حوار المحور
كتب بسام أبو زيد لـ “هنا لبنان” :
لو حصل حوار بعبدا بنسخته الجديدة لكانت نتائجه مشابهةً لنتائج الحوارات السابقة، أي الفشل في تحقيق أيّ إنجازٍ حتى ولو تمّ التوصّل إلى أيّ نتيجة، وهذا هو حال إعلان بعبدا في زمن الرئيس ميشال سليمان.
القضية الراهنة في لبنان ليست في جمع الفرقاء السياسيين حول طاولةٍ واحدةٍ للنقاش في أمورٍ يفترض أن تبحث في الحكومة وفي مجلس النواب، القضية اليوم هي أنّ هناك فريقًا وهو حزب الله يملك مشروعًا إقليميًّا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولا مكان لنقاش هذا المشروع على أيّ طاولةٍ حواريةٍ، وهو يسعى لاستكمال إدخال لبنان في هذا المشروع من كلّ النواحي وفق التزامٍ دينيٍّ وسياسيّ، فكيف يمكن أن يُطلب منه التخلي عن هذا المشروع تحت عناوين متعددة ومنها الاستراتيجية الدفاعية التي لم ولن ترى النور؟
مع إسقاط هذا البند عن جدول أعمال الحوار تسقط كل البنود الأخرى، لأن ما من دولةٍ تقوم وهي تفصيلٌ في مشروعٍ خارجيٍّ. وبالتالي لا لزوم لحديثٍ عن لامركزيةٍ إداريةٍ وماليةٍ ولا لزوم لحديثٍ عن خطةٍ اقتصادية، فالبلد أصبح في ما يعرف باقتصاد الحرب، ويُخطّط له لأن يعيش على هذا المنوال سنواتٍ طويلةً، بهدف إفقار شعبه ودفع نخبه إلى الهجرة وعسكرة من تبقى، وقطع أيّ تواصلٍ له بالعالم المتحضّر والعالم العربيّ، وجعله يعيش فقط على شريان الممانعة يُحييه ساعة يشاء ويفرض الجوع ساعة يشاء أيضًا.
إنّ الداعين للحوار في هذه المرحلة يتحمّلون مسؤوليةً في هذا الواقع الذي وصل إليه لبنان ومن سبقهم يتحمّلون المسؤولية أيضًا، لأنّهم إمّا عن خوفٍ وإمّا عن مصلحةٍ تخلّوا عن قرار الدولة وعن سياساتها الخارجية والأمنية، ورفضوا المواجهة وارتضوا ربط لبنان بمحورٍ خارجيٍّ معتقدين أنّ بإمكانهم الانقلاب على هذا المشروع ساعة يشاؤون ولكنهم فشلوا ودفع البعض منهم الثمن في السياسة وغير السياسة، وسيدفع آخرون الثمن أيضًا ولن تنقذهم الدعوات إلى طاولة حوارٍ لم يحصل بل هي رسمت عند أهل المشروع المزيد من علامات الاستفهام حول توجّهاتهم وولاءاتهم، فهم لم يدركوا منذ البداية أنّ الدخول إلى هذا المحور سهلٌ ولكنّ الخروج منه صعبٌ لأنّ الحوار والرأي فيه هو من جانبٍ واحدٍ ولا مجال لرأيٍ آخر حتّى ولو كان في سبيل تصحيح أيّ تفاهمٍ أو بناء أيّ دولة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |