الفصائل المسلحة تقترب من دمشق: معركة مفصلية تلوح في الأفق
تشهد الساحة السورية تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق، مع اقتراب الفصائل المسلحة من العاصمة دمشق بشكل لم يحدث منذ سنوات. في خطوة تعكس تحولًا جذريًا في مسار الحرب السورية، أعلنت المعارضة المسلحة عن تقدم كبير وسيطرة على عدد من المناطق الحيوية، بينما نفت الحكومة السورية صحة هذه الادعاءات، ما يبرز تباينًا واضحًا في الروايات ويثير تساؤلات حول مستقبل دمشق.
ووفقًا لتصريحات قيادات المعارضة ومنصات إعلامية، تمكنت الفصائل المسلحة من إحكام سيطرتها على منطقتي “كناكر” و”دير ماكر” جنوب غرب دمشق، بعد انسحاب الجيش السوري منهما. وأكد القيادي المعارض حسن عبد الغني، في منشور عبر منصة “تليغرام”، أن المعارضة بدأت تنفيذ المرحلة الأخيرة من عملية “تطويق دمشق”، مشيرًا إلى أن قواتهم أصبحت على بُعد 10 كيلومترات فقط من العاصمة. وفي السياق نفسه، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن المعارضة المسلحة طوّقت بلدات زاكية، خان الشيح، وسعسع في ريف دمشق الجنوبي.
إلى جانب ذلك، حققت المعارضة تقدمًا آخر بالسيطرة على مدينة الصنمين، الواقعة على بعد 20 كيلومترًا من البوابة الجنوبية للعاصمة، وذلك بعد انسحاب قوات الجيش السوري من مواقعها. وتزامن هذا مع تقارير عن انسحاب الجيش من مناطق أخرى مثل عرطوز، ما يشير إلى إعادة تمركز قوات النظام.
من جانبها، نفت وزارة الدفاع السورية ما ورد من أنباء عن انسحاب القوات من ريف دمشق، مؤكدة أن “الطوق الأمني حول العاصمة دمشق لا يمكن كسره”. وفي تصريح له خلال جولة تفقدية للوحدات الشرطية في دمشق، شدد وزير الداخلية السوري اللواء محمد الرحمون على أن “الوضع تحت السيطرة”، مضيفًا أن الأصوات التي تُسمع في المنطقة تعود إلى عمليات استهداف للمجموعات الإرهابية جنوب البلاد.
في ظل هذه التطورات، أصدرت الرئاسة السورية بيانًا نفت فيه الشائعات المتداولة حول مغادرة الرئيس بشار الأسد دمشق أو قيامه بزيارات خارجية خاطفة. وجاء في البيان أن “هذه الأخبار الكاذبة تهدف إلى إثارة البلبلة والتأثير على الروح المعنوية للشعب السوري”. وأضاف البيان أن “الرئيس الأسد يتابع عمله ومهامه الوطنية والدستورية من العاصمة دمشق”، مشددًا على أن جميع الأخبار والمواقف الرسمية المتعلقة بالرئاسة تصدر حصريًا عن منصات الإعلام الوطني.
على الجانب الآخر، تصاعدت نبرة الخطاب لدى قيادات المعارضة، حيث دعا أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام، مقاتليه إلى الزحف نحو العاصمة، معتبرًا أن دمشق هي “الهدف النهائي”. كما أعلنت غرفة عمليات الجنوب، التي تضم فصائل معارضة من درعا والقنيطرة والسويداء، أن التنسيق مستمر لتوسيع نطاق العمليات وتطويق العاصمة من جهات متعددة.
في ظل هذه التطورات، دعا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، جاير بيدرسن، إلى محادثات عاجلة في جنيف لبحث سبل انتقال سياسي منظم في سوريا. وأكد بيدرسن أن تنفيذ القرار الأممي رقم 2254، الذي ينص على صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، أصبح ضرورة ملحة. من جهته، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى وقف الأعمال القتالية فورًا وبدء حوار سياسي بين الحكومة السورية والمعارضة المشروعة، مشددًا على أن روسيا ستواصل دعم الحكومة، لكنها مستعدة لدعم حوار بنّاء.
مع اقتراب الفصائل المسلحة من دمشق، تتزايد المخاوف من اندلاع معركة كبرى قد تُسفر عن خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات. وبينما تسعى الحكومة السورية لإعادة تنظيم قواتها في مواجهة الهجوم المتصاعد، تحاول المعارضة الاستفادة من الزخم الميداني لتحقيق مكاسب استراتيجية قد تغيّر المعادلة. في هذا السياق، يرى مراقبون أن المعركة القادمة قد تكون فاصلة في تحديد مستقبل دمشق ومصير النظام السوري.
مواضيع ذات صلة :
مكسيم خليل يزور قبر والدته في دمشق بعد غياب دام أكثر من عقد | تظاهرات غاضبة في دمشق عقب إحراق شجرة الميلاد | وفد قطري رفيع وصل إلى دمشق لعقد لقاءات مع المسؤولين السوريين |