جلسات الحكومة معطلة.. فهل تحلّ اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع مكانها؟ مالك لـ “هنا لبنان”: لا يمكن لهذا المجلس سدّ النقص والدستور واضح.
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان” :
في كلّ مرّةٍ تتمّ الدعوة إلى اجتماع المجلس الأعلى للدّفاع، يتبادر إلى الأذهان أنّ الملفّات ذات الطّابع الأمنيّ هي وحدها الّتي ستُناقش أو أنّ قرارات تتّصل وفق هذا العنوان ستُتّخذ، لكنه ومع ذلك تحوّل في لحظةٍ ما إلى مجلس وزراءٍ مصغّر بفعل التوسع في عددٍ من القضايا والمداولات، فضلاً عن المواقف السياسية التي كانت تُطلق خلاله.
هذه المقاربة ليست وليدة اليوم، وقد ظهر ذلك بشكلٍ واضحٍ عندما استقالت حكومة الرئيس حسان دياب في أعقاب انفجار الرابع من آب، وأضحت حكومة تصريف أعمال. وعُقد أكثر من اجتماعٍ للمجلس الأعلى خلال هذه الفترة، حتّى صار يُقال أنّه بديلٌ عن أيّ جلسةٍ لحكومة تصريف الأعمال رفض دياب انعقادها وتمسّك بذلك، مع العلم أنّ كل الأزمات قامت في عهدها بالإضافة إلى انعكاسات وباء كورونا.
مؤخّراً تكرّر سيناريو إعلان المواقف السياسية في المجلس الأعلى للدفاع، فكانت الرسالة المباشرة لرئيس الجمهورية ميشال عون عن غياب جلسات مجلس الوزراء وردّ رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي حول تعذّر قيام أيّ جلسة حكومية خشيةً من تداعياتها.
إذاً حتى الأمس القريب بقيت اجتماعات المجلس الأعلى تنعقد بشكلٍ متواصلٍ، وقد يتكرّر المشهد نفسه في ظلّ التعطيل المستمرّ لجلسات الحكومة الحالية والتي تعدّ مكتملة الأوصاف دستوريًّا.
ما هو متعارفٌ عليه وفق قانون الدفاع الوطني، أنّ صلاحيّات هذا المجلس أن يولي أهميةً خاصةً للتعبئة الدفاعية التي تتناول القضايا الآتية:
الخدمة العسكرية والتجنيد الإجباري، والتعبئة التربوية وتعبئة النشاط الاقتصادي بفروعه الزراعي والصناعي والمالي، والنشاط الصحي والطبي، بالإضافة إلى تعبئة عامة للدولة والمواطنين وخاصة الدفاع المدني ونشاطات الإرشادات والتوعية، ويوزّع هذا المجلس المهام الدفاعية على الوزارات والأجهزة المعنية ويعطي التوجيهات والتعليمات اللازمة بشأنها ويتابع تنفيذها ويقرّ خطة العديد والتجهيز الموضوعة لهذه المهام.
من الصعوبة بمكانٍ ما التكهّن بمصير مجلس الوزراء بفعل الواقع الذي فرضه شلّ المؤسسات الدستورية، كما أنّه لا يمكن التأكيد أن حلًّا ما سيُقترح قريباً.
وهنا تلفت مصادر سياسية مطلعة لـ “هنا لبنان” إلى أنّ المشهد في لبنان مقبلٌ نحو المزيد من التأزم، وليس هناك ما يوحي سوى بمعارك سياسية مفتوحة إلى ما لا نهاية، ما قد يترك انعكاساته على مختلف الميادين.
وتؤكّد المصادر نفسها أنّ التوقعات بانهياراتٍ متتاليةٍ في البلد قد تتطلّب متابعةً دائمةً.
فهل يكون المجلس الأعلى للدفاع البديل عن الحكومة في الوقت الراهن؟
يقول الخبير الدستوري والمحامي سعيد مالك لـ “هنا لبنان” أنه لا يمكن للمجلس الأعلى للدفاع أن يسدّ النقص بفعل غياب جلسات مجلس الوزراء، وبالتالي لا صلاحيات لهذا المجلس لأن يقوم بدور مجلس الوزراء. ويشير إلى أنه وفق قانون الدفاع المدني الذي صدر بمرسوم يحمل الرقم ٨٣/١٠٢، تُحدّد مهام وصلاحيات المجلس الأعلى للدفاع بتنفيذ القرارات التي تصدر عن مجلس الوزراء، وعملاً بأحكام المادة ٦٥ من الدستور حيث تنحصر المهام في وضع سياسة الدولة في كافة الميادين والمجالات، بمجلس الوزراء.
ويلفت مالك إلى أنه لا يمكن الاستعاضة عن مجلس الوزراء بالمجلس الأعلى للدفاع، إذ أنّ هناك قرارات تستدعي حكماً أن تصدر عن السلطة التنفيذية أو عن الحكومة مجتمعة ووفقاً للدستور، موضحاً أنّ الصلاحيات محددة للمجلس الأعلى للدفاع وأيّ تجاوزٍ لها يخالف الدستور. وبالتالي لا بديل عن مجلس الوزراء للقيام بدوره وواجبه في إدارة شؤون البلاد والعباد، وعلى الحكومة أن تجتمع لإصدار القرارات اللازمة.
ويرى أنه لا يجوز في أيّ حالٍ اعتبار أن المجلس الأعلى للدفاع قادرٌ على أن يحلّ محلّ مجلس الوزراء، وأن تتحوّل بالتالي صلاحيات مجلس الوزراء إليه.