المغنّون والموسيقيّون: الأعياد بارقة أمل… ولكن!
كتبت فانيسا مرعي لـ “هنا لبنان”:
لطالما شكّلت المناسبات والأعياد فرصةً لتنشيط أعمال معظم القطاعات في لبنان وتحريك عجلة الاقتصاد، غير أن الأوضاع في السنوات الأخيرة تغيّرت مع الأزمات العديدة التي حلّت بالبلد. فعدا عن الظروف الاقتصادية المتردّية، فرضت جائحة كورونا اتخاذ إجراءات وقائية مشدّدة، ما أثر سلباً على أعمال مختلف القطاعات خصوصاً على عمل المغنّين والموسيقيّين من جهة والمطاعم والمقاهي والملاهي من جهة أخرى…
تعتبر ليلة رأس السنة والمناسبات عموماً بارقة أمل لما يقارب 1500 منتسبٍ إلى نقابة محترفي الموسيقى والغناء في لبنان، فضلاً عن العدد العامل في هذا المجال من دون الانتساب إليها، كون هذه المناسبات تتيح لهم الحصول على أجور أفضل من تلك التي يتقاضونها مقابل عملهم في الأيام العادية… لكنّ هذه المعضلة تبدّلت أخيراً.
“قطاعنا يتأثّر بأي أزمة تحصل في البلد؛ فنحن أوّل من يتوقّف عملهم بفعل الأزمات وآخر من يعاود العمل بشكل طبيعيّ”، يؤكد رئيس نقابة محترفي الموسيقى والغناء في لبنان فريد بو سعيد.
وفي حديث إلى موقع “هنا لبنان”، يلفت إلى أنه “مقارنة مع السنوات الماضية، شهدت أعمال المغنّين والموسيقيّين هذا العام تحسّناً طفيفاً، لاسيّما بالنّسبة إلى عدد العروض المقدَّمة لهم للمشاركة في الاحتفالات القائمة خلال فترة الأعياد، بينها ليلة رأس السنة، رغم أن هذا التّحسن لا يوازي ما نتمنّاه”. ولكنّه، يشير في الوقت نفسه، إلى أن الأسعار التي تُعرض عليهم لقاء إحياء الحفلات تراجعت كثيراً.
ويشرح بو سعيد أنه خلال الأعوام السابقة، أي قبل الأزمة الماليّة، كان المغنّي والموسيقيّ يقبضان بـ “الفريش دولار”، أما اليوم فهما يحصلان مقابل تعبهما على أجر باللّيرة، وبسعر متدنٍّ جداً مقارنة مع ما يسجّله سعر صرف الدولار.
في هذا الإطار، لا يمكن التغاضي عن أن نسبة ليست بقليلة من العاملين في هذا القطاع تُفضّل العمل خارج لبنان ليلة رأس السنة تحديداً، لأن المبلغ الذي يُدفع هناك هو بالدولار. وفي حين وجد البعض منهم هذه الفرصة، يتخوّف البعض الآخر من البقاء من دون عمل في هذه الفترة، نظراً إلى الوضع السيّئ في البلد واحتمال عدم حصولهم على عروض في بلدان أخرى.
وعلى سبيل المثال، من بين الذين قد يتّجهون إلى العمل خارج لبنان في هذه اللّيلة، الموسيقيّ أنطوني الحصني، إذ يشرح أن عمله في العزف على آلة البزق يُعتبر جيّداً في فترة الأعياد، لكنّ الأجور أصبحت منخفضة.
الحصني الذي لا يعتمد فقط على العزف، بل يعمل أيضاً مدرّس موسيقى، يأسف لوصول الوضع إلى ما هو عليه، إذ يقول إن “المبلغ الذي يتقاضاه الموسيقيّ في الحفلة الواحدة بات اليوم يشكّل نسبة 30% من المبلغ الذي كان يُدفع سابقاً”.
وبعيداً من الأزمات التي ترتدّ سلباً على القطاع، يشكو بو سعيد أيضاً من “مشكلة أساسيّة قائمة منذ سنوات تكمن في المنافسة التي يتعرّض لها المغنّون والموسيقيّون اللّبنانيّون من قبل العاملين غير اللّبنانيّين في هذا المجال والذين يعملون خارج الأطر القانونيّة”.
وإذ يؤكّد بو سعيد أن النقابة تسعى إلى استصدار قوانين محفّزة للعاملين في القطاع وتأمين مساعدات لدعمهم، يشدّد على ضرورة أن تجد الدولة حلّاً شاملاً لمشاكل المغنّين والموسيقيّين. وهنا يحذّر من خطورة اتّخاذ، في وقت لاحق، قرار الإقفال العام في البلد لمواجهة فيروس كورونا، لأن ذلك سيشكّل الضربة القاضية للقطاع.
العلاقة وثيقة بين عمل المغنّين والموسيقيّين وعمل المطاعم والمقاهي والملاهي، فكلّما زاد الإقبال على هذه المؤسسات تمكّن أصحابُها من دفع مبالغ لتنظيم برامج فنّية.
وفي ظلّ الإجراءات المرتبطة بفيروس كورونا والتي تمنع إقامة الحفلات بقدرة استيعابية تفوق 50% من سعة المكان، يشير نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري خالد نزهة لـ “هنا لبنان” إلى أن “المطاعم ذات المساحة الكبيرة، والتي لديها القدرة على استقبال عدد مقبول من الزبائن مع احترام الإجراءات المذكورة، قد تتمكّن من تنظيم برامج فنّية ليلة رأس السنة”. ويُضيف: غير أن مطاعم أخرى قد تكتفي بـ “DJ” نظراً إلى مساحتها الصغيرة واضطرارها إلى الالتزام أيضاً بهذه الإجراءات.
وعن نسبة الحجوزات في هذه اللّيلة، يكشف نزهة “أنها لا تزال خجولة، لأنّ عدداً كبيراً من المواطنين يتّخذ قرار السهر والحجز في المطاعم في اللّحظة الأخيرة، ولكنّ التّعويل الأكبر يبقى على مجيء المغتربين”.
ويختم نزهة متفائلاً بالعدد المرتفع للوافدين المتوقّع وصولهم إلى لبنان خلال هذه الفترة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
دور الحضانة أمام مفترق طرق… ومستوى خدماتها مهدّد | أزمة القمح تهدّد الأمن الغذائي… هل تُصبح تسعيرة الخبز يوميّة؟ | موسم التزلّج يتأرجح بين الأبيض والأسود |