السائقون العموميون.. ضحايا الوعود الوردية
كتبت كريستل شقير لـ “هنا لبنان”:
يوميات السائقين العمومين مؤلمة بتفاصيلها، تتقاذفهم رياح الأزمة الاقتصادية العاتية كغيرهم من اللبنانيين ويواجهون الفقر المدقع باللحم الحيّ.
بسخرية يضحك السائق ش.ج. حين نسأله عن واقعهم وعن خطة الدعم الموعودة. هو لم يستسلم رغم كل الظروف، يخرج من منزله باكراً و”الرزق على الله”، لكن لا أمل بهذه الدولة و”انشالله نحصل على مساعدة عينية مش خطة كاملة” يقول.
قصة السائق الخمسيني تشبه قصص الكثير من السائقين الذين يحاولون الاستمرار رغم كل شيء… بأربعة آلاف ليرة للسيرفيس أو حتى عشرة آلاف ليرة ماذا يمكن أن نفعل يسأل ش. ج.، المبلغ لم يعد يساوي شيئًا في ظل الغلاء المعيشي، فأين الدولة التي لا تعرف سوى إطلاق الوعود من دون الإيفاء بها؟
ويمضي قائلاً: أتعلم دولتي الكريمة أنّ السائق يدفع أكثر مما يجني فهو بالكاد يمكنه تأمين سعر صفيحة البنزين لليوم التالي ويصعب عليه صيانة سيارته ما يعرضه للخطر!
فأسعار المحروقات ليست وحدها ما يثقل كاهل السائقين بل الصيانة الدورية وما يلزمها من “قطع غيار” أسعارها بالدولار الفريش أو ما يعادلها بالليرة اللبنانية واللائحة تطول.
من بين سبعة عشر بنداً تلحظها دراسة تحديد التعرفة، عنصران يحافظان على ثباتهما حتى الساعة: الرسوم الميكانيكية واشتراكات الضمان الاجتماعي. يقول رئيس اتحادات قطاع النقل البري في لبنان بسام طليس لـ “هنا لبنان”: “وفقاً للوضع القائم بكل معطياته يجب أن تحدد التعرفة بـ 37250 ليرة لبنانية للسرفيس ونصفها أي نحو 18 ألف ليرة لبنانية للفانات”.
لكن من باستطاعته دفع هذا المبلغ؟
يسجل على قطاع النقل البري تراجعه مرات عدة عن المضي بخطواته التصعيدية وآخرها قبل أسبوع، لكنه حاضر للعودة إلى الشارع متى لزم الأمر ويتريث حتى الأسبوع المقبل وعينه على حصيلة اجتماعات اللجنة المكلفة متابعة الملف والمؤلفة من وزراء النقل والداخلية والمالية.
هذه اللجنة لم تجتمع بعد، يؤكد وزير الأشغال العامة والنقل علي حميّة لـ “هنا لبنان” ومن المنتظر أن تلتئم الأسبوع المقبل مشددًا على أن المعضلة مالية بامتياز والوزير المعني ينكب على دراسة الحلول المناسبة والتي ستكون على ما يبدو كنوع من الاعتمادات.
وسط هذا التخبط الحاصل، لا يتردد رئيس الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل في لبنان مروان فياض في التصويب على “ضعف” ما تقوم به قطاعات النقل البري في لبنان. وسبق لفياض أن رأى في المهل التي يتم إعطاؤها مضيعة للوقت.
كما يعرب بعض السائقين عن امتعاضهم مما يصفونها بالمهزلة القائمة من باب ترحيل الهدف الأساس وهو إقرار خطة متكاملة للنقل البري منذ العام 2009 ولغاية اليوم، واستبداله بتحركات استعراضية.
ولا يزال السائقون ينتظرون إقرار الاتفاق المبرم مع الحكومة والذي يقضي بإعطائهم البنزين المدعوم بسعر أرخص من السوق، وتخصيص مبلغ شهري لكل مركبة عمومية كبدل صيانة وقطع غيار لفترة محددة، وإفادة السائقين العموميين من البطاقة التمويلية.
إذًا، لا الوعود الرسمية سلكت طريقها نحو التنفيذ بعد ولا الآمال المعقودة على انفراج قريب بالأمر السهل حالياً، فالواقع المالي المتشابك مع بعضه البعض معطوف على موازنة لا تبشّر بالخير ولاحقاً مصير الدولار الجمركي، يزيد الأمور تعقيداً ويوحي بما لا يقبل الشك بأن الوعود الوردية المطروحة ليست سوى إبر مورفين ومضيعة للوقت.
مواضيع مماثلة للكاتب:
قمة “إجماع عربي” في الرياض.. ولبنان سيحضر في البيان الختامي! | الجيش خط أحمر.. سور كنسي يحمي القائد! | “المجاري” تغزو الساحل.. روائح كريهة تخنق المواطنين وتهدد حياتهم! |