الحزب الدستوري الجديد
كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان”:
يلاحظ متتبعو بيانات “كتلة الوفاء للمقاومة الإسلامية” النيابية ما يشبه “الصحوة” الدستورية والاستماتة في تطبيق الدستور مهما كلّف الأمر من تضحيات. وما يفاجئ متصفّح الموقع الخاص بالكتلة أولاً، اللوغو بالأحمر والأخضر مع أرزةٍ خضراء. لا وجود للّون الأصفر ولا لرسم الكلاشينكوف. أحلف برحمة جدتي أنّه لو لم يرد اسم “كتلة الوفاء للمقاومة” وسط الدوائر لاعتقدت أن “اللوغو” يخص كتلة “الجمهورية القوية” المنبثق من علم القوات.
فلندخل في صلب الموضوع. ففي بيانٍ صادرٍ مطلع الشهر الفائت أعلنت الكتلة تمسّكها “بموقفها من المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار خصوصاً بعد ثبوت تجاوزه حدّ السلطة المنصوص عنه في الدستور”، الموقف هو “قبع” البيطار بقرارٍ يصدر عن السلطة الإجرائية، أي مجلس الوزراء! موقف “الحزب” كما “الحركة” نوعٌ من “البلطجة” الدستورية.
المادة العشرون من الدستور تحدد أن “القضاة مستقلّون في إجراء وظيفتهم”، كما أنّ مبدأ فصل السلطات مبدأٌ دستوريٌّ غير قابلٍ للجدال، أما في حال تجاوز المحقق العدلي لصلاحياته واعتدائه على صلاحيات مجلس النوّاب، فلمرجعيّته القضائية أن تُحاسبه وتُسائله حصراً، وليس الحاج محمد رعد ولو فاقَ الخبير الدستوري الفرنسي دومينيك روسّو معرفةً.
وفي بيانٍ آخر دعت كتلة “الحزب” ببراءة الحملان كلّ “القائمين بشؤون السلطة في لبنان إلى ممارسة حقّهم وصلاحيّاتهم الدستوريّة دون أيّ انحيازٍ أو مجاملةٍ لاتّخاذ القرار المناسب والمسؤول، من أجل معالجة الموانع الّتي تحول دون انعقاد مجلس الوزراء وأدائه لدوره وصلاحياته وفق النّصوص الدّستوريّة والقوانين المرعيّة الإجراء”.
ورأت كتلة رعد أند كومباني في بيانها الأكثر “طزاجة” أنّ “أوضح أسباب الأزمات المتوالية التي تعصف بالبلاد، محاولة التّذاكي لمخالفة الدستور” وأن “مقاربة الحل في قضيّة المحقق العدلي يجب أن تكون تحت سقف الدستور” و”إلى أن يحصل تعديلٌ للدستور، لن يكون من صلاحيّات المحقق العدلي مقاضاة الوزراء ورؤساء الحكومات” و “إنّ المخرج للأزمة الحكوميّة الراهنة يبدأ من العودة إلى الدستور واحترام الأصول الدستوريّة”.
وأنت تقرأ السطور هذه، وما خلف السطور، وما يُستشفّ من المنظور والمستور، ثمة احتمال أن تُصاب بتخمة دستورية، لا ينفع معها سوى الذّهاب إلى طبيبٍ مختصٍّ بأمراض الجهاز الهضمي والدستوري، كي يريحك من “التخمة” أو “النفخة” الدستورية في المصران الغليظ نتيجة إفراطك في التهام أدبيات “الحزب”.
وأنت تقرأ البيانات تلك، يراود عقلك أنّها صادرة عن “الكتلة الدستورية” وليس عن كتلة “الحزب” المُصنّف إرهابياً، أو شبه إرهابي في أوروبا وأميركا ومعظم الدول العربية. وتقطع الشك باليقين أن الترسانة الصاروخية الهائلة إنما وجدت للدفاع عن النظام الديمقراطي، الليبرالي، الحر ودستور الأمة اللبنانية. وإن مؤسسة “جهاد البناء” لا وظيفة لها سوى “صيانة الدستور” وترميمه.
مواضيع مماثلة للكاتب:
شبيحة “الحزب” بالمرصاد | أبو الجماجم | الحكواتي الجديد |