بعد التعافي من كورونا.. إليكم الآثار النفسية التي قد تواجهونها!
كتبت ريتا بريدي لـ “هنا لبنان”:
في خضم الدراسات والأبحاث التي تُجرى يومياً والمستمرة حول فيروس كورونا الذي يواصل بتفشيه في مختلف الوجهات العالمية، طُرحت الكثير من علامات الإستفهام حول ما يُعرف بِعنوان “كورونا طويل الأمد” الذي لا يقتصر على الناحية الصحيّة الجسديّة عند المتعافين من الفيروس، بل أيضاً وبشكلٍ خاص على الناحية النفسية.
فبالعودة الى الأشهر الماضية، أثّرت جائحة كورونا بحد ذاتها وبشكلٍ كبير على عددٍ هائل من الأشخاص وعلى صحتهم النفسية، خصوصاً أنّهم يترقبون مختلف التطورات والمستجدات اليوميّة التي يشهد عليها الفيروس، بالإضافة إلى المشاهد المروّعة من المستشفيات وعن الحالات الشديدة، وكذلك عن نسبة الوفيات جرّاء الإصابة به… ليست بالأمور السهلة بتاتاً!
وأمام هذا الواقع، أبحاث كثيرة صبّت تركيزها على الناحية النفسية عند المتعافين من فيروس كورونا، ولمعرفة كيف تأثروا بفترة الحجر الصحي، المضاعفات التي ترافقت مع إصابتهم بعدوى كورونا، وكذلك الخوف الذي اجتاح نفوسهم في تلك المرحلة وما بعدها.
لذا كان لا بد من الإضاءة أكثر على هذا الموضوع وأهميته، في مرحلةٍ لا زال العالم كلّه يواجه المتحورات المختلفة من الفيروس ويسجل المزيد من الإصابات به.
وفي حديثٍ لموقع “هنا لبنان” مع المعالجة النفسية سربيل قصير من فرنسا، أشارت إلى أنّ أبرز الآثار النفسية التي يواجهها المتعافون من كورونا هي القلق الزائد، الخوف، عدم القدرة على التركيز لإنجاز الأعمال اليوميّة بالإضافة للانعزال في المنزل، وحتى الوصول إلى الإكتئاب… كل ذلك أدّى لزيادة هائلة في نسبة الأشخاص الذين يُعانون من الأمراض أو الإضطرابات النفسية.
وعن أسباب هذه الزيادة توضح أنّ هناك عددًا من الأشخاص كانوا بالأصل لديهم مشاكل نفسية قبل إصابتهم بفيروس كورونا، والبعض الآخر كانوا على إستعدادٍ للإصابة بها، لذا يمكن القول أنّ بعد تعافيهم من العدوى، وكأنّ الكوب فاضت المياه فيه، ولم يتمكنوا من إخفاء ما يمرون به في صحتهم النفسية.
ومن ناحيةٍ أخرى، تقول المعالجة النفسية أنّ هناك الكثير من حالات الوسواس القهري، الفوبيا، الرهاب الإجتماعي بالإضافة الى تأثير ذلك على الأطفال المتعافين من كوفيد-19 أيضاً، فمثلاً من الممنوع أن يلعبوا خارج البيت أو أن يلمسوا الأسطح الخارجية… فكل ذلك غيّر النمط الحياتي وبالطبع أثّر على الصحة النفسية، وبالتالي أصبحنا نشعر بالفرح أقل، غابت السعادة، وغير قادرين على الإحساس أنّ الحياة عادية وطبيعية.
وما لاحظته المعالجة النفسية سربيل قصير، أنّ الذين تعافوا من فيروس كورونا أصبحوا يعانون من عدم القدرة على النوم والإصابة بالأرق بسبب التفكير الزائد، ما جعل البعض منهم يتجهون للأدوية التي تساعد على الإسترخاء والحصول على ساعات نوم كافية، أو يحتاجون لمن يبقى بالقرب منهم حتى يتمكنوا من النوم خلال الليل.
هل تعتبر هذه الآثار النفسية طويلة الأمد؟ وهل من الممكن أن تكون حادة أو تختلف من حالةٍ الى أخرى؟
تشير قصير إلى أنّ حدّة هذه الآثار تختلف إلى حدٍّ كبير من شخصٍ إلى آخر، أي المتعافي من كورونا الذي تأثّر بشكلٍ كبير من الفيروس قد يحتاج للكثير من الوقت ليستعيد عافيته النفسية، فهناك عدد من الأشخاص خسروا قوتهم الجسدية، فقدان حاسة الشم أو حاسة التذوّق حتى ما بعد تعافيهم، ومنهم من فقدوا عضلات الجسم أو أُصيبوا بأمراضٍ مختلفة.
لذا نعم قد تكون بالفعل مسيرة صعبة للتعافي سريعاً من الناحية الفكرية والنفسية، في حال إخترقت مضاعفات كوفيد-19 حتى نفسية هؤلاء.
كما شدّدت على أنّ من أُصيبوا بالفيروس وتعافوا ولكن بالمقابل خسروا مقربين منهم أو أفراد من عائلتهم، فبهذه الحالة يمكن أن نرى الحقد في نفوسهم تجاه هذا المرض، والبغض تجاه الحياة وما حصل معهم في تلك الفترة، كما وقد يفقدون السلام الداخلي، والثقة ويتجهون للإستسلام.
وتنتقل قصير في حديثها لموقع “هنا لبنان”، لتقول أنّ لكل تلك الآثار النفسية السلبية جرّاء الإصابة بكورونا وخلال مرحلة ما بعد التعافي منه، فالأنسب هو العلاج السلوكي المعرفي وهي الأداة التي تُستخدم لمساعدة الإنسان على رؤية الأمور كما هي، الأمور الواقعيّة من حوله، وليس كما يراها أو يتخيلها وحتى كيف يفسرها بنفسه.
وعند خضوع المتعافي من كورونا للعلاج السلوكي المعرفي مع الأخصائي النفسي، سيتمكن تدريجياً من الوصول إلى:
– أنّ الخوف سيعيق تطور ذاته وسيقلل من الطاقة الموجودة في جسمه.
– تقبّل الواقع من حوله، والحالة الصحية التي يمرّ بها العالم كلّه.
– معرفة أنّ الملايين من الأشخاص مرّوا بالتجربة نفسها التي عاشها.
وفي الختام، احرصوا على الإهتمام بصحتكم النفسية تماماً كالجسديّة ولا تهملوها، وفي حال شعرتم أنّكم بحاجة لمساعدة أو لإستشارة وحتى لعلاج، لا تترددوا بتاتاً بالتوجه عند الأخصائيين أو الأطباء النفسيين في أقرب وقتٍ ممكن.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في اليوم العالمي للشطرنج: فوائده تفوق التوقعات! | “أهذا حقاً في لبنان؟”.. الهايكينغ يكتسح البلدات اللبنانية ويكشف جمالها! | احتفالاً بأسبوع الأصمّ العربي.. ملتقى “أوتار الصمّ” في الشارقة |