مشهد أسود يلف البلد… مستويات “جنونية” للدولار والفقر يتفاقم
المفجع في الوضع الداخلي أنّه أصبح متفلّتاً، فمن جهة عاد وباء «كورونا» ليجتاح المجتمع اللبناني، ويحصد مئات الإصابات يومياً، حيث بدأت الارقام تأخذ منحى تصاعدياً خطيراً، حيث سُجّل امس 1474 اصابة و8 حالات وفاة، ومن جهة ثانية، كل سقوف الضوابط، سواء في السياسة او الاقتصاد، قد تداعت بالكامل. ففي السياسة انقسام وخلافات مفتوحة على مصراعيها، وفي المقابل دولار يكمل إجهازه على الليرة مقترباً من سقف الـ26 الف ليرة، مطوقاً اللبنانيين بمخاوف اضافية وملقياً بهم من جديد في مهبّ الغلاء وجنون الاسعار.
كل ذلك يحصل، وسط عجز فاضح من السلطة الحاكمة، التي تبدو مصابة بالخرس حيال ما يجري، إذ ليس لديها ما تقوله او تفعله، طالما انّ الازمة خلعت عنها ورقة التوت وكشفت حقيقتها جثة منعدمة الشعور والإحساس والمسؤولية امام ما يصيب البلد وشعبه.
واكّد مرجع مسؤول لـ»الجمهورية»، انّه «طالما انّ الخلافات السياسية قائمة، وانّ سبيل التفاهم ولو على الحدّ الأدنى مفقود بين المكونات السياسية، فلا امل بلجم ارتفاع الدولار».
ووسط هذا الجو، تخوّف المرجع المذكور من أن يبلغ ارتفاع الدولار مستويات جنونية من الآن وحتى آخر السنة الحالية»، لافتاً في هذا السياق الى جهات مشبوهة داخلية وخارجية، تسعى الى دفع الامور في لبنان الى الانهيار القاتل».
يتقاطع ذلك، مع تأكيد خبراء اقتصاديين على «انّ الارتفاع المريب لسعر الدولار، هو خارج عن اي سبب اقتصادي او مالي، بل ارتفاع سياسي متعمّد تدفع اليه بعض الغرف السوداء». وقد اشار الى ذلك صراحة «مصرف لبنان» بقوله، انّ «تطبيقات مشبوهة وغير قانونية كثير منها موجود خارج لبنان، وراءها مصالح منها سياسية ومنها تجارية».
واوضح المصرف، «أنّ الأسعار الواقعية لسعر الدولار الأميركي مقارنة بالليرة اللبنانية هي تلك المعلنة يومياً من مصرف لبنان بناءً على التداول الجاري في السوق والمسجّل على منّصة «صيرفة». وانّ «التطبيقات التي تعلن عن الأسعار من دون أن تشير إلى حجم العمليات التي أدّت إلى هذه الأسعار، تقود الأسواق ولا تعبّر عن واقع السوق وحجمه الحقيقي».
أمام هذه الصورة، من غير المعروف ما هو الأقسى والأصعب على المواطن اليوم؛ هل استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار، بلا رقيب أو حسيب، الامر الذي أدّى الى تدهور اضافي في القدرات الشرائية للناس، وزاد نسبة الفقراء؟ أم هو مشهد الفراغ القاتل، حيث تبدو مظاهر الدولة في انحلال تام، حتى بات اللبناني يشعر انّه متروك لمصيره. لا دولة، ولا من يحزنون.
فسعر صرف الدولار تجاوز امس الـ25 الف ليرة، في مشهد سوريالي، حيث أصبح معه الحدّ الأدنى للاجور حوالى 27 دولاراً. وأصبح بذلك لبنان من افقر الدول في العالم، إن لم تكن الدولة الأكثر فقراً. وبما انّ معيار الفقر المدقع بالنسبة الى البنك الدولي هو دولاران في اليوم، فهذا يعني انّ اللبناني الذي يتقاضى الحدّ الأدنى للأجر، يعيش تحت مستوى الفقر المدقع بأشواط. وهذا يعني انّ قسماً كبيراً من اللبنانيين باتوا يعانون الجوع بمفهومه الحقيقي، ويكتفون بوجبة طعام واحدة في اليوم.
على انّ ما ينبغي لحظه في هذا المشهد الاسود، هو انّ ما يجري اليوم قد جرى مثله في الصيف الماضي، فهل نسي اللبنانيون انّ سعر الدولار سبق ووصل الى 24 الف ليرة، في تموز الماضي، قبل ان يتراجع بعد ذلك، ويصل الى 14 الف ليرة عقب تشكيل الحكومة، ليعود ويقفز تباعاً الى 25 الف ليرة، وقد يستمر في الارتفاع. ولماذا الاستغراب لوصول الدولار الى هذا السقف؟ فهل انّ الوضع اليوم افضل سياسياً ومالياً واقتصادياً مما كان عليه في تموز الماضي مثلاً، لكي يأمل المتابعون ان يتوقف الدولار عند حدٍ معيّن؟
المصدر : الجمهورية
مواضيع ذات صلة :
الحكومة توقع مذكّرة تفاهم مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي | طلب من الحكومة إلى الجمارك بشأن المساعدات | مذكرة مهمّة من الحكومة إلى هذه الجهات! |