نفايات لبنان: بين “النكّاشين” والمعامل المدمرة وغياب البلديات
كتبت مريانا سري الدين لـ “هنا لبنان” :
إلى الواجهة تعود مجدداً أزمة النفايات التي لم تُحل من جذورها أصلاً، حتى افترشت القمامة وأكياس النفايات طرقات بيروت وشوارعها ومناطق لبنانية عدة معيدةً إلى الذاكرة الأزمة التي عصفت بالبلاد عام 2015 عندما هبّ اللبنانيون إلى الشوارع منديين بهذه الأزمة البيئية والصحية مطلقين للمرة الأولى هتافات “كلن يعني كلن” والتي لم تلقَ آذاناً صاغية عند المسؤولين في السلطة حينها وكذلك اليوم.
وفيما يعزو وزير البيئة ناصر ياسين السبب الأساسي لعودة الأزمة بعد انفجار المرفأ إلى “ظهور ما يُسمى بالـ “نكاشين” وصراع بينهم وبين عمال الشاحنات في المطامر” ما أدى إلى إضراب العمال المطالبين بتحسين أجورهم أيضاً بالإضافة إلى “دمار معامل الفرز بعد انفجار المرفأ”، يرى رئيس الحركة البيئية والناشط البيئي بول أبي راشد في حديث لـ “هنا لبنان” أن “هؤلاء النكاشين ينبشون عن الألمنيوم والبلاستيك والورق عوضاً عن طمرهم فكتر خيرهم”، معتبراً أنّ “الحق يقع على المتعهد الذي كان يجب أن يكون قد اعتمد على الفرز منذ البداية لا الطمر”.
وعن إضراب العمال في الشركات المعنية بجمع النفايات، قال أبي راشد: “هذه مشكلة ثانية يجب التفكير فيها فمنذ ٢٠ سنة (١٩٩٦) أي منذ قدوم شركة sukleen كنا نقول أن هذه الشركات الكبيرة أخذت مهمات الجمع والكنس من البلديات رهينة لذا أي إضراب لدى هذه الشركات الكبيرة بات يؤثر على البلد ويغرقه في الزبالة”.
وتابع: “خصخصة قطاع النفايات في شركات تستنزف وتنهب أموال الصندوق البلدي المستقل فيما تعرضنا لخطر أي إضراب أو تضعنا تحت ضغط الدفع بالـ fresh دولار ونحن لا نملك خطة بديلة وبالتالي نصبح مضطرين لأن نرضخ لهذه الضغوطات كل مرة من خلال الدفع بالـ fresh وزيادة الدفع”.
ورأى أن “ظاهرة النكاشين (مجموعة من الفتيان المعدومة اقتصادياً) ليست سيئة بل على العكس فهؤلاء أشخاص بيئيين وممكن أن ننظم هذه الظاهرة، من خلال فرض البلديات على أبنائها أن تمتنع عن رمي كل شيء يمكن إعادة تدويره في الحاويات في حال كانت لا تستقبل إلا العضويات فيبقى كل ما يمكن إعادة تدويره للناس الفقراء في البلديات والضيع الموجودة”.
ووجه أبي راشد نداءً عبر “هنا لبنان” إلى كل البلديات “لمنع رمي البلاستيك، الألمنيوم الورق، الكرتون، الزجاج، ومعادن في القمامة بل أفيدوا أبناء المنطقة منهم وبالتالي نكون استطعنا الكسر من حدة الأزمة كما ونستطيع فتح مجال للإستفادة من العضويات أيضا من خلال تحويلها معلبات للحيونات أو سماد فهذا مدخول كبير ومهم على صعيد لبنان فطن السماد قيمته بين ٢٠٠ و ٣٠٠ دولار”.
وختم: “إلا أنه للأسف فالنفايات مرتبطة بحكم المافيا فالأخيرة تستفيد من ملفات النفايات”.
وكان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي قد ترأس اجتماعاً موسعاً يوم الثلاثاء للجهات المانحة والمنظمات الدولية، خصص للبحث في الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة في حضور وزير البيئة ناصر ياسين، رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، وممثلين عن الوزارات والمنظمات الدولية والسفارات وهيئات الأمم المتحدة.
وقد عرض ياسين رؤية وزارة البيئة والتوجهات الإستراتيجية لها التي تضمنت: تعزيز اللامركزية في هذا القطاع بالتعاون مع اتحادات البلديات والبلديات، تبني مبادئ الاقتصاد الدائري وتعزيز التخفيف من النفايات، الفرز من المصدر، والتدوير، تطوير وتشغيل معامل الفرز والتسبيخ على مستوى مناطق خدمية بالتعاون مع اتحادات البلديات والبلديات، دراسة جدوى تحويل المخلفات إلى وقود بديل، بناء وتطوير تسعة مطامر صحية على مستوى المناطق، تأهيل المكبات العشوائية وإغلاقها، تطوير قدرات وزارة البيئة في المراقبة والتخطيط لقطاع النفايات الصلبة”.