تحديات الـ2022: التسوية المستحيلة… والمواجهات الصعبة!


أخبار بارزة, خاص 30 كانون الأول, 2021

كتبت رولا حداد لـ “هنا لبنان” :

منذ مطلع الـ2021 غرق اللبنانيون في قعر الانهيار. أمضوا أوقاتهم بين تتبّع أخبار تطبيقات سعر صرف الدولار مقابل الليرة، وبين الانتظار على طوابير الذل في انتظار تحصيل ليترات قليلة من الوقود لسياراتهم. خفتت الثورة أو اختنقت ما بين القمع الذي مارسه “حزب الله” في البدايات بحق الثوار، وما بين المناكفات الداخلية لمجوعات الثورة.

ينتظر اللبنانيون مصيرهم من الخارج بعدما اقتنعوا صاغرين بعجزهم عن “ارتكاب” التغيير المنشود بحركة أو انتفاضة أو ثورة داخلية. يترقبون لون الدخان الذي سيخرج من مدخنة فيينا أو ربما من قلب المنشآت النووية الإيرانية في حال نفّذت إسرائيل تهديداتها إذا خرج الدخان الأسود من فيينا.

لا يستطيع اللبنانيون الجزم أيهما سيسبق: انهيار النظام وبقايا المؤسسات بالكامل بسبب هيمنة “حزب الله” وفشل الطبقة السياسية أم فتح جبهة الجنوب واندلاع حرب بين إسرائيل و”حزب الله”، سواء نتيجة ردّ الحزب على أيّ ضربةٍ إسرائيلية لإيران أم توجيه إسرائيل ضربةً استباقيةً للحزب قبل ضرب إيران أو بالتوازي مع الضربة.

الأهم من كل ذلك أن ثمة اقتناعاً راسخاً يؤرقهم: دستور الطائف فشل وسقط، والبحث بات أكثر من جديٍّ عن نظامٍ بديل، وما من تعبيرٍ أبلغ عن هذه الحال سوى سؤال رئيس الجمهورية في كلمته الأخيرة “هل لا يزال اللبنانيون متفقين على وحدة الدولة أم أن النظام سقط وأصبح كلّ واحد يبحث عن مصلحته؟”

إنها خلاصة الواقع اللبناني المتأزم وسط اقتناعٍ تام – وغير مبرّر- بأن الحل أو الخلاص سيأتي من الخارج القابع بين حدّين:

التسوية المستحيلة بين الغرب وإيران التي تشتري الوقت في مفاوضات صورية بانتظار صنع أول قنبلة نووية لتعود بعدها على طاولة المفاوضات على أساس اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية وليس على أساس الاتفاق النووي لعام 2015، والمواجهة الصعبة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وإيران من جهة ثانية على كامل رقعة الشرق الأوسط والخليج.

وفي حين تشتري إيران الوقت في مفاوضات عبثية ولكن بصبر طويل يشبه صبر حياكة السجاد، تؤكد الولايات المتحدة عدم سماحها لإيران بامتلاك قنبلة نووية من دون أن تفعل شيئًا لردعها. في المقابل تتوعد إسرائيل يومياً بضرب إيران بما يكاد يكون أقرب إلى التهويل الفارغ على قاعدة أن أحداً لا يكشف عن نواياه لا بل يحتفظ بعامل المباغتة، إلا إذا كانت تل أبيب تسعى لفرض أمر واقع على واشنطن بما يلزم الأخيرة بمنح الضوء الأخضر للضربة الإسرائيلية.

وفي هذا الوقت حشدت دول الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية طاقاتها ودقت النفير لخوض مواجهات متنقلة مع أذرع إيران في المنطقة، عسكرياً في اليمن بمواجهة الحوثيين وتكثيف الضربات الموجهة إليهم، وسياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً بمواجهة “حزب الله” لمحاولة تطويقه داخل لبنان.

ما يعقّد الأمور على كل المستويات أن الاقتصاد العالمي يعيش أخطر أزمة منذ أزمة العام 2008. الولايات المتحدة تعاني من أخطر تضخّم منذ عقود إضافة إلى ارتفاع هائل في نسبة البطالة نتيجة أزمة فيروس كورونا. أوروبا بدورها تعاني نتيجة العودة إلى الإغلاق وهي التي لم تتمكن من تجاوز آثار الأزمة رغم أن دولها أنفقت موازنات ضخمة في العامين المنصرمين لدعم اقتصاداتها وتأمين تجاوز مؤسساتها الاقتصادية لتداعيات “كوفيد 19”.

هكذا يقبع العالم على حدود الهلع المتمادي اقتصادياً وصحياً نتيجة الفيروس الصيني المنشأ، كما على حدود الخوف من الانزلاق إلى مواجهات في الشرق الأوسط والخليج قد يصعب حصر نيرانها إذا اشتعلت.

ربّ قائل إن اللااستقرار العالمي من الشرق الأوسط والخليج مروراً بالأزمة الروسية-الأوكرانية وليس انتهاء بتعقيدات المواجهة الأميركية-الغربية مع الصين قد يسهّل الانزلاق نحو المواجهة الكبرى، أو ربما مواجهات كبرى متنقلة وصعبة جداً.

أما في لبنان فلا صوت يمكن أن يعلو فوق صوت قرقعة صناديق 15 أيار إلا صوت أزيز الرصاص فيما لو رغب “حزب الله” بتطيير الانتخابات لإدخال لبنان في نفق الفراغ الدستوري الشامل ما قد يسهّل إشعال الساحة اللبنانية في انتظار نتائج المواجهات الإقليمية.

إنها صورة سوداوية ترتسم لسنة 2022 التي لن تعطي ضمانات لأحد عشية انطلاقها…

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us