البقاء في لبنان أبغض الحلول… هجرةُ المعلّمين تفكّك بيئته التربوية!
كتبت يارا الهندي لـ “هنا لبنان”:
لا يبدو أن القطاع التربوي في لبنان سينجو من الخسائر ويتعافى، ويعود إلى ما كان عليه قبل عامين. فالأمور تزداد سوءًا، والوضع يزداد صعوبةً. لا حل بالأفق ولا شيء يبشر بالخروج من نفق الأزمات المتسلسلة التي لا تنتهي فصولها.
خلال العامين الماضيين أرغم الواقع الاقتصادي عددًا من الأساتذة على مغادرة لبنان بحثاً عن فرص عمل في الخارج. منهم من هاجر، ومنهم من ترك عمله بحثاً عن مردود أفضل.
فالدولة اللبنانية التي تجاهلت حقوق الأساتذة، تناست أنهم مربو الأجيال القادمة، ومن دون عونهم القطاع التربوي وهيكله مهددٌ بالسقوط، كما أن مستقبل الأجيال المقبلة على المحك.
صرخة الأساتذة لا تزال هي هي منذ بداية العام الدراسي، نداءٌ مُلِحٌّ من أجل دعم دولي، علمًا أن المتطلبات كثيرة وقدرات الدولة شبه معدومة، بهذه العبارات تعلق مصادر تربوية لـ “هنا لبنان” على ظاهرة هجرة أساتذة التعليم الرسمي، والخاص.
وتتابع المصادر أنه من حق الأساتذة طلب الهجرة في ظل تراجع قيمة رواتب الأساتذة إلى نحو 150 دولار كحد أقصى، ومن البديهي أن لا يفكر الأستاذ عندما تتسنى له فرصة عمل برواتب عالية.
فعلى مدى عقود طويلة، كان القطاع التربوي مقصدا من الدول العربية المجاورة، وشكل التعليم عنصرًا أساسيًّا لناحية تميّزه ومعاصرته. لذلك الخاسر الأكبر من هذه المعادلة، ليس فقط الدولة اللبنانية، ولا من سبق له ودخل أسواق العمل، بل التلامذة الذين أصبحوا كبش محرقة في كل أزمة تطرأ على المجتمع اللبناني.
فمن يربي هذه الأجيال؟ ومن يخرّج الأطباء والمهندسين ورجال الأعمال؟
بحسب الدولية للمعلومات، فإن أحدث تطوير للمناهج التربوية حصل عام 1997 أي منذ نحو ربع قرن أما الكادر التعليمي في ملاك التعليم الرسمي فقد أصبح بمعظمه متقدماً في العمر، فـ 83.5% من نسبة الأساتذة في التعليم الرسمي فوق سن الـ40.
إذاً، لم تترك الدولة اللبنانية حافزًا ماديًا أو مهنيًا يغري المعلمين الكفوئين للبقاء في مهنتهم والاستمرار، ويفضّل أساتذة في التعليم المدرسي والجامعي المجهولَ، على البقاء في لبنان.
فجائحة كورونا والأزمة الاقتصادية أثّرتا على قطاع التربية برمّته في لبنان، أكان لناحية المدارس أو الجامعات، إلى جانب المشكلات البنيويّة التي يعانيها القطاع، لكن الخطّة التي اعتمدتها وزارة التربية أثبتت فشلها، بحسب مصادر “هنا لبنان”. فالمؤتمرات التي تنادي بضرورة توفير حق التعليم والتعلم كثُرت، وتعددت المساعدات المادية والتقنية التي تقدمها الأمم المتحدة للقطاع التربوي في لبنان.
وكأنّ البقاء في لبنان أصبح أبغض الحلول، لكن لا يُلام المعلمون إن هجروا التعليم، بعدما أصبح معاشهم لا يوازي دولارًا للساعة. في الوقت نفسه، نجاح الأجيال الجديدة مرتبط مباشرة باستقطاب نخبة من المعلمين يتمتعون بصفة أساسية وهي الحافز المستمر من قبل دولتهم، التي لم تترك لهم خياراً أخيراً يلجأون اليه سوى الهجرة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ميقاتي وصفقة المليار يورو… على “ظهر اللبنانيين” | قنبلة الذوق الحراري: مواد كيميائية تنذر بكارثة جديدة في لبنان! | “دورة خفراء في الجمارك” تثير الجدل مجددًا… فهل يتم إقصاء المسيحيين من وظائف الدولة؟ |