طاولة الحوار… هل تنهي عهد عون أو تفتتح عهد جبران باسيل؟
كتبت يارا الهندي لـ “هنا لبنان” :
شعورًا منه بأنّ العهد يعيش في شبه عزلة، دعا رئيس الجمهورية ميشال عون إلى طاولة حوارٍ “موسمية” لرأب الصدع بين مختلف الأطراف المتخاصمة في البلاد، ونظرًا للظروف السياسية والأمنية.
ولكن، بعد أخذ هذه الخطوة، أصبح من المهم معرفة ما ستحمله وما هي نتائجها، ومدى نجاحها أو فشلها.
الصحافي والمحلل السياسي بشارة خيرالله وفي حديث خاص لـ “هنا لبنان” يشير إلى أن طاولة الحوار ليست خارج إطار الدستور كما يحلو للبعض أن يسميها، بل هي كناية عن اجتماع مشروع في خدمة تطبيق الدستور. ويحق لرئيس الجمهورية أن يدعو إلى طاولة حوار.
وبالعودة إلى تاريخ الحوار، نجد أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري هو أول من دعا إلى طاولة الحوار في فترة الفراغ الرئاسي عام ٢٠٠٦.
وفي ذلك الوقت تم الاتفاق على وضع استراتيجية دفاعية قبل ذهاب حزب الله إلى حرب تموز.
إلى ذلك، بعد انتهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية بعد اتفاق الدوحة، دعا رئيس الجمهورية إلى طاولة حوار تحت اسم “هيئة الحوار الوطني” تمهيداً لإبقائها هيئة دائمة في سبيل تطبيق الدستور كاملًا، وإقرار استراتيجية دفاعية وتطبيق اللامركزية الإدارية والتهيئة لانتخاب مجلس الشيوخ الذي ينص عليه الدستور.
في حينها تم الاتفاق على ما يُعرف بإعلان بعبدا سنة ٢٠١٢، والذي اتُّفق خلاله على تحييد لبنان عن صراعات المحاور ومنع دخول وخروج المقاتلين إلى سوريا.
وفي أحد بنود هذا الإعلان أيضًا، تم الاتفاق على ضرورة إقرار الاستراتيجية الدفاعية، بعد فترة تنصل حزب الله من عهده ثم عمل جاهدًا لعرقلة الاستراتيجية لكونها تحد من قدرته على استعمال السلاح، ليصبح قرار الحرب والسلم، بيد الدولة فقط. وتجدر الإشارة إلى أنه كان بإمكان حزب الله حينها، أن يقدم المساعدة للدولة في حال أرادت ذلك من خلال الاستعانة بأسلحته.
ولكن في العام ٢٠٢٢، يؤكد خيرالله، أنه لا يصح طلب المساعدة من الحزب، بل أصبح من المتوجب عليه تسليم هذا السلاح ووضعه تحت إمرة الدولة.
فكان على عون، بحسب خيرالله أن يدعو مختلف الأقطاب الى طاولة حوار تحت عناوين أكثر وضوحًا وصراحة، ويطلب من الحزب (المشارك في الحوار) أن يسلّم سلاحه مع وضع آلية سريعة حول كيفية الدفاع عن لبنان، وحفظ أمنه الأمني والسياسي وتحصين سياسته الخارجية. فتدخل الحزب في اليمن يخلق مشكلة سياسية مع السعودية تؤثر على العلاقات اللبنانية السعودية وتنعكس سلبًا على الاقتصاد اللبناني.
المشكلة الأساسية حسب ما أشار خيرالله لـ “هنا لبنان”، تكمن بطريقة دعوة رئيس الجمهورية مختلف الأقطاب إلى طاولة الحوار، واضعًا نفسه في أحضان حزب الله من خلال خطابه الذي استكمله جبران باسيل.
كما اعتبر خيرالله هذه الدعوة غير موفقة من قبل الداعي، لأن محور ٨ آذار هو الوحيد الذي سيلبي الدعوة، كما أن الحزب لم يؤيد يومًا الاستراتيجية الدفاعية ولكن عندما تغير شكلها، ورأى أن رئيس الجمهورية دعا ليشرّع مبدأ جيش، شعب، ومقاومة، أصبح أول المؤيدين لهذه الاستراتيجية.
إذًا طاولةُ الحوار أُفرغت اليوم من مضمونها. فالرئيس عون بإمكانه أن يعقد طاولة حوار بمن حضر ولكن ما هي النتيجة المرجوّة؟ فهذه “زحطة” يتحمل مسؤوليتها عون لأنه دعا مختلف الأطراف بطريقة خاطئة، بحسب حديث خيرالله الذي أكّد أن فلسفة طاولة الحوار تتلخص بكيفية وضع إمرة السلاح بيد الدولة.
المخرج الوحيد، برأي خيرالله، يكون من خلال تأجيل إقامة هذا الحوار ريثما تُعاد صياغة الدّعوة، مؤكدًا أنّ عون لن يُقدم على القيام بهذه الخطوة التي تُغضب حزب الله. فبهذه الدعوة إما ينهي عون عهده ويساهم في إقامة حوار وطني ويضع حدًّا لتجاوزات الحزب، أو يفتتح عهد جبران باسيل، من خلال “مسايرة” حزب الله.
فإذا أراد إيصال باسيل إلى الرئاسة، فلن يسمي الأشياء بأسمائها وسيتهرّب، ظنًا منه أنه يحافظ على مستقبل باسيل الرئاسي، فيما باسيل بات خصم كل القوى الناخبة محليًا ومعاقبًا أميركيًا ومكروهًا عربيًا.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ميقاتي وصفقة المليار يورو… على “ظهر اللبنانيين” | قنبلة الذوق الحراري: مواد كيميائية تنذر بكارثة جديدة في لبنان! | “دورة خفراء في الجمارك” تثير الجدل مجددًا… فهل يتم إقصاء المسيحيين من وظائف الدولة؟ |