“أصحاب ولا أعز”… عندما تكشف السينما عوراتنا!
كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان”:
هل شاهدتم الفيلم الجديد؟ هو السؤال الأكثر تداولاً في الجلسات أو حتى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغالباً ما يأتي هذا الاستفهام مرفقاً بتعليق. والمقصود طبعاً فيلم “أصحاب ولا أعزّ”.
غير أنّ أكثر التعليقات “تراهة” تلك التي أخذت تنادي بالمجتمع والقيم والمبادئ، والتي قد لا تتوانى من إعلان الجهاد ضدّ منصّة نتفلكس، وتحديداً ضدّ ملابس منى زكي الداخلية، ودور المثلي الذي أدّاه الممثل فؤاد يمّين!
الفيلم الذي أنتج بـ 16 نسخة في دول مختلفة، وشاهده معظمنا ربما، وعرضته في وقتٍ سابق العديد من صالات السينما العربية، لم يخدش الحياء وهو ناطق باللغة الأجنبية، فالحياء الذي نعرفه هو فقط الذي يتحدّث لغتنا، وأبجديتنا وينتمي إلى ثقافتنا!
و”الأندروير” الذي يثير قيمنا، هو فقط العربي. وكأنّ للألبسة الداخلية هويةً أيضاً.
علماً أنّ الممثلة في إحدى النسخ لم تكتفِ بخلعه فقط، بل رفعت في مشهد آخر فستانها. وهذه النسخة ليست محظورة، بل هي موجودة أيضاً على “نتفلكس” ومتاحة، مثلها مثل الفيلم موضوع الجدل.
وهذه الازدواجية في اتخاذ المواقف من الأشياء، والأفلام، ليست حكراً على مشهد، بل هي أكثر من نهجٍ نرصده في حياتنا اليومية، فالعربي مثلاً يعربد في بلاد الغرب، وحينما يعود لشرقه، يعود ناسكاً مؤمناً، يدعو إلى الصواب، ويدين الضلال.
وبالعودة إلى الفيلم، فقبل مشاهدته بنسخته العربية، كان لي حظّ الإطلالة على الفرنسية، بعين المشاهد وأنا الأبعد عن طاولة النقد الفني، جذبتني النسخة العربية. فانتقاء الممثلين من قبل المخرج وسام سميرة كان احترافياً، من جورج خبّاز، إلى عادل كرم، وصولاً إلى نادين لبكي، منى زكي، إياد نصّار، فؤاد يمين ودياماند بو عبود.
كلّ ممثلٍ أتقن دوره، دون “أوفرة”، أو ملل. على خلاف النسخة الفرنسية، فتوأم منى زكي الفرنسي كان “متوتّراً” بصورة مزعجة، أما شخصية الأب التي يؤديها جورج خبّاز، فكانت في الفرنسية باهتة، مثل خبز لا رائحة له.
وشخصية عادل كرم، في الفرنسية كانت مزعجة منفرة، على عكس العربية، إذ أدّى الأخير دوره على البيكار.
والأمر نفسه بالنسبة إلى نادين لبكي، إياد نصّار، دياماند بو عبود. الأداء كان وفق النقطة والفاصلة، والشخصيات جاءت سلسة.
في عالم الأدب، نكرر عبارة “السهل الممتنع”، وهذا الفيلم يطلق عليه سمة السهل الممتنع، هو فيلم موجود، نصّه، حواره، حركات شخصياته، ولكن المخرج أضفى على هذا الموجود الكثير بشخصيات أدّت أدوارها بحنكة ودهاء، فشاهدنا الفيلم وتتبعنا تفاصيله.
وعن الفيلم أيضاً، تخضع منى زكي “إلكترونياً” لأسوا محاكمة. وصولاً إلى وصفها بالمنحلّة، ودعوات لزوجها كي يطلقها، واعتبارها “تخرّب” القيم..
أما عمن يحاكمون منى زكي، فهم يفعلون في السر أكثر مما شاهدناه في الفيلم، ودون مبالغة، جميعنا نملك قنابل مؤقتة في هواتفنا، محادثاتٍ لا يجب أن تبصر الضوء، أسرار تتعلّق بنا وبغيرنا، وخطايا حبّذا لو نخفيها.
في هواتفنا جميعنا، نسخٌ حقيقية من الفيلم. الفارق هناك من وضع يده على الجرح وقال لنا كم نحن مزيّفون، ونحن نريد أن نصدق أنّنا من جنس الملائكة!
مواضيع مماثلة للكاتب:
أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! | نعيم قاسم “يعلّم” على الجيش.. الأمين العام “بالتزكية” ليس أميناً! |