قطاع النقل في لبنان .. “كلٌ يغنّي على ليلاه”!
كتبت ليا سعد لـ “هنا لبنان” :
على نار ارتفاع وانخفاض سعر صرف، تتقلّب أسعار المواد الأساسية التي تدخل في صلب حياة المواطن اللبناني اليومية. فبعد المواد الغذائية، تشخص الأنظار أسبوعياً إلى قطاع المحروقات وجدول أسعاره الذي يتأرجح صعوداً وهبوطاً على وقع مؤشر أسعار النفط عالمياً وسعر صرف الدولار على الصعيد المحلي.
وبعد الارتفاع الكبير الذي سُجِّل في أسعار المحروقات (البنزين، المازوت والغاز) في الفترة الأخيرة، لجأ عدد كبير من اللبنانيين إلى النقل العام “لتوفير” القليل، وعدم صرف رواتبهم على التنقل من وإلى مكان العمل.
إلّا أنّ المواطنين فوجئوا بالارتفاع الكبير في أسعار بدل النقل العام، أي الباصات وسيارات الأجرة والفانات، التي غابت عنها التسعيرة الموحّدة في ظل الفوضى التي تعتري القطاع وغياب الرقابة. فعلى سبيل المثال، تتراوح تسعيرة الباصات من جبيل إلى الدورة بين الـ 15و 20 ألف ليرة، وهذه التسعيرة ليست رسمية، وكل سائق “يغني على ليلاه” ويسعّر “على مزاجه”، على أنّ أسعار تعرفة نقل الفانات غالباً ما تكون أعلى من الباصات حيث تسجل ما بين الـ 20 والـ 25 ألف ليرة.
أما سيارات الأجرة المخصصة لنقل الركاب من منطقة الجديدة إلى نهر الموت مثلاً، فتتراوح تسعيرتها بين الـ 10 آلاف والـ20 ألف ليرة لبنانية أيضاً حسب مزاج السائق.
تواصل موقع “هنا لبنان” مع أحد سائقي الفانات على خط “دورة – جونية- جبيل”، الذي يعدّ من أنشط الخطوط للباصات العمومية، وروى لنا سبب عدم توحيد سعر النقل قائلاً: “عندما رفع الدعم عن البنزين ومع اشتداد الازمة في فصل الصيف التي شهدت شحاً للمحروقات واحتكاراً لا مثيل له، ارتفعت أسعارنا لأننا وبكل بساطة “بشر”، لدينا عائلات علينا أن نؤمن لها العيش الكريم، إضافة إلى انعكاس سعر صرف الدولار على يومياتنا لا سيما لجهة اضطرارنا لشراء قطع غيار عند تصليح باصاتنا، وفق سعر الصرف.
وعليه، تأتي التسعيرة بحسب وضع السائق المادي ضمن المعقول طبعاً، مراعية أوضاع السائقين وقدرة الركاب”.
وعند سؤال السائق عن سبب عدم خفض تسعيرة النقل مع انخفاض أسعار المحروقات، ردّ مبتسماً وقال إنّ السائقين لا يمكنهم خفض التسعيرة بشكل مفاجئ وكبير لأن عليهم أخذ احتياطاتهم في حال عادت وارتفعت أسعار المحروقات، إضافة إلى غياب الضمانات في تثبيت أسعار المحروقات.
هذا وكان قطاع النقل البري، قد شهد تحركات تصعيدية عدة آخرها ما سمي بـ “يوم الغضب” الذي دعى إليه الاتحاد العمالي العام بالتنسيق مع اتحاد النقل البري للمطالبة بتحقيق وعود الحكومة حول دعم قطاع النقل البري، منها إعفاء السائقين العموميين من رسوم آلياتهم وتوفير محروقات مدعومة لهم بكمية محددة كل شهر.
وللاستيضاح حول التحركات التي سينفذها القطاع النقل البري في شباط المقبل، وعدم توحيد سعر النقل، أوضح لنا رئيس اتحاد النقل البري بسام طليس كل هذه الملابسات، وصرح لموقع “هنا لبنان” بأنّ “على الحكومة وضع بند دعم النقل العام والخطة المتفق عليها بين اتحاد النقل العام ورئيس الحكومة على جدول أعمال مجلس الوزراء الاسبوع المقبل”. وأضاف طليس بأن الخطة “كان من المفترض أن يبدأ تنفيذها في بداية العام ولكن ولأسبابٍ تعود إلى عدم اجتماع الحكومة، تأخر البت بها والموافقة عليها”.
وعن التوقعات للتحرك المرتقب في 2 شباط المقبل خصوصاً وأن التجاوب مع تحرك “يوم الغضب” أتى خجولاً، أكد طليس بأنّ السائقين سيلتزمون بالتحرك للضغط قدر الإمكان على الحكومة لتنفيذ مطالبهم”.
أما بالنسبة إلى الفوضى الحاصلة في تسعير المواصلات، فكشف طليس بأنّ “الخطة المتفق عليها تتضمن بنداً لتوحيد تسعيرة النقل كي لا يُظلم المواطن في تسعيرات تعدّ مجحفةً في بعض الأحيان، ولتنظيم قطاع النقل وتوحيده”. وربط طليس “تفاوت أسعار النقل مع تقلب الدولار وتفلت أسعار قطع غيار الآليات والزيت والصيانة”.
إذاً فوضى تسود قطاع النقل في لبنان ولا حل لها إلا بإقرار خطة النقل في مجلس الوزراء، فهل سيُدرج بندُ قطاع النقل على جدول أعمال الجلسات المقبلة؟ أو سيبقى قطاع النقل يتيمَ المرجعية والتنظيم؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
الأدوية المنتهية الصلاحية.. خطر كبير يهدد مرضى السرطان! | بعد كورونا والكوليرا.. الحصبة: تهديد جديد للبنان؟ | مهنة صيد الأسماك مهددة بالتوقف… والكوليرا أحد الأسباب؟ |