قواعد الحوكمة الرقمية سر نجاح البطاقة التمويلية والقبض يبدأ منتصف الشهر
كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:
العد العكسي لقبض العائلات اللبنانية المسجلة في البطاقة التمويلية بدأ، والموعد المرجح لانطلاق الدفع هو منتصف الشهر الحالي، وفيما تستمر الزيارات الميدانية (المنزلية) البالغ عددها 200 ألف زيارة وبشكل مكثّف، ستكون بعض العائلات قد بدأت بقبض المبالغ المخصّصة لها.
وتؤكّد مصادر متابعة للملف أن الزيارات ستشمل عددًا لا يُستهان به من العائلات المسجلة، وبعد الزيارة ستصلها رسالة نصية بقيمة المبلغ، وهذه القيمة تختلف بين أسرة وأخرى لاعتمادها على عدد أفراد الأسرة.
ويوضح المفتش الهندسي في التفتيش المركزي وعضو لجنة الرقابة على مشروع دعم والبطاقة التمويلية، المهندس عصام شباني في حديث لـ “هنا لبنان” أنه “تم اعتماد المكننة الكاملة في جميع المراحل، بدءاً من تسجيل الطلبات مروراً بتقييمها ووصولاً لدفع المساعدة، من دون أي إمكانية لتدخل بشري، يمكن أن يحصل لتغيير النتائج، مما يساهم في تعزيز العدالة المجتمعية والمساواة، وهي المبادئ التي ينادي بها التفتيش المركزي”.
أما الفضل في نجاح مراحل إنجاز البطاقة التمويلية، فيعود إلى النشاط الجديد الذي لم يألفه اللبنانيون في قائمة نشاطات التفتيش المركزي، إذ أن الـ 583 ألف استمارة المسجلة مع نهاية كانون الثاني خضعت لقواعد الحوكمة الرقمية، وبأسلوب يتسم بالشفافية والإنصاف.
وتعتبر منصة IMPACT أول منصة رقمية في لبنان تهدف إلى وضع الإدارة العامة على طريق الرقمنة والمساءلة، وتحافظ على أعلى درجات الخصوصية وأمن المعلومات، استناداً إلى النظام الأوروبي المعتمد لحماية أمن البيانات الـ GDPR بالإضافة إلى قانون المعاملات الإلكترونية، والبيانات ذات الطابع الشخصي رقم 81 الصادر عن مجلس النواب اللبناني عام 2018.
وكما بات معروفاً فإن شبكة “دعم” للحماية الاجتماعية تنقسم إلى برنامجين:
– “أمان” ويستهدف 150,000 أسرة وهي الأسر الأكثر حاجة، وقد تم تمويله بقرض من البنك الدولي قيمته حوالي 250 مليون دولار.
– “البطاقة التمويلية” ويغطي الأسر المتبقية، وتُجري الدولة اللبنانية مفاوضات مع الجهات المانحة لتمويل هذا البرنامج.
واستناداً إلى قواعد الحوكمة الرشيدة المعتمَدة بدِقة من قبل التفتيش المركزي، تم بالتعاون مع وزارة الشؤون الإجتماعية إقصاء 41,697 من أصل 583,000 أسرة مسجلة، وهنا يعزو شباني السبب لاعتبارها أسرًا ميسورة، لافتاً إلى أن عدد الأسر المؤهلة للاستفادة من “أمان” بلغ 200 ألف أسرة سيتم اختيار 150,000 أسرة منها في المرحلة الأولى، وإلى أن الزيارات تحصل بالتنسيق والتعاون مع برنامج الأغذية العالمي (WFP) .
أما طريقة الاختيار فأتت طبقاً لعدد من المعايير، أبرزها أن تكون الأسرة من بين الأكثر حاجة، أو وجود فرد واحد على الأقل من ذوي الإحتياجات الخاصة أو كبار السن فوق 64 سنة أو القاصرين؛ أو أسرة تعيلها امرأة بدخلٍ معدوم أو محدود وغيرها من المعايير.
وللأطفال نصيب في برنامج شبكة “أمان” الذي يستهدف 87 ألف طفل مسجلين بالمدارس الرسمية تدعمهم بمبلغ 200 إلى 300 دولار سنوياً، وهذا يغطي التسجيل والنقل والألبسة والكتب الخ…. للتخفيف من ظاهرة التسرب المدرسي.
أحاديث كثيرة رافقت البطاقة التمويلية منذ إطلاقها وحتى اليوم، وتحديداً لجهة جملة من المعوقات أولها آليات الإستهداف والإستبعاد، ووصفها بأنها أكثر عملية مساعدة معقدة إدارياً ولوجستياً وتنظيمياً في تاريخ لبنان، وبلوغ تفاقم الفقر في لبنان حداً هائلاً في غضون عام واحد فقط طال 74 في المئة من اللبنانيين، وفق دراسة أعدتها الإسكوا وصدرت في سبتمبر الماضي، وموضوع تمويل هذه البطاقة من دون إغفال التجاذبات السياسية المحيطة بالملف.
وعلى الرغم من كل ذلك يشدد المفتش شباني على أن الدفع سيتم بالدولار الأمريكي من خلال شركات تحويل الأموال، وبشكل سري يحفظ كرامة المستفيدين، معرباً عن أمله في أن تساهم شبكة “دعم” في مساعدة اللبنانيين على تخطي مشاكل الأزمة الاقتصادية وتداعيات كورونا، وفي التخفيف من وطأة رفع الدعم وغلاء الأسعار.
أما في تفاصيل التدقيق في البيانات المتوفرة على المنصة، فنقوم بها كلجنة مفتشين مكلفين بالمراقبة من خلال Kibana Dashboards وغيرها من أدوات البحث المعلوماتي، التي تساعدنا على أداء مهمتنا المتمثلة بالرقابة المتزامنة مع التنفيذ، خصوصاً الرقابة على الشركة المتخصصة المكلفة بإنشاء وتشغيل البوابة الإلكترونية للبطاقة التمويلية، أي الإشراف على جميع الأنشطة التي تحصل على المنصة، والرقابة على الإدارات واللجان المتفرعة عنها وفق شباني.
وفي الختام يبرز السؤال عن استمرارية المضي قدماً بهذه الشبكة كنموذج عن المساعدات المستدامة أو طويلة الأمد، في المناطق التي سجلت أعلى نسب للمسجلين خصوصاً مناطق بعبدا وعكار وبعلبك وطرابلس وزحلة؟ في ظل التحديات الكبيرة التي استجدت في أسعار القمح وموارد الطاقة عالمياً، والكلام عن عدم إقرار موازنة العام 2022 إلى ما بعد الانتخابات النيابية.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ابتكار لبناني”.. أملٌ واعد لفاقدي البصر! | بين القوننة والأنسنة.. هل تهدّد التكنولوجيا أطفالنا؟ | لبنان غنيّ بالمياه الجوفية العذبة.. ثروة مهدورة بلا استثمار! |