة أساسية لمنع حصول إيران على سلاح نووي ومنع اندلاع نزاع مسلّح مكلف في المستقبل.
2- قيادة الولايات المتحدة الجهود الدولية من أجل تشديد القيود على برنامج الصواريخ الپاليستية الإيراني ومواجهة انتشاره.
3- أن مذكرة الأمن القومي رقم واحد للرئيس بايدن إلى جانب خطوات أخرى ستساعد على خلق مناخ يمكن من خلاله أن تستفيد المؤسسات المالية من الإعفاءات والآليات الموجودة التي تسمح ببيع المواد الزراعية والأغذية والأدوية والمعدات الطبية لإيران ومساعدتها على مواجهة جائحة كوفيد-19.
قراءات عدّة وتمنيات كثيرة ترفعها أروقة الكونغرس الأميركي بمجلسيه، ولكن العبرة تكمن في التطبيق. واي سياسة سينتهجها بايدن حيال ملف إيران الشائك والاشبه بحقل ألغام تتطلّب معالجته صبرًا وحكمة وبصيرة للحيلولة دون الوقوع في بؤرة من الرمال المتحرّكة التي تتهدّد الأمن والاستقرار الدوليين.
مواضيع ذات صلة :
خلال عملية سرقة… هذا ما حدث معه | العلماء يعيدون حيواناً إلى الحياة بعد انقراضه قبل 4000 عام! | المبادرة الفرنسية تتجدّد… بقوة دفع أميركية |