العرب فرصةٌ أخيرةٌ متاحة
كتب بسّام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:
كانت الإيجابية الوحيدة التي سمعها وزير الخارجية عبد الله بو حبيب في الكويت هي الترحيب بالردّ اللبنانيّ على نقاط الرسالة العربية الدولية التي حملها وزير الخارجية الكويتي إلى لبنان، ويمكن القول إنّ هذا الترحيب هو ترحيبٌ بالشكل وليس ترحيبًا بالمضمون الذي يخضع لتشاورٍ وتمحيصٍ ليس فقط على المستوى العربي بل على المستوى الدولي.
لقد حاول الوزير بو حبيب في محادثاته في الكويت أن يضفي واقعيةً وعقلانيةً في شرحه للردّ اللبنانيّ محاولًا إقناع من التقاهم أنّ من حقّ لبنان الحصول على ظروفٍ تخفيفيةٍ لأنّ بعض النقاط المثارة في الورقة ولا سيّما لجهة تطبيق القرارات الدولية ١٧٠١ و١٥٥٩ لا يمكن للبنان أن يطبّقها منفردًا بل تحتاج إلى مظلّةٍ دوليةٍ وإقليميةٍ، كما أنّ إثارة موضوع سلاح حزب الله قد تؤدي إلى تفجير المزيد من الصراعات الداخلية التي ستزيد من صعوبة أوضاع اللبنانيين وتؤدي إلى تفاقم التدهور الاقتصادي والمالي.
يدرك العرب هذا الواقع، ولكنّهم في الوقت ذاته يطلبون من لبنان البدء بالتّحرّك على مستوياتٍ متعددةٍ من أجل اتّخاذ خطواتٍ عمليةٍ في كلّ المجالات، وهم يستحضرون في هذا الإطار كيف أنّ الأجهزة الأمنية المختصّة وعندما اتّخذ القرار في شأن مواجهة تهريب المخدرات تمكّنت من إحباط العديد من العمليات، وبالتالي فعلى الدولة أن تحزم أمرها في ما يرتبط أيضًا بالاعتداءات اللفظية والعملية التي تتعرّض لها الدول العربية ولا سيّما الخليجية انطلاقًا من لبنان، معتبرين أنّ شعار النأي بالنفس يجب أن يطبّق بالدرجة الأولى على حزب الله ولا يكفي القول بأنّ الحكومة اللبنانية تنأى بنفسها عن مشاكل المنطقة، وقد سأل وزراء عرب أليس حزب الله مكوّنًا من مكوّنات الحكومة؟ ألا يشارك بقراراتها؟ أليس متحالفًا مع قوى في صفوفها وعلى رأسها التيار الوطني الحر وعرّابه رئيس الجمهورية ميشال عون؟
إنّ الخطوات الأولى المطلوبة من الدول العربية ولا سيّما الخليجية هي صدور بياناتٍ عن الحكومة اللبنانية مجتمعةً تدين الاعتداءات على هذه الدول وتؤكد على أهمية العلاقات معها وأن تعلن صراحةً رفضها لوجود أيّ منابر سياسية وإعلامية تستخدم في الهجوم عليها وأن تتّخذ بحقّ القائمين بهذه الأعمال الإجراءات القانونية التي يفرضها القانون اللبناني.
ويستغرب عددٌ من المسؤولين العرب كيف أنّ لبنان الرسمي يقف مثلًا مكتوف الأيدي إزاء ما تتعرّض له القوات الدولية في جنوب لبنان، فبدل أن تسعى الدولة لتطبيقٍ فعليٍّ للقرار ١٧٠١ والتوصّل إلى وقفٍ دائمٍ لإطلاق النار ووقف الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية بمساعدةٍ من المجتمع الدولي، تضع هذه الدولة هذا المجتمع في مواجهتها من خلال تجاهلها للاعتداءات ضد اليونيفيل أو الاكتفاء ببيانات استنكارٍ لا طائل منها وهذا ما يُفقد السلطة في لبنان المزيد من المصداقية والجدّيّة.
لا يريد العرب للبنان أن يدخل في أيّ مواجهةٍ مسلحةٍ في الداخل، بل يريدون من المسؤولين والقيادات والأحزاب على مختلف توجّهاتها أن تقارن بين الربح والخسارة في طبيعة العلاقات مع الدول العربية ولا سيّما الخليجية، وعلى أساس نتيجة هذه المقارنة لتتخذ الدولة اللبنانية قرارها سريعًا لأنّ الفرصة المتاحة اليوم قد لا تتكرّر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل | رابطة الدم في الجيش أقوى من كل الروابط |