موازنة 2021…ضريبة التضامن الوطني وارقام لا تعكس الواقع المتخبط
أحال وزير المال غازي وزني أولّ من أمس مشروع موازنة العام 2021 إلى مجلس الوزراء وضمّنه تقريرًا عن الأسس التي إعتمدها في تحضير هذا المشروع مع التعديلات التي تمّت إضافتها على المشروع نسبة إلى موازنة العام2020.
هذا المشروع، بحسب المراقبين، لاقى إنتقادات منذ اللحظة التي أبصر فيها النور لانكاره الواقع الإقتصادي والمالي والنقدي للبنان وطالت الإنتقادات وزير المال نفسه الذي أخذ موازنة العام 2020 وأجرى عليها تعديلات، اعتبرها المراقبون أنها لا تمت إلى الواقع بصلة وبالتالي هذه الموازنة، إذا أقرّت، تدخل في نطاق الحبر على ورق.
وللتذكير قام لبنان بإقرار مشروع موازنة العام 2017 لأول مرّة بعد إنقطاع دام 12عامًا (أخر موازنة كانت في العام2005 ) كذلك موازنات الأعوام2018، 2019، و2020. لكن المُشكلة تكمن في أن قطوعات الحساب لم يتمّ إقرارها وهذا مُخالف للدستور ولكن الأصعب أن غيابها – أي قطوعات الحساب – جعل من شبه المُستحيل إقرار موازنات إصلاحية نظرًا لعدم معرفة العجز الحقيقي في الأعوام السابقة وخصوصًا في الأعوام التي تمّ إعتماد الصرف على أساسي القاعدة الإثني عشرية.
مشروع الموازنة الذي رفعه وزني إلى مجلس الوزراء، ينصّ على فتح إعتمادات بقمية 18.26 ألف مليار ليرة مُقابل إيرادات بقيمة 14.14 ألف مليار ليرة أي بعجز بقيمة 4.12 مليار ليرة لبنانية. ويُعطي المشروع سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة ١.٥ ألف مليار ليرة لشراء الفيول. على الرغم من إعتماد نفس قيمة الإنفاق بين مشروع موازنة 2021 وموازنة 2020، إلا أن الفوارق الأساسية تطال البرامج الإستثمارية التي تمّ تصفيرها هذا العام، بالإضافة إلى إعفاءات ضريبية عديدة والأهمّ غياب كامل للمستحقات على الدولة من سندات يوروبوندز وسندات بالليرة اللبنانية. هذه الأخيرة ترتفع قيمتها إلى حدود الملياري دولار أميركي (سندات يوروبوندز) و6 الاف مليار ليرة (ليرة لبنانية).
وبالتالي فإن نكران وجود هذه القروض التي وبدون أدنى شكّ لا يُمكن التملّص منها، بحسب الباحث الإقتصادي جاسم عجاقة الذي قال إن “عدم ورود أي خطّة لمُعالجة القروض يعني أن الحكومة لا تنوي التفاوض مع المًقرضين وهو ما له تداعيات سواء كانت داخلية أو خارجية. فالدين العام البالغ 92 مليار دولار أميركي (على سعر صرف 1500) مقسوم إلى 34 مليار دولار أميركي بالعملة الصعبة (11 مليار دولار للخارج، 14 مليار دولار للمصارف التجارية، 5.7 مليار دولار لمصرف لبنان وبضعة مليارات ديون أخرى) والباقي أي 58 مليار دولار أو 87 ألف مليار ليرة (47 يحملها مصرف لبنان والباقي المصارف التجارية) هي بالليرة اللبنانية، وبالتالي فإن عدم مُعالجة هذا الموضوع يعني أن الحكومة أعطت للمقرضين عذر مُلاحقتها قانونيًا في المحاكم الدولية، وهو ما قد يؤدّي إلى عواقب كثيرة. أما داخليًا، فإن مُشكلة عدم الدفع تؤثّر بشكل أو بأخر على الودائع في المصارف”.
عجز فوق عجز
ويُضيف عجاقة أن “المُشكلة الثانية أن الحكومة تعتمد على مصرف لبنان لشراء حاجاتها من الخارج (وبالتحديد الكهرباء) بالدولار الأميركي على سعر صرف 1500 ليرة للدولار الواحد، مما يعني أن المصرف المركزي سيتستمر في دعم السلع والبضائع من إحتياطاته، وهو في الحقيقة عجز يتوجبّ إضافته إلى أرقام الموازنة، بمعنى أخر أرقام الموازنة لا تعكس الحقيقة على الأرض”.
ويُضيف عجاقة إن “الموازنة التي من المفروض أن تعكس خطّة الحكومة لا تحوي على خطوات كافية للجم الأزمة بإستثناء بعض الإعفاءات الضريبية على الإستثمارات الجديدة وعلى أرباح الشركات في القطاع الصناعي والتجاري. فالمشروع لم يُعالج مُشكلة التحفيز الإقتصادي في القطاع الزراعي، وحتى التحفيزات في القطاع الصناعي هي تحفيزات لا ترتقي إلى مستوى التحدّي الذي تفرضه الظروف الحالية. كذلك لا يلحظ المشروع أية إجراءات تطال الشراكة بين القطاعين العام والخاص (مثل تلزيم بعض المرافق) ولا حلول لمُعالجة حجم القطاع العام الذي أصبح يُشكل ثلثي الإقتصاد خصوصًا مع تراجع الناتج المحلّي الإجمالي”، وبالتالي يرى عجاقة أن هذا المشروع “يعكس الواقع السياسي الحالي وغياب أي أفق للتفاوض مع صندوق النقد الدولي للخروج من الأزمة”.
اما الجديد فيتمثل بما سمي بضريبة التضامن الوطني الواردة في المادة 37 ، وهي ضريبة استثنائية تُفرض لمرة واحدة على قيمة كل حساب دائن مفتوح لدى المصارف اللبنانية، وهي على الشكل الاتي:
نسبة 1 في المئة عن كل حساب تبلغ قيمته مليون دولار ولا تتجاوز 20 مليون دولار أو ما يعادلها من العملات الاجنبية الاخرى.
1.5 في المئة عن القسم من الحساب الذي يزيد عن 20 مليون دولار ولا يتجاوز 50 مليون دولار أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الاخرى.
2 في المئة عن القسم من الحساب الذي يزيد عن 50 مليون دولار أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى.
ونسبة 1 في المئة عن كل حساب تبلغ قيمته 1.5 مليار ليرة، ولا يتجاوز 30 مليار ليرة.
1.5 في المئة على القسم من الحساب الذي يزيد عن 30 مليار ليرة ولا يتجاوز 75 مليار ليرة.
2 في المئة عن القسم من الحساب الذي يزيد عن 75 مليار ليرة.
وعلى المصرف أن يقتطع هذه الضريبة، وأن يؤديها إلى الخزينة، ضمن مهلة أقصاها شهران من تاريخ إقرار قانون الموازنة وبعملة الحساب. وتفرض على المصرف المخالف الغرامة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الضريبية.
إذًا ومما يقوله الخبراء، نلاحظ أن مشروع الموازنة المُقدّم من قبل وزير المال هو عملية شكلية لا تُعالج مشاكل لبنان ولا تدهور إقتصاده ولا ماليته العام ولا قيمة عملته التي تخسر كل يوم، مع عملية طبع العملة التي تؤكد إعلان الدولة إفلاسها والإستمرار بتسجيل عجز في الموازنة.
مواضيع ذات صلة :
وزني يوقّع مشروع مرسوم لإعطاء هؤلاء تعويض نقل شهري مقطوع… | مشروع مرسوم من غازي وزني إلى رئاسة مجلس الوزراء | قراران لوزير المالية… هذا ما جاء فيهما |