كورونا و”أوميكرون” يهددان مدارس لبنان بالإقفال القسري بعد إنتهاء العطلة
كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان” :
بطريقته البريئة يعبر الطفل آدم ذو الثلاث سنوات عن سعادته أمام معلمته دانا وأصدقائه وصديقاته في الملعب بوصول والده فادي خ.(40 عاماً) عند الساعة الثانية ظهرًا إلى باحة إحدى المدارس الخاصة في بيروت، وهو موعد المغادرة إلى المنزل، ليكتفي “البابا” بضمه إلى صدره تعبيراً عن اشتياقه له، دون أن يتجرأ على تقبيله كخطوة احترازية خوفًا من أن يكون حاملاً لـ”فايروس كورونا” أو متحور ” أوميكرون” من أحد أصدقائه في الصف.
بالطبع هذا التصرف ليس ما يقوم به كل من يأتي لاصطحاب ابنه أو ابنته من المدرسة، لا بل إنه من السهل عليك رصد أكثر من 5 إلى 6 حالات “تقبيل” بعيداً عن الكمامة في أقل من دقيقتين، محطة من المرجح أن تكون بداية انتقال العدوى إلى المنزل لتصيب العائلة وأفرادها ومن ينجو منهم سيكون من المحظوظين.
ومع دخول المدارس عطلة الأعياد يثار الحديث حول عودة الأطفال والطلاب إلى المدارس والثانويات بعد 10 كانون الثاني 2022 في ظل تعرض لبنان والعالم إلى موجة رابعة من فيروس كورونا، ودخول بلد الأرز في مرحلة حساسة جدًّا، بعد تسجيله ارتفاعًا مستمرًّا في عدد الإصابات وصل إلى 1900 حالة بالأمس، فيما القطاع الصحي متهالك ولا قدرة له على المواجهة، كما أعلن وزير الصحة ومعه أكثر من مسؤول رسمي.
“بصراحة عودة المدارس في 10 كانون الثاني المقبل في ظل ما نشهده من ارتفاع كبير في أعداد الإصابات بدأت تؤرقني على صحة نانسي وكاترين من الآن”، تقول ساندي م. (35 عاما، محامية)، لافتة إلى أنه ولحماية الطلاب “لا بد من نشر الثقافة الصحية السليمة للوقاية، خصوصًا في ظلّ التراخي الذي نلاحظه في معظم المدارس، متمثلةً بعدم الالتزام بارتداء الكمامة وإجراءات التباعد الاجتماعي”.
وتظهر إحتمالية تفشي الفيروس أكثر في المدارس التي لا تلزم الطلاب والموظفين بارتداء الأقنعة الواقية بشكلٍ حازم، وفق بيانات حديثة صادرة عن المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، حسب تقرير لشبكة “سي إن إن” بثته في أواخر أيلول الماضي.
وفي هذا السياق تعلق عضو لجنة الأمراض الجرثومية في وزارة الصحة الدكتورة ندى شمس الدين لـ “هنا لبنان”: “هناك منظومة طويلة ودقيقة على المدارس الالتزام بها لتحقيق السيطرة على انتشار كورونا ولو بالحد الأدنى الممكن، أما الإجراءات السطحية المعتمدة فلن تحل ولو جزءًا صغيرًا من المشكلة”.
بالطبع المسؤولية نسبية وتتغير بين وزارة التربية وإدارة المدرسة والكادر التعليمي والأهالي والطلاب، لكن الأكيد أن الخطر يداهم الجميع ويهدّد صحة كلّ منهم، واقع صعب ربما يفرض -في حال التفشي المجتمعي المتوقع- الإقفال القسري للمدارس والثانويات.
“أنا ضد الاقفال، لأنه ليس الحل، بل هو هروب إلى الأمام”، تؤكد شمس الدين، معتبرة أن “الحلّ يكمن في إعداد أنفسنا وكوادرنا التعليمية والإدارية والخدماتية في المدارس للتعايش مع الجائحة، وتربية الطلاب على ثقافة جديدة، ثقافة احترام المعايير العلمية لمواجهة جائحة عالمية. وغير ذلك أرى أن الوقت يضيع سدى، والأمور ستبقى فوضوية وتصاعدية غير محمودة النتائج”.
في الواقع، الفيروس يلقي بظلاله الثقيلة ليس على المعلم، المحرك الرئيسي للعملية التعليمية وحسب، بل على المؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة، إذ أن فتح المدارس لعب دوراً في ارتفاع أعداد المصابين، ولا تخفي شمس الدين هنا، الحالات الكثيرة التي سجلت في صفوف الأطفال والطلاب بفعل التهاون في تطبيق الإجراءات الوقائية داخل المدرسة، “وبالتالي نقل هؤلاء العدوى إلى البيوت ما سبب إصابة الأهل وأفراد العائلة، الذين ينقلون الفيروس إلى أماكن عملهم، وهكذا ترتفع أعداد الإصابات من حيث لا يدرون”.
“حتى اليوم لا تزال نسب تلقيح الأطفال شبه معدومة”، تكشف شمس الدين، مشددة على ضرورة التعقيم المستمر، وإجراء المسح اليومي للطلاب خصوصًا من عمر 6 سنوات وما فوق وصولاً إلى الصفوف الثانوية، كذلك الأمر بالنسبة للهيئة التعليمية، وإجراء التقصي والمراقبة لكل حالة تظهر عليها الأعراض.
وفي الختام وفي ظل التشكيك الذي يطرحه بعض المراقبين بإمكانية العودة إلى التعليم الحضوري في المدارس الخاصة لأسباب أبرزها فيروس كورونا والإنهيار التاريخي لسعر الليرة أمام الدولار، يبقى السؤال هل تمدد العطلة مجدداً وتضطر المدارس للعودة إلى التعليم “أونلاين” لاستكمال العام الدراسي؟ أم أننا سنشهد عودة إلى المدارس حضوريًّا مع انتهاء العطلة؟ ومن يضمن أنها ستكون عودة ميمونة راغدة ورغيدة؟!
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ابتكار لبناني”.. أملٌ واعد لفاقدي البصر! | بين القوننة والأنسنة.. هل تهدّد التكنولوجيا أطفالنا؟ | لبنان غنيّ بالمياه الجوفية العذبة.. ثروة مهدورة بلا استثمار! |