في لبنان.. رسالة “المعلم” مهددة: لا دولة تسأل ولا أموال تُدفع!
كتبت رنا الأمين لـ “هنا لبنان”:
جميعنا نذكر مطلع القصيدة الشهيرة لأمير الشعراء أحمد شوقي:
“قُم للمعلَم وفِّهِ التّبجيلا
كادَ المعلّم أن يكون رسولا”
وقد ردّ عليها الشاعر إبراهيم طوقان بقصيدةٍ قال فيها:
ويكاد يقتلني الأمير بقوله
“كاد المعلّمُ أن يكون رسولا”
لو جرّب التّعليم “شوقي” ساعة
لقضى الحياة شقاوةً وخمولا
يا من يُريد الانتحار وجدته
إنّ المعلم لا يعيش طويلا..
لقد صدق طوقان، ولكم تلائم أبياته هذه الأستاذ اللبناني، الّذي يعاني الأمرّين اليوم ولا زالت الدّولة تغدقه بالوعود ولا تفي بها.
وكان الأساتذة المتعاقدون في التعليم الرسمي الأساسي قد عاودوا التدريس، وعلّقوا قرار “اللاعودة” صباح 15 شباط الماضي إذ تلقّوا وعدًا من الرئيس نجيب ميقاتي ووزير التربية عباس الحلبي بإقرار مرسوم بدل نقل بالإضافة إلى دفع المستحقات والحوافز.
ولكن يوم أمس، عشية عيد المعلم عادت اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي وأعلنت في بيان لها عودتها إلى الإضراب بعد تعليق دام أقلّ من شهر. وقد استهلّت اللجنة بيانها بالقول: “المعلم المتعاقد اليوم جاء عيده بلا قرش في جيبه”، معلنة العودة إلى تعليق الدروس وعدم إجراء امتحانات نصف السنة والامتناع عن تسليم العلامات إلى إدارات المدارس حتى تحويل مستحقات المتعاقدين، لأنّ ستة أشهر قد مرّت ولم تُحوّل المستحقات والحوافز لأكثريتهم.
وحول هذا الموضوع كان لـ “هنا لبنان” حديث مع رئيسة اللجنة نسرين شاهين التي قالت أن “قسمًا من الأساتذة قد قبضوا الحوافز ولكن غالبيتهم لم يستلمها بعد، ما خلق حالًا من الفوضى في المدارس والصفوف إذ أنّ الأساتذة الذين لم يقبضوا حوافزهم سيتوقفون عن الحضور إلى المدارس وليس بمقدورهم ذلك أساساً فهم مياومون واليوم لامست تنكة البنزين الـ 500 ألف ليرة”.
مضيفةً بأنّ “اللجنة تمثّل غالبية الأساتذة في التعليم الرسمي الأساسي، والمدارس ستبقى مفتوحة ولكن مع نقصٍ كبيرٍ في الكادر التعليمي إذ يمثّل المتعاقدون نسبة 70% من الأساتذة”.
وأضافت شاهين بأنّ “مرسوم بدل النّقل الّذي صدر لم يُطبّق بعد، وحتّى المستحقات عن الفصل الأول فلم تُدفع بعد، ودائمًا يرجع المسؤولون الأسباب إلى “السيستم”، وهذا ما يطرح علامات استفهام كثيرة”.
وعن الوعود بالتثبيت فقد وصفتها بالشعبوية لأنّ “البلد منهار والمستحقات لم تدفع بعد، فبالتأكيد كلّ كلام عن التثبيت لا يعوّل عليه، مع العلم أنّ الحلّ الجذريّ هو تثبيت الأساتذة لتكون هناك رابطة تتحدث باسمهم جميعاً ولكن للأسف فالحديث عن التفرغ هو محض كلام خصوصًا اليوم ونحن على أبواب الاستحقاق الانتخابي”.
وطالبت الوزارة بوضع رؤى مستقبلية وهو الأمر الذي طالبت به اللجنة دوماً كي لا تتفاقم المشاكل ويذهب القطاع التعليمي إلى المجهول.
وتوجّهت إلى المنظمات المانحة كاليونيسكو واليونيسف والبنك الدولي، التي تقدم المساعدات والهبات لوزارة التربية أن تجري كشفَ حسابٍ علنيٍّ للرأي العام اللبناني لكيفية صرف هذه الأموال، معتبرةً أنّ هذه المساعدات اليوم يستفيد منها البعض دون الآخر وتصبّ في تنفيعات شعبوية وسياسية، ولذلك الشفافية هي الحلّ فالمساعدات مثلًا تقدم بالدولار الأميركي بينما تُدفع للأساتذة على سعر المنصة متسائلةً: “هذا الفارق لمن ذهب؟ والمبلغ المتبقي بعد صرف الحوافز للأساتذة أين يذهب؟”
مضيفةً أن ذلك حدث أيضًا عندما قدمت اليونيسيف مليارات الدولارات للمكتب التربوي للبحوث والإنماء لغرض تحديث المناهج وإلى اليوم المناهج على حالها منذ العام 1997 ولم تجرَ أيّ دورات للأساتذة”.
وختمت متأسفةً على المعلّم الذي مرَّ عليه عيده اليوم وهو على هذه الحال التي أوصلته الدولة إليها.
إذاً فالكباش ما زال مستمرًّا بين الأساتذة ومطالبهم المحقّة ودولةٍ عاجزةٍ عن تأمين أدنى حقوقهم، وبين الطّرفين الطلّاب هم الخاسر الأكبر، فإن كانوا قد غُيِّبوا قسريًّا عن مقاعدهم الدراسية لمدة عامين بسبب جائحة كورونا فهم اليوم يُغيّبون والسّبب دولتهم التي تتقاعس دومًا في ما يتعلّق بالقطاع التّعليميّ الذي من المفترض أنّه أساس قيام الدول والشعوب، فبأيّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ على المعلّم اليوم!
مواضيع مماثلة للكاتب:
هل نشهد نهاية الكتاب الورقي؟ | قصتي مع رفع تعرفة الاتصالات.. هكذا “أكلت الضرب”! | لبنان يقدّم الساعة.. والشعب اللبنانيّ يرجع ألف سنةٍ إلى الوراء |