العالم يودع البابا فرنسيس في جنازة مهيبة

رحيل البابا فرنسيس
في مشهد طبعه الحزن والتأثر العميق، يودّع العالم اليوم (السبت) بابا الفاتيكان فرنسيس، الذي فارق الحياة عن عمر ناهز 88 عامًا، في مقر إقامته بدار القديسة مارتا داخل الفاتيكان. وكان الفاتيكان قد أعلن وفاته صباح الإثنين، بعد معاناة صحية استمرت منذ 18 فبراير/شباط الماضي، إثر إصابته بجلطة دماغية.
البابا فرنسيس، المولود باسم خورخي ماريو بيرغوليو في بوينس آيرس عام 1936 لعائلة مهاجرة من أصول إيطالية، أصبح أول بابا من القارة الأميركية، وساهم طوال حبريته في نقل الكنيسة الكاثوليكية إلى آفاق أكثر قربًا من الفقراء والمهمشين.
مراسم وداع استثنائية
مع ساعات الفجر الأولى، بدأت الحشود بالتوافد إلى ساحة بازيليك القديس بطرس في روما. وعندما نُقل نعش البابا إلى الساحة، استُقبل بالتصفيق الحار من آلاف المؤمنين، الذين رفع بعضهم أعلام بلدانهم وصور البابا الراحل تعبيرًا عن حبهم وامتنانهم.
وقبيل بدء الجنازة، دقّت أجراس الكاتدرائية الكبرى إيذانًا بالحزن الذي خيّم على المكان. وترأس القداس الجنائزي عميد مجمع الكرادلة الإيطالي، الكاردينال جوفاني باتيستا ري، الذي ألقى عظة مؤثرة قال فيها:
“كان البابا رجلاً لقلب مفتوح، صديقًا لكل من طرق بابه”.
في مظهر غير معتاد، ركض عدد من المشاركين لحجز مقاعد قريبة من المذبح لحظة فتح الساحة أمام الجماهير، وسط إجراءات أمنية مشددة.
حضور عالمي واسع
تحولت مراسم تشييع البابا فرنسيس إلى حدث عالمي، حضره أكثر من 170 وفدًا رسميًا، من بينهم ملوك ورؤساء دول وقادة حكومات، في مشهد أعاد إلى الأذهان جنازة البابا يوحنا بولس الثاني عام 2005.
من بين أبرز الشخصيات التي شاركت:
•الرئيس جوزاف عون والسيدة الأولى نعمت عون
• الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزوجته.
• الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
• المستشار الألماني أولاف شولتس.
• رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وولي العهد الأمير وليام.
• الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
• الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
كما حضر قادة من أميركا اللاتينية، حيث تعود جذور البابا، منهم الرئيسان الأرجنتيني خافيير ميلي والبرازيلي لولا دا سيلفا. ومن العالم العربي، حضر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وزوجته. ومن إسرائيل، حضر السفير يارون زيدمان.
أجواء أمنية مشددة
بسبب حساسية الحدث، أحاطت قوات الأمن الإيطالية والفاتيكانية بالمكان، وأقيمت منطقة حظر جوي فوق روما. وتم نشر قناصة فوق أسطح المباني المحيطة، بالإضافة إلى وحدات مضادة للطائرات المسيّرة.
وضعت شاشات عرض ضخمة على طول طريق “فيا ديلا كونسيلياتزيوني” الرابط بين نهر التيبر وساحة القديس بطرس، حيث تابع الآلاف المراسم عن كثب.
جنازة بسيطة كما أوصى البابا
على خلاف التقاليد البابوية التي كانت تتسم بالفخامة والطقوس المعقدة، أراد البابا فرنسيس أن تكون جنازته بسيطة. وقد أوصى قبل وفاته أن يُدفن دون سرير مذهب أو وسائد مرتفعة، بل في نعش خشبي واحد مبطن بالزنك.
كذلك، كان التقليد يفرض أن يُدفن البابا داخل ثلاثة توابيت: من خشب السرو، ثم الرصاص، وأخيرًا خشب البلوط. لكن فرنسيس طلب أن يُكتفى بتابوت خشبي واحد، في دلالة على بساطته وتواضعه الذي اتسمت به خدمته.
قداس عالمي لوداعه
بالتوازي مع المراسم في روما، أُقيمت قداسات في عدة دول لتكريم البابا فرنسيس، لا سيما في بلده الأرجنتين حيث أُقيم قداس شعبي في الهواء الطلق في بوينس آيرس.
لم يكن تأثير البابا محصورًا بالكاثوليك فحسب، بل امتد إلى المسلمين واليهود وغيرهم، بفضل مواقفه الإنسانية ودعوته المستمرة للحوار بين الأديان ونبذ الكراهية.
المثوى الأخير
بعد انتهاء القداس، تم نقل نعش البابا عبر نهر التيبر إلى بازيليك سانتا ماريا ماجوري، حيث اختار أن يكون مثواه الأخير، بعيدا عن كهوف الفاتيكان التقليدية حيث يرقد معظم الباباوات السابقين.
سيحمل قبره البسيط كلمة واحدة فقط: “فرانسيسكوس” باللاتينية، دون أي زخارف أو ألقاب، تنفيذًا لوصيته بأن يُدفن كأي ابن متواضع من أبناء الكنيسة.
ما بعد البابا فرنسيس
بوفاة البابا فرنسيس، يبدأ مجمع الكرادلة في الفاتيكان مرحلة جديدة لاختيار خليفة له. وسيعكف 135 كاردينالًا دون سن الثمانين على عقد اجتماعات مغلقة في كنيسة سيستينا خلال الأسابيع المقبلة، لاختيار بابا جديد يقود الكنيسة الكاثوليكية نحو المستقبل.