الفسيفساء الانتخابيّة بانتظار عودة الحريري!
كتب إيلي صرّوف لـ “هنا لبنان”:
انطلق السّياسيّون والمحلّلون اللّبنانيّون في تركيب لوحة الفسيفساء المتوقَّع أن تُخيّم على المشهد السّياسي، بعد الانتخابات النّيابيّة المُزمع إجراؤها في 15 أيّار 2022. غير أنّ عقبةً زرقاء تعيق هؤلاء من إكمال لوحتهم، فهل يستعينون بأحجار “المستقبل”، كما جرت العادة في الدّورات السّابقة، أم يحجمون عن استخدامها هذه المرّة؟
“الحريري انتهى سياسيًّا”، هي العبارة الأبرز الّتي رافقت اسم رئيس الحكومة السّابق سعد الحريري، في الأسابيع الماضية. فقد كثرت الأقاويل مؤخّرًا، الّتي تُفيد بأنّ الحريري المتواجد خارج لبنان منذ أشهر، قرّر اعتزال العمل السّياسي، بعد خسائر وإخفاقات متتالية؛ من أبرزها تراجع حجم كتلة “المستقبل” النّيابيّة بعد انتخابات عام 2018. لكنّ هذه الأقاويل دحضها عضو الكتلة نفسها النّائب بكر الحجيري، الّذي أكّد أنّ “الكلام عن اعتزال الحريري العمل السّياسي عارٍ عن الصحّة، وغير دقيق إطلاقًا”.
وأوضح، في حديث لـ “هنا لبنان”، أنّ “قرار مشاركة “تيّار المستقبل” في الانتخابات البرلمانيّة المقبلة، متوقّفٌ على عودة الحريري إلى لبنان بعد رأس السّنة مباشرةً، لكن مبدئيًّا، سيخوض التيّار المعركة الانتخابيّة، وسيشارك بلوائح في مختلف الدّوائر، كما جرت العادة”.
مشاركة الحريري بالانتخابات لا تزال ضمن دائرة الفرضيّات والتّحليلات، وتحكمها عدّة حسابات وتحالفات، حتّى أنّ الحجيري لم يُعطِ جوابًا حاسمًا بشأنها، مكتفيًا بالقول: “إن شاء الله”.
غادر الحريري لبنان، بعد عدم تمكّنه من تأليف حكومة العهد الرّابعة، وتسليمه كرة النّار إلى عضو نادي رؤساء الحكومات السّابقين، نجيب ميقاتي، مزنّرةً بعبارات الدّعم والتّأكيد على متانة العلاقة الّتي تجمعهما. غير أنّ حكومة ميقاتي لم تصمد طويلًا، وتفرملت عجلاتها باكرًا أمام أزمةٍ سياسيّةٍ-قضائيّةٍ، يتّسم أفقها بالضبابيّة. فهل كان سيخطو الحريري الخُطا نفسها الّتي انتهجها ميقاتي، لو كان هو رئيس السّلطة التنفيذيّة؟
في هذا الإطار، يشير الحجيري إلى أنّه “لو كان الحريري يريد تأليف حكومةٍ شبيهةٍ بالّتي شكّلها ميقاتي، لكان فعل ذلك، ولما انتظر تسعة أشهر قبل تقديم اعتذاره”، مشدّدًا على أنّ “البلد متروكٌ، غير ممسوكٍ من أيّ ناحية، وأبوابه مشرّعةٌ على كلّ الاتجاهات. وأيّ رئيس حكومةٍ كان، إذا لم يتمكّن من ضبط حدود البلد، فلن يستطيع إنجاز أيّ مهمّة”.
أمّا عن قراءة “تيّار المستقبل” للخطاب الأخير لرئيس الجمهوريّة ميشال عون، الّذي تشنّجت العلاقة بينه وبين الحريري، خصوصًا على أثر اختلاف الرّؤى حول المعايير الواجب اعتمادها لتأليف الحكومة الأخيرة، فلفت الحجيري إلى أنّ “الخطاب غير مفيد إطلاقًا، والرّئيس عون لم يتكلّم بأيّ جديد، وتأخّر كثيرًا بالنّسبة للمواضيع الّتي طرحها. هو يتكلّم عن البلد، في حين أنّه فعليًّا لم يعد هناك بلد. ويتحدّث عن طاولة الحوار، لكن مع من؟”. وركّز على أنّ “الشّعب اللّبناني ليس غبيًّا، فكيف بالحريّ بعد الأزمة الأخيرة الّتي مرّ بها؟
الجميع ينتظر موقف الحريري النّهائي من مسألة مشاركته و”المستقبل” في الانتخابات النيّابيّة المقبلة، لتتضّح أكثر صورة التّحالفات والأسماء والأحجام، ولرسم خارطة طريق التيّار، ومعرفة ما إذا كان سيتنازل عن لقب “الزّعيم السنّي الأوّل”. فهل ينتظر الحريري أيّ إشارةٍ أو دعمٍ سعوديٍّ قبل اتّخاذ قراره؟ وهل سيلجأ إلى إعادة إحياء بعض التّحالفات القديمة، الّتي وضعتها الاختلافات السّياسيّة في أدراج الماضي؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
تحرير سعر ربطة الخبز… إلى 65 ألف ليرة سِر! | في سيناريوهات الحرب: مصير لبنان النّفطي معلّق بالممرّ البحري | جنود المستشفيات جاهزون للحرب… بشرط |