الأمن الغذائي ليس ضمن الأولوية.. سلام لـ “هنا لبنان”: نعمل على تأمين أسواق لاستيراد القمح، والتخزين في مصر!
كتب طوني سكر لـ “هنا لبنان”:
إضافة للهموم المعيشية والاقتصادية التي يعيشها الشعب اللبناني اليوم، ها هي أزمة الرغيف والأمن الغذائي تطل علينا مع نشوب الحرب الروسية-الأوكرانية ومع بروز شبح الحرب العالمية الثالثة.
فالقمح الأوكراني الذي كان يستورده لبنان لتأمين ٥٠ إلى ٦٠ بالمئة من حاجته لم يعد متاحاً، ورحلة البحث عن بديل بدأت ولكن البديل ليس بالسهل. فالدول المنتجة للقمح بدأت بتقنين تصديرها للقمح خوفاً من نشوب حرب عالمية.
أما في حال وجود البديل فلبنان غير قادر على تخزين كميات من القمح سوى لحاجة شهرين أو ثلاثة على الأكثر لعدم وجود أهراءات.
وفي ظل هذا التخبط والعراقيل على الحكومة اللبنانية أخذ الدروس من تاريخ لبنان السياسي إبان الحروب العالمية الأولى والثانية، والعمل على وضع خطة للأمن الغذائي الوطني، بحيث عليها العمل على التنويع في أسواق استيراد القمح، والولوج فوراً في بناء الأهراءات للتخزين، كما العمل على تحسين وتطوير زراعة القمح الطري المستعمل في صناعة الخبز لخفض مستوى الاستيراد، أضف إلى كل ذلك تخصيص اعتمادات في الموازنة العامة لتطوير الإنتاج الزراعي والحيواني، الذي هو أساس أي أمن غذائي لدولة يهمها شعبها.
وفي حديث مع وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، حول أزمة الرغيف قال “لا أزمة رغيف، نحن لسنا على باب أزمة رغيف وقد وضحت في الأيام الماضية أنه لدينا كميات كافية من القمح بحسب الأرقام المتوفرة لدينا كوزارة اقتصاد، إن الكمية كافية لمدة شهر على الأقل. وطالبت من المواطنين عدم الهلع، فهناك هلع في الأسواق إذ بدأ الناس بتخزين القمح والطحين فهذا ممكن أن يؤثر على تواجد الكميات، ولكن لليوم ليس هناك شيء يدل أننا بمرحلة الخطر”.
وعما إذا كان هناك شحٌّ في الزيت النباتي في السوق قال “لقد تم تأليف لجنة في مجلس الوزراء برئاسة وزير الاقتصاد للعمل على موضوع التحكم بتصدير الزيوت من لبنان، فكما نعلم أن لبنان يستورد الكثير من المواد الأولية في تصنيع وتكرير الزيت، فهناك عدة مصانع زيت في لبنان، فاليوم نحن بتوجه في المرحلة الراهنة وفي الظروف الاستثنائية هذه إلى إيقاف تصدير الزيت لكي نحفظ كميات للاستهلاك المحلي. فبحسب التجار والمستوردين نحن فعليًّا ليس لدينا شحّ في السوق. ولكن وصلت لنا معلومات أنه في بعض الأماكن التي كان يباع فيها أسبوعيًّا ٣٠٠٠ غالون من الزيت، الأسبوع الماضي بيع فيها فوق الـ ١٠٠٠٠ لحدود الـ ١٥٠٠٠، ما يعني أنه هناك تخوف فالناس تهافتت إلى السوبر ماركت لشراء كميات أكثر من حاجتها. مما دعا بعض أصحاب السوبر ماركت لسحب بضائعهم منعاً من أن تسحب بسرعة، وبالتالي نحن نعمل مع التجار لضبط هذا الموضوع بطريقة نمنع فيها انقطاع مادة الزيت من السوق كما منع الناس من شراء المادة بأكثر من حاجتها لأنه بذلك يحرم البعض الآخر منها. فعلى سبيل المثال هناك العديد من الدول الأوروبية التي نستورد منها منعت تصدير الزيت بشكل كامل بحيث اتخذت إجراءات طارئة وأوقفت تصدير كل المواد الأولية والأساسية في الهرم الغذائي”.
وعن متى سيتم اتخاذ قرار من الدولة بهذا الشأن قال سلام “بالتأكيد سنأخذ القرار بمنع تصدير الزيوت وعدد كبير من الحبوب وكافة أنواع القمح وعدة صادرات تتعلق بالأمن الزراعي من علف ونخالة وغيرها من المواد المصدرة، فسيتم توقيف تصديرها بالكامل في المرحلة الراهنة”.
وعن الدول التي يتم التفاوض معها لتأمين حاجة لبنان من القمح قال “إن الدول التي نتواصل معها بطليعتها الولايات المتحدة الأمريكية التي هي من أكبر دول العالم المصدرة للقمح، كذلك نتواصل مع فرنسا وألمانيا والهند وكندا”.
وعن ارتفاع كلفة استيراد القمح من هذه الدول أكد سلام “نحن لم نكن نستورد من هذه الدول في السابق لأن كلفة النقل هي المؤثرة أكثر، ولكن اليوم توجهنا إلى معظم هذه الدول بطلب دعم بصريح العبارة، وقد طلبت من الولايات المتحدة الأمريكية إضافة دول أخرى لمساعدتنا في الكميات التي يحتاجها لبنان، فلبنان بحاجة إلى ٦٥٠ ألف طن من القمح سنويًّا وهذه الكمية بالنسبة لهذه الدول ليست بكمية كبيرة، فلديها القدرة أن تعطينا بعض المساعدات بشكل هبات، فذلك يساعدنا بعاملين، أوّلًا بتعديل كلفة الشحن التي ممكن أن نتكبدها في حال اشترينا من هذه الدول، وثانيًا تخفيض سعر ربطة الخبز. فإذا حصلنا مثلًا على ٣٠٠ طن هبّات والباقي اشتريناه يمكننا أن نخلق توازن يُبقي على الأسعار مخفضة لكي لا نضطرّ إلى رفع سعر ربطة الخبز، فنحن نعمل صراحة على معادلات دقيقة جدًّا بين الهبات وبين الشراء لكي نبقي الأسعار مقبولة، لأن أكبر تحدٍّ لنا اليوم في لبنان هو الحفاظ على سعر القمح المسعر عالميًا على سعر مقبول، لأنه كما نعلم أن لبنان غير قادر على تحمل تكاليف كبيرة اليوم، بالرغم من أن مجلس الوزراء أوضح في آخر جلسة أن موضوع القمح وموضوع الدواء خط أحمر لو كانا آخر ما سيُصرف من الخزينة. فنحن حريصون على عدم تكبيد الخزينة ضغطًا أكبر، ولذلك نقوم بالتوجه إلى هذه الدول لتعطينا أسعارًا مقبولة، إضافة لإمكانية إعطائنا بكميات تغطي أشهرًا من السنة “.
وعن تخزين هذه الكميات المستوردة من القمح، في ظل عدم وجود أهراءات قال سلام “موضوع التخزين هو التحدي الثاني لنا إلى جانب موضوع الأسعار، فبإطار التخزين نحن بتواصل مع الشركات منذ ثلاثة أسابيع لتأمين سعر مستقر لشراء كميات لا تتغير مع سعر السوق، وأيضًا تأمين مرافق للتخزين وعُرضت علينا تسهيلات وتطمينات، بأنه بإمكاننا أن نخزن الكميات المشتراة من الدولة اللبنانية في مرافق دول كمصر وتركيا واليونان، فلدينا بعض الأماكن التي يمكن أن نخزن فيها هذه الكميات وتنقل من أماكن التخزين هذه كل أسبوع أو أسبوعين بكميات نقدر على استيعابها وتخزينها داخل لبنان”.
وعما إذا كنا سنشهد ارتفاعًا بسعر ربطة الخبز في الأسابيع المقبلة مع ارتفاع أسعار القمح والمحروقات قال سلام “من المعروف عني أنني أحارب من أجل ربطة الخبز وكنت حريصًا حتى عندما ارتفع الدولار إلى الـ ٣٠ ألف أن أحافظ على سعر مقبول ومنطقي لكي لا يضاف إلى الأمور التي أصبح المواطن اللبناني عاجزًا عنها، أما موضوع المحروقات فهو تحدٍّ كبير جدًّا وليس لدينا سيطرة عليه كوزارة اقتصاد وتجارة لأنه يسعر عالميًّا وهو بازدياد كبير ويزيد كلفة التشغيل، أنا الذي أقدر أن أعد به أنني سأكون حريصًا كل الحرص على أن نعمل على أرقام ربطة الخبز بكل دقة لكي لا نرفع سعرها، بالحقيقة يمكن أن نضطر إلى رفع سعرها بنسبٍ معينة تكون مبنية على معطيات دقيقة جدًّا وليس بشكل عشوائي، فنحن ننتظر لنرى ما الذي سيتبين بشأن أسعار المحروقات وكيف سنتعاطى مع المطاحن والأفران من ناحية الكلفة التشغيلية، لأنني وضعتهم بجوّ إعادة النظر بكلفتهم التشغيلية بشكل دقيق لكي لا نرفع سعر ربطة الخبز بشكل نخلق فيه ضغطًا أكثر على المواطن. ولكن إذا بقي سعر المحروقات في ارتفاع مطّرد فالأكيد ستتأثر ربطة الخبز بشكل أو بآخر”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
بسام مولوي من معدن الرجال الرجال! | لبنان يتأرجح بين مطرقة شاوول وسندان الشامي! | انتخابات القوات أمثولة… كيروز لـ “هنا لبنان”: القوات إطار جامع لأجيال المقاومة |