من “الانتقام الشديد” إلى “الرد المحسوب”.. تغيّر اللهجة الإيرانية بشأن الرد على اغتيال هنية
فيما يترقب لبنان والمنطقة نتائج المفاوضات الجارية على خط الدوحة – القاهرة بين حركة “حماس” والوفد الإسرائيلي، تتجه الأنظار الى الرد المرتقب لا سيما الرد الإيراني واليمني والعراقي، وسط تأكيد مصادر في المحور لـ”البناء” أن الردود الثلاثة آتية حتماً وستكون مفاجئة ولن تكون أقل قسوة من ردّ حزب الله.
تغيّر اللهجة
لكن بعد نحو شهر على تلك التهديدات، تحول موقف طهران من “الانتقام الشديد” إلى “الرد المحسوب”، تجنباً لتصعيد قد يؤدي إلى حرب غير متوازنة.
أما أسباب تغير اللهجة فمتعددة، من ضمنها اعتبار إيران أن ميزان القوى في حرب مباشرة مع إسرائيل المدعومة بشكل واسع من الولايات المتحدة يعرض منشآتها النووية والعسكرية والبنية التحتية إلى خطر الاستهداف.
كما أن مسعود بزشكيان الذي تولى الرئاسة مؤخرا مدعوما من التيار الإصلاحي أطلق وعودا كثيرة، أهمها صيانة الحريات المدرجة في الدستور، ومحاربة الفقر والبطالة والتضخم، من أجل ردم الهوة بين النظام والشعب والتي ظهرت بوضوح في عزوف نسبة كبيرة عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وبما أن تحقيق هذه الوعود يتطلب تجنب الحرب من جهة، والدخول في حوار مع الولايات المتحدة حول الملف النووي، ومن ثم الوصول إلى اتفاق يؤدي إلى رفع العقوبات الاقتصادية الصارمة، فإن خيارات إيران باتت واضحة.
تفاوض مع “العدو”
وفي السياق، دخل المرشد الإيراني علي خامنئي على الخط، بأسلوب براغماتي معهود، فأعلن دعمه لرئيس مقرب من التيار الإصلاحي من جهة، وألمح قبل أيام إلى التفاوض “مع العدو” من جهة أخرى.
فخلال تصريحات ألقاها يوم الثلاثاء الماضي واعتُبرت ضوءاً أخضر لبدء الحوار مع واشنطن، قال خامنئي: “لا نعقد آمالنا على العدو، ولكن هذا لا يتعارض مع التعامل معه في مواقف معينة”.
لكن على الرغم من الضوء الأخضر هذا، فقد حدد خامنئي خطوطا حمراء لأي محادثات قد تُجرى من قبل حكومة بزشكيان، مجددا تحذيراته من أن واشنطن ليست جديرة بالثقة.
إلى ذلك، قال خامنئي أيضا: “بعد بذل كل ما في وسعنا، قد يكون التراجع التكتيكي ضروريا في بعض الأحيان، لكن يجب ألا نتخلى عن أهدافنا أو آرائنا”.
تخوف من فوز ترامب
ومعلوم أن الولايات المتحدة تقترب من يوم الانتخابات الرئاسية المقررة في 5 تشرين الثاني، فيما المنافسة على أشدها بين نائبة الرئيس الديمقراطية كامالا هاريس، والرئيس السابق المنسحب من الاتفاق النووي دونالد ترامب.
وتشعر طهران بالتالي بالقلق من عودة ترامب إلى البيت الأبيض، لذا تفضل فوز رئيس ديمقراطي، وهذا التفضيل يشكل عاملا إضافيا في تحول موقفها من “الانتقام الشديد” إلى “الرد المحسوب” الذي لم يتم تحديد سقف زمني له.
في حين أكدت الخارجية الأميركية أنها ستحكم على القيادة الإيرانية من خلال أفعالها، وليس أقوالها، حسب ما نقلت وكلة أسوشييتد برس.
الحكومة الإيرانية على موقفها
وبعد أيام على تأكيد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده سترد لا محالة بشكل دقيق ومدروس على إسرائيل، انتقاماً لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران أواخر الشهر الماضي، جدد البرلمان الإيراني الموقف عينه.
فقد شددت لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إبراهيم عزيزي أن رد بلاده على اغتيال هنية حتمي وحاسم.
كما أضاف أن إيران لا تخشى نتائج هذا الرد، وفق ما أفادت وكالات محلية.
إلا أنه أوضح أن طهران لا ترغب في الوقت عينه بتوسيع الحرب.
وكان عراقجي أعلن قبل أيام أن بلاده سترد لا محالة بشكل دقيق ومدروس على إسرائيل، مشددا في الوقت عينه على أنها لا تخشى التصعيد لكنها لا تسعى إليه.
بدوره أكد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، محمد باقري، أن ما سمّاه “محور المقاومة سيتحرك بشكل منفرد ومستقل”، للانتقام من إسرائيل.
كما شدد على أن “الانتقام لدم هنية، أمر محسوم ومؤكد”.
وتتوقع إسرائيل أن ترد طهران خلال الفترة المقبلة بشكل يتفادى اندلاع حرب شاملة وصراع إقليمي، تماما كما فعل حزب الله الأسبوع الماضي، وإن بشكل مختلف ربما.
كذلك، تترقب الولايات المتحدة رداً إيرانياً متواضعاً.
مواضيع ذات صلة :
التباين الحاد بين ترامب وهاريس يحدد ملامح السياسة الأميركية المقبلة | تفاصيل جديدة تكشف عن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف إيران: إتهام لأميركا بالتواطؤ.. وتوّعد بالرد الحتمي! | ترامب: سأوقف الفوضى |