دماء ضحايا المرفأ عنوان صفقة الصهر و”الإستاذ”؟
كتب إيلي صرّوف لـ”هنا لبنان”:
لم يغب يومًا مفهوم “الصّفقة” بمعناها الواسع، عن السّياسة في لبنان، لدرجة أنّها تحوّلت إلى ركيزة في العلاقات بين عددٍ من الأحزاب والقوى السّياسيّة. فيُتّفق على رؤساء السّلطات الدّستوريّة قبل انتخابهم، تُقسَّم المراكز والمغانم بحسب نظام المحاصصة المتَّبَع، وتُحاك القوانين والقرارات على قياس هذا وذاك. فهل تكون دماء ضحايا انفجار مرفأ بيروت، عنوان صفقة جديدة، يربح فيها الصّهر و”الإستاذ” على حدّ سواء؟
تصدّرت صفقة “الطّعن- الحلحلة”، المشهد السّياسي اليوم، تزامنًا مع اللّقاءين اللّذين عقدهما الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريس، مع رئيس مجلس النوّاب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي. وأُفيد بأنّ “الصّفقة تمّت بين بري وفريق رئيس الجمهوريّة ميشال عون، بمسعى من “حزب الله”، وتقضي بأن يُصدر المجلس الدستوري في مهلةٍ أقصاها يوم غد الثّلاثاء، قراره بقبول الطّعن المقدَّم من نوّاب في تكتّل “لبنان القوي”، ما يعني الإطاحة بالسّماح للمغتربين بالتّصويت لكامل أعضاء مجلس النوّاب، وحصرهم بستّة نوّابٍ فقط يمثّلون الاغتراب”.
وذكرت المعلومات أنّ “في المقابل، سيدعو ميقاتي إلى جلسة لمجلس الوزراء، على جدول أعمالها تعيين رئيس جديد لمجلس القضاء الأعلى، مدعّ عام تمييزي، مدعّ عام مالي ورئيس للتّفتيش القضائي. ويعني ذلك كلّه، فتح باب لمخرج قضائي يسمح بسحب ملفّ التّحقيق مع النوّاب في جريمة انفجار المرفأ من يد القاضي طارق البيطار، وتسليمه إلى المجلس النّيابي”.
في هذا الإطار، أكّد عضو كتلة “التّنمية والتّحرير” النّائب محمد خواجة، في حديث إلى “هنا لبنان”، أنّه “لا وجود لصفقة مماثلة، حتّى أنّني سألت معنيّين عمّا إذا كان هذا الكلام صحيحًا، فأجابوني بالنّفي”، مشيرًا إلى أنّه “إذا كان هناك شيء ما يحضَّر، ولمّ تتّضح معالمه بعد، فلا عِلم لي بذلك”.
وعمّا إذا هنالك من بوادر حلحلة على خطّ عودة اجتماعات مجلس الوزراء، أوضح أنّ “التّواصل لم ينقطع في هذا السّياق، لكنّ كلّ المسارات مرتبطة ببعضها البعض”. وعن موقف الكتلة في حال قبِل المجلس الدّستوري بالطّعن المقدّم من “لبنان القوي” بالتّعديلات على قانون الانتخاب، لفت خواجة إلى أنّ “القرار بيد المجلس الدّستوري الّذي تمّ اللّجوء إليه، ونحن نحترم قراره أيًّا كان، ولن يوقفنا ذلك عن التّحضير للانتخابات النيابيّة المقبلة”.
رأى البعض في إصرار رئيس “التيّار الوطني الحرّ” النّائب جبران باسيل على حصر اقتراع المغتربين بستّة نوّاب فقط، قلقًا من أصوات المغتربين الّذين تسجّلوا بكثافة للاقتراع، خصوصًا في الدّائرة الّتي سيترشّح فيها، ما دفعه إلى القبول بـ “الصّفقة” المذكورة، بناءً على حسابات انتخابيّة. غير أنّ عضو تكتّل “لبنان القوي” النّائب ماريو عون، شدّد في حديث إلى “هنا لبنان”، على أنّ “موضوع الصّفقات غير وارد لدى “التيّار الوطني الحرّ” ولا في ذهنه، وهو من نسج خيال بعض الإعلاميّين”، داعيًا إلى “انتظار ما سيحصل غدًا، على صعيد صدور قرار المجلس الدّستوري بالنّسبة للطّعن، لكن ليس هناك من صفقات على حدّ علمي، و”التيّار” لا يقوم بخطوات من هذا النّوع”.
وتعليقًا على البيان الأخير لـ “الوطني الحر”، الّذي رأى أنّ الاستنسابيّة الّتي تشوب التّحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، والتّأخير في إنهاء التّحقيقات والمراوحة الحاصلة، تزيد المخاوف من عدم انكشاف الحقيقة، ركّز عون، على “أنّنا لا نزال نؤيّد القضاء العدلي بموضوع المرفأ، ونؤيّد أيضًا فصل السّلطات وعدم التدخّل في شؤون القضاء بهذا الإطار، لكنّ الأكيد أنّه مع تقدّم الزّمن في قضيّة مرفأ بيروت، يتّضح لنا أنّه قد يكون هناك نوع من الاستنسابيّة بالنّسبة للاتّهامات أو الظنّ ببعض الوزراء والمسؤولين في تلك الحقبة من الزّمن”.
وبيّن أنّ “من المفترض أن تكون المساءلة جماعيّة لكلّ الوزراء المعنيّين في تلك الفترة. لذلك، نقول إنّنا نخشى أن تكون هناك استنسابيّة، ولكنّنا لا نجزم وجودها”، مقِرًّا بـ “وجود تغيير طفيف بنظرتنا لما يحصل على صعيد القضاء، إلى حين إثبات العكس”.
بات من شبه المؤكّد أنّ حكومة ميقاتي لن تخرج من عمق زجاجة التّعطيل، إلّا بتسوية تكون مُربحة لمعظم الأفرقاء. وكما كان متوقّعًا، دخل ضحايا انفجار المرفأ البازار السّياسي الرّخيص، خدمةً لمصالح سياسيّين أبَوا إلّا أن يقتلوهم أكثر من مرّة؛ بالرّغم من نداءاتهم الاستعراضيّة لكشف الحقيقة ومعاقبة المجرمين. فهل يكون قرار المجلس الدستوري، الخطوة الأولى في مسار الصّفقة؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
تحرير سعر ربطة الخبز… إلى 65 ألف ليرة سِر! | في سيناريوهات الحرب: مصير لبنان النّفطي معلّق بالممرّ البحري | جنود المستشفيات جاهزون للحرب… بشرط |