السيرك في فلسطين “فن أدائي” لدعم قضايا مجتمعية
“اضطرت الفلسطينية ريم للسفر إلى الأردن للعلاج من اللوكيميا (سرطان الدم)، وطوال فترة مرضها كانت تخطط لدعم مرضى السرطان، لكنها توفيت قبلها، لذلك عمل المحيطون بها على تنفيذ رغبتها، وسيرك فلسطين كان جزءاً من الحملة”، هكذا قال المدير التنفيذي لمدرسة سيرك فلسطين محمد رباح عن مشاركة المدرسة في فعاليات حملة “حلم ريم”.
بدأت فكرة الحملة من الناشطة المجتمعية الفلسطينية الراحلة ريم خليل، التي أرادت أن تجمع التبرعات في شهر رمضان من أجل دعم إنشاء مركز متخصص في مستشفى “المطلع” لعلاج سرطان النخاع في فلسطين، لكنها توفيت قبل أن ترى حلمها يتحقق، مما دفع عائلتها وأصدقاءها والمؤسسات المجتمعية المختلفة للعمل على تحقيق هذا الحلم وجمع المبلغ المطلوب، من خلال مجموعة متنوعة من الفعاليات التي بدأت في شهر فبراير (شباط) الماضي.
يوضح رباح أن مشاركة مدرسة السيرك في حملة “حلم ريم” كانت بالتعاون مع مؤسسة “الأنوف الحمراء”، عبر تخصيص عرض تطوعي كامل للعائلات لدعم الحملة، بحيث تستطيع الأسر أن تشاهد العرض مع الأطفال والتبرع لإنشاء المركز المتخصص. وعن ذلك توضح منسقة البرامج الفنية في المدرسة مرح النتشة أن المشاركة كانت مهمة لسببين رئيسين، الأول إعطاء فرصة للجمهور للمشاركة في دعم حملة إنسانية، والثاني نشر ثقافة السيرك بين الناس وتغيير الصور النمطية المرتبطة بها.
تنمية حس الانتماء
بالنسبة إلى مدرسة السيرك فهذه ليست الحملة الأولى التي تشارك فيها، إذ يحاول طلاب المدرسة دائماً الوجود في حملات مجتمعية لتسليط الضوء على قضايا معينة داخل المجتمع الفلسطيني، كالمشاركة في الحملات الخاصة بالتوعية بمرض سرطان الثدي، أو تدريب الأطفال من ذوي الإعاقة على بعض الفنون الأدائية وإعطائهم الفرصة لتقديم عروضهم الخاصة، من أجل تطوير مهاراتهم وتسليط الضوء على قضاياهم بشكل عام.
وتوضح النتشة أن وجود السيرك كجزء من الحملات المجتمعية المختلفة مهم ليس فقط على صعيد التضامن مع قضية ما، بل للعمل على إنماء حس المشاركة المجتمعية والتطوع لدعم قضايا محلية لدى طلاب مدرسة السيرك، وإعطائهم الفرصة للمشاركة ولو بقدر بسيط في دعم هذه الحملات.
تستخدم مدرسة السيرك شعار “السيرك للجميع” من أجل محاولة منح الفرصة لأي شخص يود تعلم مهارات السيرك للمشاركة، حتى لو كان لا يمتلك الموارد المالية الكافية، إذ تعمل المدرسة على تنظيم جولات عروض محلية ودولية بأسعار رمزية من أجل المحافظة على استدامة المدرسة، وتدريب ما يقارب 350 طالباً وطالبة في مناطق فلسطينية عدة. ويوضح مدير المدرسة التنفيذي رباح أن هناك برامج مخصصة للفتيات فقط لدعم مشاركتهن في السيرك واليوغا، وعدم إقصائهنّ من هذه الفنون الأدائية، إضافة إلى محاولة الابتعاد عن مركزية تدريب السيرك، وخلق نواة فنون أدائية في كل منطقة للتيسير على الهواة الذين لا يستطيعون دائماً الوصول إلى مقر المدرسة الرئيس.
قلة الدعم من أبرز العوائق
على رغم الجهد الكبير الذي يبذله الفنانون الأدائيون في السيرك، إلا أن هناك عديداً من التحديات التي تواجه تطوير هذا القطاع، ومن أبرزها الجانب المادي وقلة الدعم لهذا الفن، فبحسب رباح فإن حصة قطاع الثقافة من موازنة الحكومة قليلة جداً، بالتالي فإن الدعم الحكومي للفن محدود أيضاً، كما أن توجه المؤسسات الممولة لدعم قطاع الفن الأدائي كالسيرك ضعيف، إضافة إلى أن الحالة الاقتصادية الصعبة الذي يمر بها الفلسطينيون تتسبب في تراجع إقبال الناس على حضور عروض السيرك لأن أولويات الإنفاق تذهب نحو أساسات الحياة بالدرجة الأولى.
أما النوع الآخر من التحديات فيتمثل في الصورة النمطية المجتمعية للسيرك وتوقع الناس مشاهدة حيوانات وفقرات استعراضية بغرض الترفيه، من دون الالتفات للوقت الطويل والجهد الكبير الذي يبذله مقدمو العروض من أجل التدرب وإتقان هذا الفن، وهذا ما يحاول طلبة مدرسة السيرك تغييره، من خلال العروض الأدائية المقدمة في جولاتهم، لإظهار أن السيرك هدفه إيصال رسالة أو قيمة ما أو نقاش قضية معينة وتسليط الضوء عليها.
كما يشير المدير التنفيذي لمدرسة سيرك فلسطين محمد رباح إلى أن الفنون الأدائية ليست مهنة سهلة بل صعبة وقد تكون خطرة، بسبب الخوف من تعرض المؤدي للأذى أحياناً أثناء التدريب أو تقديم العروض، إضافة إلى صعوبة تحقيق الاستقرار المادي من خلالها.
المصدر: INDEPENDENT عربية
مواضيع ذات صلة :
بالفيديو – سقوط مروع للاعبة سيرك بعدما “خانها الطوق” |