الحزب والحكومة… والنظام الجديد!
كتبت رولا حداد لـ “هنا لبنان” :
عودة الثنائي الشيعي بقيادة “حزب الله” إلى المشاركة في جلسات الحكومة المقررة مبدئياً اعتباراً من الاثنين المقبل لا يمكن إدراجها تحت خانة الرضوخ داخلياً، لا نتيجة ضعفٍ سياسيٍّ ولا نتيجة تقديم خدماتٍ وأوراقٍ لـ “التيار الوطني الحر”. لا بل على العكس فإنّ قرار عودة الثنائي الشيعي إلى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء أتى مشروطاً ووضع جدولاً لأعمال الحكومة محدداً ببندين أساسيين: إقرار الموازنة وإقرار خطة التعافي لاستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
ليس مهماً النقاش في توقيت قرار العودة لأنه قد يكون مرتبطاً بعوامل خارجية عدة قبل أن تكون داخلية، من مفاوضات فيينا إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية جنوباً. المهم في الموضوع الإضاءة على قيام الثنائي الشيعي منفرداً بوضع جدول أعمال للحكومة التزم به رئيسها نجيب ميقاتي بشكلٍ كامل، وذلك خلافاً للدستور الذي ينيط برئيس مجلس الوزراء وضع جدول الأعمال ويلزمه إطلاع رئيس الجمهورية عليه، كما يجيز لرئيس الجمهورية طرح أي بند يريده من خارج جدول الأعمال حين يحضر ويترأس جلسات مجلس الوزراء.
هكذا إذا عاد “حزب الله” وحركة “أمل” بشكل مشروط عن مقاطعة جلسات الحكومة، ولكن يبقى السؤال من يضمن تسهيلهما إقرار الموازنة وخطة التعافي المالي والاقتصادي؟
السؤال مشروع لأن لا شيء يمنع الثنائي الشيعي من تعطيل جلسات الحكومة من داخلها وعلى كلّ بندٍ عوض الاستمرار بتعطيلها عبر التغيب، تماماً كما تولّيا تعطيل الحكومة بالتغيّب بعيد تشكيلها بعد أن كانا عطّلا تشكيل الحكومة لأكثر من 11 شهراً مع الرئيس سعد الحريري، وقبلها لأسابيع مع الرئيس المكلف مصطفى أديب، وبعدها لأشهر مع الرئيس نجيب ميقاتي. بهذا المعنى يبقى الأساس بالنسبة للثنائي فرض تعطيل الحكومة وإن تعددت الأشكال من عرقلة تشكيلها إلى عرقلة انعقادها بعد 3 أسابيع على تشكيلها ونيلها الثقة… فمن يدري اليوم كيف يكون التعطيل، وخصوصاً أن “حزب الله” كان أعلن سابقاً عن اعتراضه على عددٍ من النقاط التي يطلبها صندوق النقد، وبالتالي يجدر طرح أكثر من سؤالٍ حول ماهية الاعتراضات التي يمكن أن يبرزها الحزب عند مناقشة تفاصيل الموازنة وخطة التعافي، من رفع الرسوم بدءًا من الدولار الجمركي إلى تعرفة الكهرباء والاتصالات وغيرها، إضافة إلى كيفية مواجهته مطلب الصندوق بضبط الحدود وغيرها.
عملياً، وبطريقة عودته إلى الحكومة، “حزب الله” حشر الجميع: حشر رئيس الحكومة عبر مصادرة صلاحياته بوضع جدول الأعمال، حشر رئيس الجمهورية عبر مصادرة حقه في طرح أيّ بندٍ من خارج جدول الأعمال، حشر النائب جبران باسيل عبر منع طرح التعيينات والبنود التي يريدها رئيس “التيار” على جدول الأعمال والتي كانت تشكل أساس الصفقة السابقة لعودة الحكومة. وكل ما سبق يؤكّد أنّ “حزب الله” عاد إلى الحكومة على قاعدة “الأمر لي”، وإن أبقى ملف القاضي طارق البيطار معلقاً بهدف الابتزاز فيه في المرحلة اللاحقة طالما أنه مطمئنٌ إلى أنّ تحقيقاته معطلة منذ أشهر وحتى إشعارٍ آخر.
باختصار، فرض “حزب الله” بالممارسة معادلة المثالثة في الحكومة مصادراً لحقوق من خارج الدستور بشكل كامل، وخضعت له كل الأطراف المشاركة في الحكومة كما رئيسا الحكومة والجمهورية، فهل ما يجري بات يشبه بروفا من “حزب الله” لسيناريو تغيير النظام والدستور وتكريس نظامٍ جديدٍ قد يكون المدخل إليه تعطيل المؤسسات أو تقييدها… وربما تطيير الانتخابات تمهيداً للتأسيس للنظام الجديد؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
جبران باسيل ومعركة التوقيع الخامس! | المعركة انطلقت… فماذا ستختارون أيها اللبنانيون؟! | أسياد… وعبيد! |