هنا لبنان سلف الكهرباء في خانة " الهبات"... مالك لـ "هنا لبنان": مخالفة قابلة للطعن

أخبار بارزة, خاص 8 شباط, 2022

كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:

راكم قطاع الكهرباء أكثر من 43 مليار دولار عجزاً على الدولة اللبنانية، في ظل سيناريو متكرر لمسلسل “العتمة” الطويل، بطلته من دون منازع “سلفة خزينة” و”عقلية ترقيع” بعيدًا عن إيجاد الحلول لمعضلة الكهرباء عن “سابق تصور وتصميم”.

وفي كل مرة كان التخيير بين العتمة أو السلفة. ابتزازٌ يُدفع من جيب المواطن والنتيجة: لا كهرباء.

اليوم وجدت الحكومة نفسها محرجةً في تمرير سلفة خزينةٍ لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 5250 مليار ليرة كان منصوصًا عنها في المادة 13 من مشروع الموازنة وهي تعود لتسديد عجز شراء المحروقات وتسديد فوائد وأقساط القروض لصالح المؤسسة، فما كان على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن يعلن رفضه وضع هذه السلفة في الموازنة في ظل رفض أغلب الوزراء لها، منطلقًا من مبدأ أنّ الكهرباء تحتاج إلى خطة إصلاحية شاملة منفصلة عن الموازنة.

رأيٌ مختلفٌ لوزير الطاقة وليد فياض الذي يرى أن السلفة ضروريةٌ كجزءٍ من الخطة، خصوصًا في السنة الأولى لكي يكون هناك استدامة لاحقًا، ووفق المعلومات لا مشكلة لديه إذا ما كانت السلفة خارج الموازنة المهم أن تتأمن.

والسؤال المطروح: إذا كانت ولا تزال مؤسسة كهرباء لبنان غير قادرة على تسديد أي من السلف المعطاة لها، وهي لم ولن تلتزم بلحظ الاعتمادات اللازمة في موازناتها التالية لتسديد هذه السلف ولم تحدّد أجلاً لتسديدها، وفق أي قوانين تعطى هذه السلف لمؤسسة مفلسة؟؟ ومن أين ستموَّل والخزينة فارغة؟

الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك أكّد لـ “هنا لبنان” أنّه من الثابت أنّ السلفة يجب أن ترد من قبل الإدارة التي استلفتها ولكن منذ عشرات الأعوام تستلف مؤسسة كهرباء لبنان المبالغ والأرصدة من الموازنة من دون أن يصار إلى إعادتها، ما يشكل مخالفة لقانون المحاسبة العمومية الذي يعرّف في المادة ٢٠٣ منه هذه السلفات على أنّها إمدادات تُعطى من موجودات الخزينة لتغذية صناديق المؤسسات العامة. فيما تشترط المادة ٢٠٤ منه لإعطاء هذه السلف تثبّت وزير المالية من قدرة المؤسسة المستلفة على سدادها وأن تلتزم المؤسسة بلحظ الاعتمادات اللازمة في موازنتها إجباريًّا لتسديد هذه السلفات، وأن توافق السلطة التشريعيّة على السلفة إذا تجاوزت مهلة تسديدها الاثني عشر شهرًا.

والإجابة واضحة لا لبس فيها، فبحسب مالك ما يسمى بسلفة لمؤسسة الكهرباء ما هو إلّا هبّة لم تردّ سابقًا ولن تردّ مستقبلًا لأنّ عناصر السلفة غير متوفرة.

وفي حال وافق مجلس النواب اليوم على منح هذه السلفة، فإنّ إمكان الطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري وارد بحسب مالك، لا سيّما أنّه يتعرّض لأموال الغير التي من الواجب الحفاظ عليها ولا يمكن التصرف بها بأي شكل من الأشكال، إذ تنصّ مادة 15 من الدستور على أن ” الملكية في حمى القانون فلا يجوز أن ينزع عن أحد ملكه إلا لأسباب المنفعة العامة في الأحوال المنصوص عليها في القانون وبعد تعويضه منه تعويضا عادلًا”.

وانطلاقًا من هذا المبدأ تقدم تكتّل «الجمهورية القوية» في العام 2021 من المجلس الدستوري بمراجعة طعن بالقانون الرقم 215 / 2021 المُتعلّق بِمَنح مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة لتسديد عجز شراء المحروقات من موازنة 2021. إلا أن المجلس الدستوري وبسبب فقدان النصاب القانوني بعد وفاة أحد أعضائه لم يتمكن من البت بالقرار وانقضت مهلة الشهر المخصصة للبت به، فعُدّ الطعن كأنه لم يكن وبات القانون ساري المفعول حينها.

مالك رأى أنّ الحكومة اليوم تسعى إلى تخفيف وقع أرقامها تجاه المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي وسواها من المؤسسات لأنّه في حال أُضيفت سلفة كهرباء لبنان إلى الموازنة لفاق العجز كل تقدير أو احتمال وبالتالي هدف الحكومة التخفيف من نسبة العجز حتى تتمكن من التعاطي مع المجتمع الدولي والمؤسسات المانحة والبنك الدولي بأريحية من دون أن تكون محرجة على صعيد الأرقام والسلف ونسب العجز.

من هنا رأى مالك أنّه في حال عدم اعتماد مسارٍ واضحٍ بدءًا من الانتخابات وصولًا إلى انبثاق سلطةٍ جديدةٍ، ووضع خطة إنمائية شاملة بالاتفاق مع البنك الدولي، فإنّ لبنان ذاهب حُكمًا نحو الانهيار الكامل.

وبانتظار الخطّة الكاملة والواضحة لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء، وإحالتها إلى البرلمان بمشروع قانونٍ مستقلٍّ عن الموازنة. الأنظار ستتّجه إلى المجلس النيابي وإلى تبيان ما إذا كان القصد من سحب السلفة من الموازنة، الذي يخفض العجز بنسبة 10 في المئة، الإيحاء بعصر نفقات الموازنة فيما تدفع الأموال لاحقًا بالالتفاف عليها وبالتالي سنكون حتمًا أمام حلقةٍ من التّجاذب السياسي المعتاد عند كل استحقاق وعلى أبواب الانتخابات النيابية.