العقم الاختياري ينتشر.. حلم الأمومة مؤجل!

كتبت كريستل شقير لـ “هنا لبنان” :

بحسب أرقام المديرية العامة للأحوال الشخصية، سجل لبنان 86,584 ولادة عام 2019، 74,049 عام 2020، و68,130 ولادة في 2021.

التراجع في معدل الولادات يمتد إلى ثلاثين سنة، ففي العام 1970 بلغ معدل الولادة الخام حوالي 33 بالألف، أما اليوم فلا يتجاوز الـ 17 بالألف بتراجع بنحو 50 بالمئة.

لكن المسار الانحداري المقلق في السنوات الأخيرة يرتبط ارتباطا وثيقاً بالواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي يرزح تحته أبناء البلاد ويطال مختلف جوانب حياتهم.

فانعدام القدرة الشرائية وارتفاع تكاليف الحياة اليومية من ضمنها ما يتعلق بالحمل (فحوصات طبية وأدوية واستشفاء) عوامل ساهمت في خفض معدل الولادات في لبنان، عدا عن تكاليف ما بعد الولادة. فالكلفة الشهرية لطفل حديث الولادة حتى عمر سنة تصل إلى 3 ملايين ليرة شهرياً بين حليب وحفاضات وزيارات لعيادة الطبيب وتلقيح وثياب، وأسعار هذه المتطلبات أصبحت تفوق قدرة 80 في المئة من العائلات في لبنان.

كثيرون يفضلون العقم الاختياري على الإنجاب في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، فمن قرر الزواج في صيف 2019 قبل اندلاع الانتفاضة الشعبية وما تبعها من أزمة خانقة وانزلاقات مالية واقتصادية وسياسية، لم يخطر بباله لحظة أن حياته ستنقلب رأسا على عقب وكل مخططاته سيكون مصيرها الانتظار وهو ما يؤكده الزوجان ر.ن. ون.ق. في حديثما لـ” هنا لبنان”.

وتقول الزوجة: حلمي بالإنجاب لن يتحقق في المدى المنظور ونحن لا نعرف أي مصير ينتظرنا في هذا البلاد (…) كل المشاريع المتعلقة بالأطفال مؤجلة. وتضيف: رواتبنا لا تكفي حتى منتصف الشهر فكيف إذا كان هناك طفل بيننا؟

أما السيدة ر. ش. ولديها طفلان، وكانت تخطط للإنجاب مرة ثالثة، تستبعد ذلك الآن وتشكر الله على نعمه دائماً وإيمانها كبير بأنه لن يتركها وسيبقى معها في هذا الزمن الصعب لتتخطى المرحلة بهدوء.

وتتابع: “نعمل صباحاً ومساءً ، زوجي وأنا، لنتمكن من تأمين حاجات أبنائنا بالحد الأدنى.. الأمور ليست سهلة على الإطلاق لكن لا يمكننا الاستسلام فهناك من هو بحاجة إلينا بعد والمسيرة طويلة أمامنا من التكاليف اليومية إلى أقساط المدارس وسواها من الأعباء الشهرية، “لا نتنفس” لكن الأهم هي الصحة.

ومن بين أبرز الأسباب التي أدت إلى تراجع معدل الولادات هو تدني الكتلة الإنجابية في لبنان، فالكثير ممن هم في العمر الإنجابي غادروا البلد كما أن هنالك مخاوف متزايدة من مخاطر التأخر في الزواج والإحجام عن الإنجاب، تتمثل في إعادة إنتاج الموارد البشرية وهو أعمق من الهرم العمري ويتصل بتكوين الكفاءة.

صحيح أن مصطلح الساعة البيولوجية لطالما إرتبط بالنساء لكن اليوم لم يعد الأمر كذلك والقلق يراود النساء والرجال من أن يفوتهم القطار قبل أن تنتظم الأمور في البلد.

ويرزح عدد كبير من اللبنانيين تحت خط الفقر مع تخبط في سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية وتدني المستوى المعيشي وتفشي الحرمان.

مواضيع مماثلة للكاتب:

قمة “إجماع عربي” في الرياض.. ولبنان سيحضر في البيان الختامي!

الجيش خط أحمر.. سور كنسي يحمي القائد!

“المجاري” تغزو الساحل.. روائح كريهة تخنق المواطنين وتهدد حياتهم!