نصف مليون مولد كهربائي ولبنان قادر على إنتاج 1000 ميغاوات من الطّاقة الكهرومائيّة

أخبار بارزة, خاص 17 شباط, 2022

كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان” :

أكلاف اقتصاديّة وبيئيّة يدفعها المواطن من جرّاء أزمة الكهرباء رغم المليارات التي أُنفقت على القطاع، دون أن يبصر اللّبنانيون نورها بشكل منتظم.

تتصدر مشكلة الكهرباء هموم اللّبنانيين وتحتل السّلم الأول في التّدهور الاقتصادي والصّحي، وعاش اللّبنانيون مؤخراً أزمة محروقات حادة ناتجة عن نفاذ مخزون الوقود من الأسواق وصعوبة استيرادها بعد أن رفع الدّعم عنها، وزاد من حدة الأزمة تدني توليد الطاقة إلى ما دون 200 ميغاوات، وعجز كهرباء لبنان عن تأمين التّغذية اللازمة للمناطق اللّبنانية، وفرضها تقنيناً قاسياً أدّى إلى اعتماد أكبر على المولدات الكهربائيّة الخاصة التى وصل عددها إلى نحو النّصف مليون وتعمل على مادة المازوت، ما رفع من نسبة المواد المسرطنة النّاجمة عن ملوثات وسموم تنفثها المولدات في الهواء بنسبة تلامس 80%.

ويظلّ لبنان بلداً معتمداً بشكل كبير على الواردات النفطية التي تمثل 95% من طاقته الأولية رغم أنّ الإمكانات في مصادر الطّاقة المتجددة موجودة ولكن محدودة وغير مستغلة، ومنها الطّاقة الكهرومائية خصوصاً وأن لبنان يستفيد من كمية متساقطات تقدر سنويًا بـ750 ملم من الأمطار والثلوج على السواحل، و1500 ملم على الجبال، و500 ملم في الداخل، ولا يتم استغلال سوى 20٪ منها بشكل مفيد لإنتاج الطّاقة.

المدير العام للعمليات في شركة MEP المهندس الكهربائي يحيى مولود، يوضح لـ “هنا لبنان” أنّ الطّاقة الكهرومائيّة أو الطّاقة المائيّة، هي الطّاقة الكهربائيّة المتجدّدة التي تأتي من تحويل الطّاقة المائيّة إلى كهرباء، وتكون نظيفة وخالية من الانبعاثات ولا تلوث الغلاف الجوي. ورغم إمكانيّة إنتاج الطّاقة الكهرومائيّة في لبنان والتي من شأنها الحدّ من الدعم السّنوي المفرط الذي تقدمه الدولة للقطاع إلا أن الاعتماد عليه ما زال ضعيفاً.

ويشير مولود إلى أنّ لبنان يعاني من أزمة كهرباء مزمنة، في موازاة امتلاكه ثروة مائية يمكن الاستفادة منها، لكن لا يتم استغلالها بالشكل الصحيح، وذلك بسبب غياب خطط ترشيد الإنفاق، ومراكز الأبحاث المستقلة، وغياب التمويل العلمي المنزّه عن الاستثمارات على أنواعها، كل ذلك يحدث بسبب تقاعس الدولة، بوزاراتها وإداراتها المختصة، لا سيما بعد الحرب الأهلية، تاركة التخطيط والرصد والقياس والدّرس للقطاع الخاص.

ويلفت إلى وجود 13 محطة كهرومائيّة لتوليد الطاقة في لبنان، تولّد كحدّ أقصى 280 ميغاواط في السّنة، ومن أبرز المعامل، معامل اللّيطاني الثلاثة (مركبا، والأوّلي، وجون) بقدرة إجمالية تبلغ 180 ميغاواط (امتيازات)، ولكن انتاجها حالياً أقل من 48 ميغاواط بسبب إهمالها، معمل قاديشا (4 معامل) بشري، مار ليشع، بلوزا، أبو علي ويمكنها إنتاج 30 ميغاواط، أما معمل نهر أبو علي ( 3 معامل) (امتياز) فينتج 30 ميغاواط من الطاقة الكهرومائيّة.

ويعطي مثالاً عن معمل رشميا المائي المتوقف عن العمل منذ حوالى السّنتين والذي يكبّد الدّولة اللّبنانيّة يومياً خسائر بقيمة 20 ألف دولار، ويقول: “يمكن لهذه المحطة أن تعمل بشكل جيّد كما ويمكنها إنتاج أكثر من 13 ميغاواط من قدرتها الإجمالية”.

ويؤكد مولود أنّه بإمكان لبنان إنتاج 200 ميغاواط إضافية ليصل العدد الإجمالي للطاقة الكهرومائية إلى 480 ميغاواط، إذ يُعتبر معدّل سقوط الأمطار في البلاد وافرًا نسبيًا ويبلغ 2.2 مليار متر مكعّب سنويًّا، ما يجعله غنياً بالأنهار الرئيسية والموارد المائية التي تساعده على إنشاء مشاريع إنتاج الطاقة الكهرومائية.

ويشدّد على أنّ سوء إدارة قطاع الطاقة في لبنان منذ نهاية الحرب اللبنانية (1990) وانعدام الشفافية أدت إلى إيصاله إلى المحظور والمجهول، وعدم الاستفادة من ثرواته لإنتاج الطّاقة البديلة.

في المقابل يوضح الخبير الاقتصادي د. محمود الجباعي أنّ الـ 13 معملاً للطاقة الكهرومائية التي أنشئت في السبعينات وعملت لفترة طويلة وبعدها توقفت عن العمل بسبب الحرب، هي اليوم مهملة من قبل الدولة اللّبنانية.

ويشير إلى أنّ هذه المعامل كان باستطاعتها تأمين طاقة قصوى بحدود الـ 250 ميغاواط كهرباء، أي نصف حاجة لبنان للطّاقة التّشغيليّة وهي 500 ميغاواط، علماً أن طاقة لبنان الذروة هي 3200 ميغاوات من أجل الحصول على الكهرباء بشكل مستمر.

ويضيف، إن تم تفعيل هذه المعامل الكهرومائية واستغلت الطاقة المائية بشكل صحيح بعد تخزين مياه الأمطار والمياه الجوفيّة، ومن ثم استعمالها بطريقة صائبة دون إحداث تلوث وهدر للمياه من خلال اعتماد التّقنيات الحديثة ذات التّكلفة المنخفضة نستطيع الحصول على كهرباء ما بين 700 إلى 1000 ميغاوات أي ثلث حاجة لبنان من الكهرباء، والتي تؤمن 8 ساعات تغذية يومياً وهي أفضل من الغاز المصري والأردني والسوري.

ويشدّد على أنّ تفعيل معامل الطّاقة الكهرومائيّة في لبنان أمر في غاية الأهميّة، إن استكمل بخطة كهرباء شاملة تبدأ بتصحيح مصافي النّفط في الزهراني والبداوي، من أجل استعمال النفط الخام الأسود الذي يمكن استخدامه لإنتاج كميات كبيرة من الكهرباء، وأيضاً إن استخدمت هذه الطاقة ضمن مشروع متكامل لإنتاج الطاقة الكهربائية عبر الموارد المائية والطاقة الشّمسية أيضاً التي من شأنها إمداد لبنان بـ 24 ساعة تغذية وبتكاليف قليلة جداً، شرط أن يكون هناك نية إصلاح حقيقية في البلد.

ويأسف الجباعي لكون ملف الكهرباء في لبنان مصبوغ بطابع سياسي وليس اقتصادي وكل صفقات استيراد المشتقات النّفطية تتمّ على حساب جيب وصحة المواطن اللبناني.

أزمة الكهرباء دفعت اللّبنانيين إلى اللجوء للمولدات الخاصة بما أنّ الطلب على الطّاقة يتجاوز، بشكل متزايد، قدرة التّوليد الحالية، وفيما يساعد المنتجون من القطاع الخاص (المولّدات الخاصة) في سدّ الفجوة، إلّا أنهم، في الوقت نفسه، يزيدون بشكل خطير من نسب تلوث الهواء، فانتشار المولدات الكهربائية في لبنان زاد من نسبة الانبعاثات السامة ما بين 50% إلى 100%.

وتؤكد علا صيداني من مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت أن 25% من انبعاثات المولدات الكهربائية الخاصة تصدر على شكل جزيئات صغيرة وتسيء لصحة الإنسان ورئتيه، وقد تؤدي إلى إصابته بمرض السرطان.

وتضيف إن “استخدام المولدات الكهربائية بمختلف أنواعها تتسبب في التّلوث المباشر وغير المباشر، ويتمثل التلوث المباشر بتلوث الهواء الناجم عن استخدام نوعي الوقود المستخدم لتشغيل المولدات (البنزين والديزل) ونواتج احتراق هذا الوقود المتعددة، مركبات الهيدروكاربونات ، أكسيد الكبريت ، أكسيد النيتروجين ، أكسيد الكربون ، الدقائق المادية والعناصر الثقيلة التي تؤثّر على صحة الإنسان والحيوان والنباتات.

وتتابع صيداني “المناطق التي تعمل فيها المولدات لمدة 12 ساعة في اليوم، يمكن للجرعات المستنشقة من البنزوبيرين (مركّبات مسببة للسرطان محمولة جواً) أن تعادل 10 سجائر في اليوم، كما ومن شأنها زيادة أمراض الجهاز التنفسي، أمراض القلب، الرّبو، التأثير على النمو الذهني والجسدي للأطفال.

ومن أنواع التّلوث التي قد تسبّبها المولّدات الكهربائيّة أيضاً هو التّلوث الضّوضائي الذي يؤثّر على صحة الإنسان ونفسيته وحالته العصبية، كما وقد يؤدي إلى ضعف السمع خصوصاً لدة كبار السّن والأطفال، من جراء الأصوات المرتفعة الصادرة عنها، كما تزيد نسبة التّعرض لأمراض القلب وتصلب الشرايين والأورام ونقص المناعة وسكر الدّم وغيرها. بحسب صيداني.

وتلفت إلى أن وجود المولدات الصغيرة في الشّوارع والأحياء والمحال التّجاريّة، والتي تسبب مصدر إزعاج للسكان وضجيج قد يعيق الإنتاجية في بعض القطاعات، كما وقد يؤدي إلى خطر التسبّب بحرائق بين المنازل وارتفاع درجة حرارة الجو في المدن والأماكن المكتظّة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us