مصانع الكبتاغون في لبنان: 100 ألف حبّة يوميًّا لضرب المجتمعات الخليجيّة
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
أعاد قرار السّعوديّة بفرض الحظر على دخول الخضروات والفاكهة اللبنانية أو نقلها إلى أراضيها، بسبب استغلالها في تهريب موادٍ مخدّرة، تسليط الضّوء على تجارة المخدرات في لبنان وانتشار زراعتها ومصانعها في المناطق الخارجة عن سيطرة الدّولة والقوى الأمنية.
ومع أنّ اسم لبنان اقترن بزراعة وتجارة الحشيشة وتصديرها، والتي تنتشر على مساحاتٍ واسعةٍ في البقاع الشمالي، إلا أنّ المعادلة بدأت تتغيّر منذ سنوات مع رواج صناعة حبوب الكبتاغون.
والكبتاغون الذي يعرف بـ “فينيثيلين” هي حبوبٌ تعمل على تنشيط الجهاز العصبي، وتعتبر بمثابة منشّطٍ ذهنيّ تُبقي مستخدمها 48 ساعةً من دون نوم.
فمنذ متى يصنّع لبنان حبوب الكبتاغون؟ أين تتمركز كبرى مصانعها؟ ومن يحمي أصحابها؟
مصدرٌ أمنيٌّ يوضّح لـ “هنا لبنان” أنّ كلّ شحنات تهريب حبوب الكبتاغون التي ضبطت كان مصدرها سوريا أو عبر الحدود اللبنانية، حيث تشكّلت عصاباتٌ إجراميّةٌ وزعماء ميليشيات وعصاباتٌ حدوديّةٌ تصنّع وتوزّع كميّاتٍ كبيرةً من مخدرات الكبتاغون على نطاقٍ واسعٍ لغاياتٍ معروفة.
ويضيف المصدر، تُنتج هذه الميليشيات حبوب الكبتاغون وتهرّبها إلى داخل الدول الخليجية عبر المناطق الحدودية البعيدة عن القانون، مشيراً إلى تورّط مسؤولين من سياسيين وحزبيين في هذه العمليات.
وعن طريقة تصدير حبوب الكبتاغون، يوضح المصدر أنّ المهربين عادةً ما ينقلونها عبر طريقٍ ممتدٍّ من سهل البقاع اللبناني ومدينة القصير السورية الحدودية والطرق شمالًا عبر مناطق سيطرة العلويين باتجاه مينائي اللاذقية وطرطوس.
ويشير المصدر إلى أنّه في لبنان نحو 30 مصنعًا لحبوب الكبتاغون المخدرة، وزاد عددها في السنوات الماضية لا سيّما بعد أن أدّت الحرب الدائرة في سوريا إلى تهريب آلات التصنيع إلى المناطق الحدودية اللبنانية. إضافة إلى أنّ الجهات المشتبه بتورطّها بعمليات إنتاج وتهريب الكبتاغون تستورد آلاتها من إيران أيضاً.
ويتابع “بعض مصانع الكبتاغون تدخل بطريقةٍ شرعيّةٍ إلى الأراضي اللبنانية على أنّها مختبرات كيميائية، والماكينات والتقنيات المستخدمة فيها على أنّها معدّاتٌ طبّية وصيدلانية”.
ويلفت إلى أنّ هذه المصانع من الصعب الكشف عنها خصوصاً وأنّها عادةً ما تتذرّع بأنّها مصانع لصناعة المنظّفات الكيمياوية والمبيدات الحشرية والزراعية، كغطاءٍ لممارسة نشاطها غير الشرعيّ بتصنيع المواد والحبوب المخدرة.
من جهته، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي نزار عبد القادر: “لم يكن لبنان يوماً بعيداً عن المخدرات بأنواعها وأصنافها المتعددة، إذ شكّل أرضًا خصبةً لزراعتها وتصنيعها وتصديرها واستيرادها، ومعبرًا استراتيجيًّا في أدبيات المهربين”.
ويتابع “تنتشر صناعة الكبتاغون في منطقة البقاع الشمالي، ومناطق بعلبك الهرمل، وخصوصاً في القرى الموجودة في السلسلة الشرقية، كما في ريف حمص الجنوبي والغربي وفي جبال القلمون في سوريا حيث التفلّت الأمني”.
ويضيف “من المعروف أنّ مصانع الكبتاغون في لبنان موجودة في مناطق تسيطر عليها أحزاب وميليشيات سياسية، وهي محميّةٌ من قِبَلهم وتعمل تحت رايتهم”.
ويوضح أنّ بداية إدخال معامل الكبتاغون إلى لبنان كانت منذ نحو 40 عاماً، ولكن بدأت تظهر للعلن منذ العام 2011 مع اندلاع الثورة السورية والانفلات الأمني الذي شهدته الحدود اللبنانية السورية، حيث نشطت عمليات تصنيع حبوب الكبتاغون في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة.
وعن عدد المصانع المنتجة لحبوب الكبتاغون يوضح أن هناك العشرات من المصانع التي تحتوي العديد من المعدات والماكينات المصنّعة لها، إذ يمكن لماكينة تصنيع الحبوب إنتاج نحو 700 حبة في الدقيقة، أو ما يقارب 100 ألف حبة في اليوم.
ويقول عبد القادر: “هذه التجارة والصناعة التي يشارك فيها أفرقاء لبنانيين، ستورّط لبنان بأزمةٍ خطيرة، وتهدّد مصير الآلاف من العائلات اللبنانية هناك”.
ويشير إلى مدى خطورة وتأثير صناعة الكبتاغون على العلاقات اللبنانية -الخليجية، “خصوصاً وأنّ الأسواق الخليجية هي المستهدفة، ما يجعلنا نطرح السؤال: هل هناك هدفٌ لضرب الشباب والمجتمعات الخليجية؟ شخصياً أعتقد أنّ الإجابة نعم”.
ويختم بالقول أنّ “الوضع خرج عن كلّ إجراءات السيطرة، سواء القانونية أو الروحية والدينية والأخلاقية والمرحلة دقيقة جداً. فلبنان كلّه بات تحت سيطرة حزب الله وليس منطقة البقاع فقط التي تزدهر فيها تجارة وصناعة المخدرات، وقرار مداهمة مصانع الكبتاغون لا يعود للقوى الأمنية، لأنّها لا تمتلك الجرأة للقيام بذلك، لأنّها تُدرك سلفاً أنّها “مصادر تمويل” لتنظيمات مسلّحة (في إشارة إلى حزب الله) أو لأشخاص مقرّبين منه”.
ومع أنّ أمين عام حزب الله حسن نصرالله أعلن في معرض نفيه خلال إحدى إطلالاته اتّهام حزب الله بتجارة المخدّرات “أنّ تلك المسألة محرّمة”، غير أنّ تقريراً لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي صادر في نوفمبر 2008، أظهر تناقضاً في كلام نصرالله بإشارته إلى أنّه أعلن لأنصاره أنّ “تهريب المخدرات أمرٌ مقبولٌ أخلاقيًّا عندما يتمّ بيع المخدّرات إلى الغربيّين كجزءٍ من الحرب ضدّ الأعداء”.
حزب الله إذًا يُحرّم الإتجار بالمخدرات لنفسه إلّا أنّه “يُحلّلها” لمن يُصنّفهم بالأعداء، أي بعض الدول العربية والغربية.
ورغم أنّ حزب الله يُجاهر دائماً بأن لا علاقة له بتجارة المخدرات ولا بالتجّار، غير أنّه معلومٌ بين اللبنانيين أنه يتغاضى عن أسماءٍ كبيرةٍ تُتاجر بالممنوعات، معظمها من البقاع (شرق لبنان)، كون هؤلاء يقدّمون الدعم المادّيّ للحزب منذ العام 2000، وهم من عشائر معروفة جدًّا في المنطقة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |