عون: الحلّ لن يكون على أيّامي!
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
في مقابلةٍ أرادها رئيس الجمهورية ميشال عون أن تكون منصّةً روحيّةً يستشرف فيها المستقبل، وردت صراحةً عبارة أنّ لبنان بحاجةٍ إلى “6 أو 7 سنوات للخروج من الأزمة التي يعاني منها”. وفي حسابٍ بسيط، مع التّأكيد أنّ الأعمار بيد الله، ونتمنّى لفخامته طول العمر، يتّضح وبتأكيدٍ من رئيس الجمهورية أنّ الحلّ في لبنان لن يكون أيّام الرئيس عون.
لماذا هي منصّةٌ روحيّة؟
لأنّ المقابلة أجراها عشيّة الميلاد المطران عصام يوحنا درويش وبثّتها قناة “أو تي في” التابعة لـ “التيار الوطني الحر”، أي تيّار رئيس الجمهورية الذي يتزعّمه حاليًّا النائب جبران باسيل.
المهمّ أن نعرف أنّ الرئيس عون من مواليد 30 أيلول عام 1933، أي أنّه تجاوز سن الـ 88 عاماً. وبعد 7 سنوات، ونجدّد القول أطال الله بعمر فخامته، يصبح عندئذٍ الرّئيس في الـ 95. وهنا لا مجال للمناقشة، أنّ هناك احتمال كبير أن لا يكون الرئيس بيننا ليشهد هذا الحلّ.
إذاً، سيكون هناك حلٌّ كما يؤكّد رئيس الجمهورية، كما يؤكّده منطق الأمور الذي يبسّطه المثل الشعبي “ما في طلعة إلا وراءها نزلة”. لكن من المؤسف أنّ لبنان أضاع مع العهد الحالي خمسة أعوام، العهد الذي صار على مشارف السنة السادسة والأخيرة. وكان البعض يعتقد أنّ رقم الحظ الـ 13 سينطبق على العهد الحالي، باعتبار أنّ عون هو الرئيس الثالث عشر للجمهورية. لكنّ هذا الاعتقاد قد خاب كليًّا. وهناك الكثير ليقال إذ أنّ لبنان لم يعرف في تاريخه منذ نشوء الكيان عام 1920 مثل هذا الانهيار الذي يقع فيه الآن. لا بل هناك أوجه شبهٍ بين أحوال لبنان حاليًّا وبينما كان عليه أثناء المجاعة الكبرى عام 1918، عندما كانت البلاد في نهاية السيطرة العثمانية.
ربّ من يسأل: هل العهد الحالي وحده المسؤول عن هذه الكارثة الكبرى التي حلّت بالوطن؟ بالتأكيد كلا، فهناك كثيرون يتحمّلون المسؤولية، إنما وبالتّأكيد أيضاً، ليسوا مسؤولين بقدر المسؤول الأول، أي رئيس الجمهورية. ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور مروان إسكندر، أنّ 60 مليار دولار هي خسائر الكهرباء في لبنان من دون أن تكون هناك كهرباء. وهذا القطاع بالتحديد كان حقيبة “التيار الوطني الحر” التي لم يحد عنها منذ أعوامٍ طويلةٍ، بعد عودة الجنرال عون من منفاه في فرنسا عام 2005. وقد تربّع على عرش هذه الحقيبة رئيس التيار الحالي، قبل أن يتعاقب عليها من كانوا ولا يزالون من فريقه المباشر.
أين ذهبت الـ 60 مليارًا المهدورة على الكهرباء؟ هنا في هذه القضية، قصصٌ تفوق قصّة مغارة علي بابا الشهيرة. ويجري التّداول حاليًّا في جلسات سياسية كم هي النعمة ظاهرة ضمن أسرة صاحب العهد. ومن أنباء هذه النعمة أنّ أفراد هذه الأسرة “لا ينقطعون عن الترحال إلى باريس حتى ولو من أجل تنظيف الأسنان.”
في المقابل، لا تزال حجّة الرئيس عون المفضّلة والتي يكرّرها دوماً من هم في حاشيته هي، “أنّنا وصلنا إلى ما نحن عليه نتيجة الخطيئة والسرقة والفساد والفشل في النظام”.
فهل كان هذا النظام، الذي يعلّق عليه عون كلّ الخطايا، من أغرى التيار أن يأخذ من كعكة نهب المال العام المشؤومة، 60 مليار دولارًا؟
منذ أكثر من 16 عاماً، يمارس عون الأدوار في لبنان مباشرة، ومن بين هذه الأعوام، أكثر من 15 عاماً من “التّفاهم” بينه وبين الأمين العام لحزب الله “حسن نصر الله” الذي نجح في إيصال شريكه في “التفاهم” إلى رئاسة الجمهورية. وها هي النتيجة اليوم حيث صار لبنان دولةً فاشلةً بكلّ ما في هذه الكلمات من معنى. وكم كانت هشّةً ردّة فعل النّائب باسيل، والتي ارتدت طابع “الغضب” حيال ما صدر عن المجلس الدستوري في 21 كانون الأول. فهو أقام الدنيا ظاهريًّا على الثنائي الشيعي، “حزب الله” وحركة “أمل”، إلى درجةٍ طرحت معها قناة “أو تي في” سؤالًا في ذلك اليوم: هل انتهى تفاهم مار مخايل؟ لكن الجواب على هذا السّؤال على لسان باسيل ارتجله في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد صدور “لا قرار” المجلس الدستوري. وكان لافتاً، أنّ هذا الجواب لم يرد في النّصّ الّذي جرى توزيعه على الإعلام لاحقًا. فقد قال باسيل: “هذا الموضوع له مترتّبات ونتائج سياسيّة حكماً. أنا ما بحب إحكي على الحامي، وأعمل ردات فعل. هيدا الموضوع، منروح منعيّد ومنصرّخ ومنفكر على رواق، وإن شاء الله نلتقي معكم الأحد في 2 كانون الثاني. الآن منعيّد كلنا سوا، والحكي المفصّل بينحكى الأحد في 2 كانون الثاني.”
باختصار، ما هو “حامٍ” حاليًّا، كما يقول باسيل، سـ “يبرد” في 2 كانون الثاني المقبل. تمامًا مثلما يعدنا الرئيس عون بحلٍّ بعد 7 سنوات.
إنّ التيار هو بامتيازٍ تيّار الوعود التي لا تتحقّق، بل ما يتحقّق هو الانهيار الّذي لا سابق له في تاريخ لبنان. أمّا وعد عون الجديد، فهو ببساطة: الحلّ لن يكون على أيامي. ومن ناحيتنا كلبنانيين نقول: أخذنا علماً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |