سيناريوهات ومشاهد مرعبة.. هذا ما يحصل لنا إن وقعت الحرب النووية!
استعرضت مجلة “إيكونوميست” كتابين تناولا مخاطر “الإبادة” التي يمكن أن يتعرض لها كوكبنا من جراء هجوم نووي، وفي إحداهما تشير الكاتبة إلى “سيناريو” يمكن أن يتغير فيه العالم في غضون ثوان معدودة، نتيجة إطلاق صاروخ واحد.
وفي كتابها “الحرب النووية: سيناريو”، تتحدث الصحفية الأميركية، آني جاكوبسن،عن هجوم نووي مفترض تطلقه كوريا الشمالية على الولايات المتحدة و”الدوامة” التي ستحدث للعالم نتيجة لذلك.
وفي السيناريو الذي تتخيله، يمكن أن يدمر صاروخ كوري شمالي محطة للطاقة النووية شمال لوس أنجلوس، ويمكن لقنبلة أخرى أن تدمر العاصمة الأميركية، واشنطن. ويمكن أن يحدث خلال هذه الحرب المفترضة سوء فهم من جانب روسيا، فالصواريخ الأميركية المتجهة إلى كوريا الشمالية يجب أن تحلق فوق روسيا بحكم الجغرافيا.
وقد لا يستطيع القادة الأميركيون إجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي، لذلك فقد يحدث أن ترى أقمار الإنذار المبكر الروسية “دون المستوى” عن طريق الخطأ مئات الصواريخ القادمة، فيهاجم الكرملين الولايات المتحدة، والأخيرة ترد على هذا الهجوم.
وفي كتاب “العد التنازلي”، تقدم سارة سكولز لمحة عن العلماء في المختبرات النووية الأميركية الضخمة، مثل مختبرات لوس ألاموس في نيو مكسيكو (حيث أشرف أوبنهايمر على اختراع وبناء أول قنبلة نووية).
وتشير الكاتبة إلى فكرة أن شخصا ما قد يستخدمها يوما ما، وتقول إن استخدامها في عالم اليوم بات على نفس القدر من الأهمية الذي كانت عليها خلال الحرب الباردة، ويقول بعض الخبراء إننا قد نكون قريبين من كارثة نووية الآن كما كنا في ذروة ذلك الصراع.
وتشير مجلة إيكونوميست إلى عودة الحديث بقوة عن الحروب النووية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، في شباط 2022. وبعده قد ظهرت مخاوف جدية بشأن سلامة محطة زاباروجيا، أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، التي سيطرت عليها قوات الكرملين، ومنذ ذلك الحين تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بشأن قصف المحطة، وسط جهود دولية غير ناجحة لجعل محيط المحطة منطقة منزوعة السلاح.
فيديو يوثّق ماذا يحصل
في سياق آخر، نشر “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا”، الذي يتعاون بنشاط مع وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” مقطع فيديو مدته 3 دقائق، أظهر فيه ما يمكن أن يحدث نتيجة اندلاع حرب ذرية شاملة بين روسيا والولايات المتحدة.
وبحسب ما نقلته مجلة “تايم” Time، فقد تم تصميم مقطع الفيديو بواسطة الكمبيوتر، بدون استخدام أي لقطات طبيعية، وهو نتاج أبحاث ومناقشات على مدى 40 عاما.
ورغم أنه لم يتم بشكل مباشر ذكر من باشر بالهجوم النووي، إلا أنه من سياق العرض جرى التلميح بأن روسيا كانت الطرف البادئ بالضغك على الزر النووي. وبحسب مقطع الفيديو، فإن الدور الكامل لأوروبا هو أن تصبح ضحية لصدام القوى العظمى.
ويؤكد المعهد الأميركي أن الانفجارات النووية الأولى ستسفر عن موجات كهرومغناطيسية شديدة تعطل عمل كل الاتصالات والمعدات. وفي لحظة الانفجار، تنزل كرات النار مباشرة إلى شوارع المدن الكبيرة، وتكون درجة حرارتها مثلها في أعماق الشمس ويتحول الأسفلت إلى سائل بحر ساخن.
وبطبيعة الحال، ستصبح المدن الكبيرة الهدف الرئيسي للضربات النووية، بسبب وجود منشآت عسكرية واقتصادية هامة هناك، ويركز الفيديو بشكل خاص على ما ستتعرض له موسكو.
ووفقا للفيديو، لا يتمتع الدفاع الجوي لدى الجانبين المتناحرين، بأية فعالية ملحوظة، وتطير الصواريخ بحرية وتضرب، ولا مفر ولا خلاص منها.
وطبعا كل هذه المآسي ستحدث بعد توقف الضربات النووية، ليرتفع الرماد النووي، وتحترق المدن الكبرى.
وخلال أسبوعين تقريبا، ستغطي سحابة سوداء النصف الشمالي من الكرة الأرضية بأكمله، ولن تستطيع أشعة الشمس اختراقها. وتصبح حرارة الجو أكثر برودة بمعدل 20 درجة.
وسيقتل ذلك النباتات والثروة الحيوانية، وسينعدم الغذاء، وسيبدأ الناس بالموت من الجوع. ولن ينجو 99% من سكان الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا والصين من الشتاء النووي الذي قد تستمر عواقبه لسنوات.
وبحسب تقرير مجلة “تايم” Time، من المهم ملاحظة أنه لا تزال هناك شكوك كبيرة حول تلك النتائج للضربة النووية، وبالتالي فإن التأثير الإنساني الفعلي يمكن أن يكون إما أفضل أو أسوأ. فهناك حاجة إلى المزيد من العمل، نظرًا لأن معظم الأبحاث حول هذا الموضوع تركز على الآثار العسكرية بدلاً من الآثار الإنسانية.
دراسة ترسم صورة قاتمة عن الواقع
في دراسة نُشرت في مجلة البحوث الجيوفيزيائية، رسم علماء صورة قاتمة عن الأضرار المتوقع حدوثها في حالة نشوب حرب نووية؛ إذ قدّرت الدراسة أن أعمدة الدخان الهائلة الناتجة عن حرب نووية ستغير مناخ العالم لسنوات وتدمر طبقة الأوزون، مما يعرض صحة الإنسان والإمدادات الغذائية للخطر.
واستخدم فريق البحث تقنيات النمذجة المناخية الحاسوبية المطورة حديثا؛ لمعرفة المزيد عن تأثيرات التبادل النووي الافتراضي، بما في ذلك التفاعلات الكيميائية المعقدة في طبقة الستراتوسفير (الغلاف الجوي الطبقي) التي تؤثر على كميات الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى سطح الكوكب.
المؤلف الرئيسي للدراسة، تشارلز باردين، وهو عالم في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي، قال إن نتائج حرب نووية سيكون لها تأثيرات على المناخ، كما أن تأثيرات الأشعة فوق البنفسجية ستكون واسعة الانتشار، إلى جانب جميع الوفيات التي ستحدث فور وقوع هذه الحرب.
ووجد باردين وزملاؤه أن الدخان الناتج عن حرب نووية عالمية سيدمر جزءا كبيرا من طبقة الأوزون على مدى 15 عاما، مع نضوب الأوزون بمتوسط حوالي 75 بالمئة.
وقال الباحثون إنه حتى الحرب النووية الإقليمية من شأنها أن تؤدي إلى خسارة نسبة 25 بالمئة من حجم الأوزون، مع التعافي الذي يستغرق حوالي 12 عاما.
ونظرا لدور طبقة الأوزون في حماية سطح الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، فإن مثل هذه التأثيرات ستكون مدمرة للإنسان والبيئة.
وعلى مدار سنوات، ربط العلماء بين المستويات العالية من الأشعة فوق البنفسجية وأنواع معينة من سرطان الجلد، وكذلك إعتام عدسة العين والاضطرابات المناعية، كما تحمي طبقة الأوزون أيضا النظم البيئية الأرضية والمائية، فضلا عن الزراعة.
يقول آلان روبوك، الباحث المشارك في تأليف الدراسة: “على الرغم من أننا كنا نشك في أن الأوزون سيدمَر في أعقاب الحرب النووية، الآن ولأول مرة توصلنا للطريقة التي سيحجب بها الدخان الكثيف الأشعة البنفسجية، وقمنا بحساب كيفية عمل ذلك وحددنا كيف سيعتمد على كمية الدخان”.
وعلى مدار التاريخ أجرى العلماء عددا من الدراسات في محاولة لفهم كيفية تأثير الحرب النووية على الكوكب، وفي ثمانينيات القرن الماضي، وجد العلماء أن الدخان الناتج عن الحرب النووية من شأنه أن يبرد الكوكب عن طريق حجب أشعة الشمس، وخلق “شتاء نووي”.
كما وجد باحثون أن الحرب النووية ستدمر طبقة الأوزون بسبب المواد الكيميائية الناتجة عن الانفجار، واكتشفت المزيد من الأبحاث أن الدخان قد يتسبب في تدمير طبقة الأوزون عن طريق تسخين الغلاف الجوي.
لكن لأول مرة على الإطلاق، توصلت الدراسة الجديدة إلى أنه في حالة نشوب حرب نووية عالمية، فإن ضخ كميات كبيرة من الدخان في الغلاف الجوي سيؤدي في البداية إلى تبريد درجات حرارة السطح عن طريق حجب ضوء الشمس.
ثم يؤدي الدخان إلى تآكل طبقة الأوزون التي تحمي الكوكب، وعلى مدى بضعة سنوات، ستزداد الأمور سوءا وسيبدأ الدخان في الاختفاء، مما يسمح للأشعة فوق البنفسجية بضرب سطح الأرض من خلال طبقة الأوزون المتضائلة، ليحدث ما لا تحمد عقباه.