الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ولدت ولو متأخّرة… فهل تكون اسمًا على مسمّى؟
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
ربّما ينطبق المثل القائل: “أن تأتي متأخّرًا أفضل من ألّا تأتي أبدًا” على تعيين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وهو التعيين اليتيم الذي خرج في أوّل جلسةٍ لمجلس الوزراء بعد الانقطاع إثر انسحاب وزراء الثنائي الشيعي من المجلس.
فهذه الخطوة كان يجب أن تنجز منذ فترة، مع العلم أنّ لبنان صدّق في العام ٢٠٠٩ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، في حين أنّ مجلس النواب بدأ ببحث وإنجاز القوانين ذات الصلة في العام ٢٠١٠ ولكنه أقرّ في الثامن من أيّار من العام ٢٠٢٠ قانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. وكان لانتخاب القضاة عضوين من الهيئة وقعه الإيجابي إذ وافق رغبة المجتمع المدني.
ولولا الوضع السياسي في البلاد وحدوث انفجار مرفأ بيروت وانعكاساته وجائحة كورونا لكان التعيين لباقي الأعضاء سلك مساره الطبيعي في مجلس الوزراء.
في البداية، لا بد من الإشارة إلى أن مدة ولاية الهيئة هي ست سنوات، غير قابلة للتجديد والأعضاء فيها يخضعون لرفع السرية المصرفية وينظمون تصاريح مالية، والمعينون في هذه الهيئة هم: القاضي المتقاعد في منصب الشرف كلود كرم (رئيسًا)، المحامي فواز كبارة (نائبًا للرئيس)، أما الأعضاء فهم القاضية المتقاعدة في منصب الشرف تيريز علاوي والدكاترة علي بدران وجو معلوف وكليب كليب. والآلية المتبعة في ذلك تقوم على رفع ثلاثة أسماء من نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس ونقابة خبراء المحاسبة وهيئة الرقابة على المصارف ووزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية. ويعود القرار النهائي إلى مجلس الوزراء مع مراعاة التوازن الطائفي.
أما وقد مر هذا التعيين، فإن الأسئلة تبدو مشروعة عن دور هذه الهيئة وكيفية تطبيق مكافحة الفساد في بلد تنقلت فيه آفة الفساد من إدارة إلى أخرى لسنوات وسنوات. فهل التعيين جاء لتلبية المطالب الدولية؟ وأي قوانين ستطبق؟ ومن يراقب أداء هذه الهيئة؟
يقول المدير التنفيذي في جمعية “لا فساد” جوليان كورسون لموقع “هنا لبنان” أنّ دور الهيئة يقوم على الاستقصاء عن حالات الفساد والتحقيق فيها وهذا يستدعي قيام جهاز إداري لها، وكتابة تقرير سنوي عن الفساد وهناك عدة قوانين تندرج في إطار صلاحياتها وهي دعم الشفافية في قطاع النفط والغاز والإثراء غير المشروع، مشيرًا إلى أنه بإمكان الهيئة تلقي الشكاوى من المواطنين لعدم تطبيق قانون حق الوصول إلى المعلومات.
ويؤكد كورسون أن هناك دورًا أساسيًّا للهيئة في قانون حماية كاشفي الفساد كما في قانون الشراء العام.
وردًّا على سؤال عن استمرار معركة مكافحة الفساد، دعا إلى عدم الاستسلام.
ويرى أنّ هناك خطوات مطلوبة من الدولة اللبنانية تجاه هذه الهيئة لجهة تأمين مقر واعتماد موازنة لها، وعلى الحكومة أيضًا أن تقرّ نظامها الداخلي وذلك بعد ثلاثة أشهر من تعيينها.
ويلفت إلى أن الأهم من كل ذلك هو مراقبة عمل الهيئة وما إذا كان يطبق بشفافية وفاعلية، سواء من الإعلام أو المجتمع المدني.
ويشدد على أن جميع الأطراف الدوليين يبدون اهتمامًا بمواكبة الإصلاح ويرغبون في أن تطبق في لبنان القوانين ذات الصلة ولاسيما تلك التي طال انتظارها.
وفي سياق متصل علم “هنا لبنان” أن أعضاء الهيئة سيؤدون اليمين أمام رئيس الجمهورية قريبًا قبل تسلمهم مهامهم.