مغاور خفيّة وثلاثة جسور… حكاية بالوع بلعا الأسطوري
كتبت فاتن الحاج حسن لـ”هنا لبنان”:
لكلّ مكانٍ سحره الخاصّ ولكلّ قريةٍ قصّة مليئة بالحقائق التاريخيّة والجمال الطبيعي..
وها هو بالوع بلعا أو بالوع بعتارة في أعالي منطقة البترون: مقصد المستكشفين الأجانب والمغامرين ومركز الجذب السياحي.
هو معلم لبناني مميّز، إذ يقع على خطّ درب الجبل اللبناني، هذا إلى جانب طبيعته الفريدة من نوعها والتي تستقطب إليه آلاف السيّاح سنويّاً من مختلف بقاع الأرض.
يقع البالوع على ارتفاع 1550 مترًا فوق سطح الأرض، ويبعد حوالي سبعين كيلومتراً عن بيروت، وبالتالي فهو فريد في شكله وأجزائه، فيبلغ عمقه 255 متراً، أمّا الهوّة فيه فبعمق 90 متراً وبعرض 100 متر.
والمعروف عن البالوع أنّه ذو الجسور الثلاثة المعلّقة فوق بعضها، وأجملها الجسر الأوسط الذي يبلغه الزائر بسهولة. تصبّ المياه في البالوع من عدّة مصادر، كمياه اللقلوق وبلعا وأعالي تنورين.
وعن أقسامه: فيضمّ البالوع مغاور وسراديب وبركاً ودهاليز سريّة.
وقد استغرق تكوُّن فوّهة البالوع نحو 150 مليون سنة، بحسب العلماء الجيولجيّين. وهو يعدّ علميّاً، “بالوعاً حيّاً”، لأنّ المياه لا تزال تسقط فيه حتّى الآن.
أمّا شلاله فهو متأتٍّ من ذوبان الثلج والمتساقطات من أعلي اللقلوق، ويعرف بنهر بعتارة.
وفي محيط البالوع، تظهر أنواعٌ من أشباه النقوش والأشكال الصخريّة والمظاهر التي تميّز الجبال اللبنانيّة، فحين تقترب منه تصاب بالخوف والقشعريرة وتتساءل كيف يمكن للطبيعة أن تكوّن هذا المعلم!
ويمكن الوصول إلى بالوع بلعا مشياً أو عبر التلفريك، وهناك مغامرات عديدة يمكن ممارستها في هذا المعلم الضخم كالمشي على الجسر المعلّق وتسلّق الجبال والمرتفعات المحيطة به، بالإضافة إلى الغطس في البركة الصغيرة الصافية التي يصبّ فيها الشلال في قعر البالوع، والتزحلق على الكابل الحديدي للوصول إلى التلفريك وتسلّق الصخور بالحبال.
لقد اعتدت زيارة هذا المكان فهو واحد من أجمل المعالم البديعة الخلق التي نحتتها البيئة الطبيعيّة، ويعدّ بالوع بلعا من أكبر الوجهات السياحيّة في لبنان التي تستقطب سنويّاً السيّاح الأجانب والسكّان المحليّين.
العديد من الروايات والأقاصيص عن البالوع ومحيطه لا تزال تروى وتنسجها وحشة المكان وسحره، ومنها: وجود مغاور خفيّة في الصخور.
كما يقول علماء فرنسيّون بأنّ طيوراً يزيد عدد ألوانها على العشرين توجد في هذا المكان الجميل. ويحكى عن وجود كنزٍ يحميه رجل يركب الخيل ويجول حوله (رصد). وكلّها روايات وليست حقائق.
المفارقة أنّ بالوع بلعا لا يعرفه كثيرون في لبنان، إلّا أنّه يتمتّع بشهرةٍ عالميّة.
يروي الدكتور فادي الشاعر، الجرّاح في طب الأسنان، مؤسس ورئيس “جمعيّة الثلاثة جسور ” عن البالوع أنّه الوحيد في العالم الذي فيه ثلاثة جسور، كما يشير إلى أنّ نسبة الزيارات للبالوع تكون كثيرةً في فصل الربيع (نيسان – أيّار) بسبب ذوبان الثلج، فيكون منظر الشلّال ممتعاً برونقٍ أجمل.
ويوضّح الشاعر أنّه بسبب الظروف الحاليّة، كان الإقبال على زيارة بالوع بلعا أكبر، كما إنّ المنطقة بحاجةٍ إلى تشجيعٍ كبيرٍ من استثمارٍ في مطاعم وأماكن منامة. كما أشار الشاعر إلى وجود مشروعٍ جديدٍ وهو “مطعم دار الشاعر” الذي يبعد خمس دقائق مشياً عن البالوع.
ويطمح الشاعر إلى تقوية هذا المشروع وتحسينه أكثر، ويأمل أن ينتهي مشروع التلفريك الذي بدأه ليصل إلى المدخل الأساسي للبالوع قريباً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
قطاع تربية النحل بين الإهمال الحكومي والاهتمام الأممي | فؤاد شهاب .. “الرئيس القائد”! | متلازمة الفيبروميالجيا: الأسلوب الأفضل للعلاج |