البحر الأحمر إلى الواجهة.. هل تلجم “أسبيدس” جنون الحوثيين؟
أطلق الاتحاد الأوروبي رسمياً العملية البحرية لحماية الملاحة في البحر الأحمر، على أن تقودها إيطاليا فيما تشارك فيها كل من فرنسا وألمانيا واليونان، وربما دول أخرى ستشارك لاحقا، في حين ستكون “أثينا” مقراً للعملية.
وتتجّه ثلاث سفن بحرية إلى البحر الأحمر للمشاركة في “عملية أسبيدس”، لحماية السفن التجارية، دون شن ضربات على الحوثيين، على عكس عملية “حارس الازدهار”، التي تقودها الولايات المتحدة.
وتقول الدبلوماسية سيلين أويسال، وهي زميلة زائرة في معهد واشنطن في تقرير نشره المعهد إن البعثة لا تسعى إلى معالجة الأزمة الحالية فحسب بل إلى تعزيز الإستراتيجية البحرية طويلة الأمد للاتحاد الأوروبي أيضا و(التي كان شمال غرب المحيط الهندي من أولوياتها)، فضلا عن الجهود الدبلوماسية التي يبذلها تجاه الدول العربية ونشوء دفاع أوروبي.
ولطالما كانت حرية الملاحة من أولويات الاتحاد الأوروبي. ومع تزايد الجدال حول المضائق والممرات البحرية الأساسية، صنّف الاتحاد الأوروبي منطقة شمال غرب المحيط الهندي بأنها منطقة بحرية ذات أهمية في عام 2022، تمتد على مساحة كبيرة من مضيق هرمز إلى مدار الجدي ومن البحر الأحمر نحو وسط المحيط الهندي، ويتطلب ذلك زيادة التنسيق البحري الأوروبي من خلال آلية تسمى “الوجود البحري المنسق”.
كما يتوافق هذا التصنيف مع اهتمام الاتحاد الأوروبي الدؤوب بمنطقة شمال غرب المحيط الهندي منذ أن بدأت ببذل الجهود لتحقيق التكامل على الصعيد البحري. فوسط تزايد التهديدات وانعدام الاستقرار في القرن الأفريقي، أطلق الاتحاد الأوروبي في عام 2008 عملية “أتالانتا”، وهي بعثة بحرية تضطلع حاليا بمكافحة القرصنة، ومكافحة تهريب المخدرات والأسلحة، وحماية شحنات برنامج الغذاء العالمي وغيرها من العمليات المعرضة للخطر.
ويعود إنشاء “أسبيدس” إلى حدّ ما إلى إحجام إسبانيا عن توسيع نطاق بعثة “أتالانتا” إلى البحر الأحمر في السياق الحالي للأزمة الإقليمية. وحالما يهدأ الوضع وتتقلص المخاطر السياسية، سيكون من الأسهل إعادة تنظيم المبادرات الحالية، وربما دمج “أتالانتا” و”أسبيدس”.
وسيُعدّ تأمين مشاركة الشرق الأوسط في “أسبيدس” كنجاح دبلوماسي كبير، فقد توخت الكثير من الحكومات في المنطقة الحذر بشأن المشاركة في الأمن البحري منذ السابع من أكتوبر.
التوتر مستمر في البحر الأحمر
في السياق نفسه قال الناطق العسكري باسم أنصار الله الحوثيون يحيى سريع، اليوم الاثنين، في مؤتمر صحفي، “نفذنا عملية عسكرية نوعية استهدفت سفينة بريطانية في خليج عدن بعدد من الصواريخ”.
وأردف، “إصابة السفينة البريطانية إصابة بالغة مما أدى لتوقفها بشكل كامل”.
وتابع، “نتيجة الأضرار الكبيرة في السفينة فهي معرضة للغرق في خليج عدن”.
وأضاف، “حرصنا خلال العملية على خروج طاقم السفينة البريطانية بأمان”.
واستكمل، “أسقطنا طائرة أميركية من نوع “إم كيو 9″ بصاروخ مناسب في الحديدة”.
فيما أعلنت الولايات المتحدة، الأحد، أنّ قواتها في البحر الأحمر “نفّذت خمس ضربات بنجاح في إجراء للدفاع عن النفس” لإحباط هجمات من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.
وأوردت القيادة المركزية العسكرية الأميركية (سنتكوم)، في بيان، أنّ الضربات شملت إحباط “أول استخدام ملحوظ من الحوثيين لمركبة تحت الماء غير مأهولة منذ بدء الهجمات” في تشرين الأول.
كما استهدفت زورقاً مسيّراً، وكان استخدام زوارق مماثلة نادراً نسبيّاً.
وأضاف البيان أنّ الضربات الثلاث الأخرى استهدفت صواريخ كروز مضادة للسفن.
وتابع: “حدّدت القيادة المركزية الأميركية صواريخ كروز المضادة للسفن، والسفينتين واحدة تحت الماء والأخرى السطحية غير المأهولتين، في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وقرّرت أنّها تُمثّل تهديداً وشيكاً لسفن البحرية الأميركية والسفن التجارية في المنطقة”، مشيراً إلى أنّ الضربات هدفها “جعل المياه الدولية محمية وأكثر أماناً”.
من جهتها، أبلغت شركة “آمبري” لأمن النقل البحري عن هجوم جديد في مضيق باب المندب الاستراتيجي، استهدف سفينة شحن الأحد.
وفي وقت سابق ندّد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالهجمات التي تشنها جماعة الحوثي في البحر الأحمر.
انعكاسات اقتصادية كارثية
وكانت قد أدّت الهجمات في البحر الأحمر إلى ارتفاع كلفة التأمين لشركات الشحن، ما أجبر العديد منها على تجنب البحر الأحمر، وهو طريق حيوي تمرّ عبره عادة حوالي 12 في المئة من التجارة البحرية العالمية.
وقال مدير المركز العالمي للدراسات التنموية الدكتور صادق الركابي إن القارة الأوروبية تأثرت بشكل كبير من هجمات البحر الأحمر بالنظر الى اعتمادها على نحو 9 مليون برميل من النفط يوميا تأتي من أسيا والخليج.
وأظهرت بيانات من مصادر في السوق ومن بورصة لندن للغاز أن التجار يُحولون شحنات تحتوي على منتجات نفطية روسية حول أفريقيا لتجنب البحر الأحمر بسبب ازدياد خطر هجمات تشنها جماعة الحوثي.
إلى ذلك حذّرت الولايات المتحدة الأمريكية من كارثة بيئية في السواحل اليمنية وتعريض سبل عيش اليمنيين للخطر، الاثنين، جراء الهجمات التي تشنها الحوثيون على سفن الشحن والنفط في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقالت السفارة الأمريكية لدى اليمن في حسابها على منصة إكس، رغم الجهود العالمية لإنقاذ الناقلة صافر، غير أنه “يمكن أن تتسبب الهجمات الحوثية المتهورة على السفن وناقلات النفط في كارثة بيئية في اليمن”.
وشدد البيان: “يجب على الحوثيين التوقف عن تعريض سبل عيش اليمنيين للخطر”.
مواضيع ذات صلة :
غرق شاب في بحر عمشيت | إحراق سفينة يونانية في البحر الأحمر | “البحر الأحمر” توقع عقداً بقيمة 658 مليون ريال في مشروع نيوم |