الشعارات الانتخابية في وادٍ… واللبنانيون في وادٍ آخر
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
تعدّ الشعارات الانتخابية التي تطلقها القوى والأحزاب السياسية جزءًا لا يتجزّأ من معركة خوض الانتخابات في أي بلد كان وهذا ما ينطبق على لبنان، فهي تعكس توجهات معينة ويسعى المرشحون عن هذه الأحزاب أو المنفردون، من خلالها إلى جذب القواعد الشعبية أو محاكاة عقولهم لكسب أصواتهم. وفي العادة، يكون الشعار الانتخابي مفصّلًا على قياس هذا الحزب أو ذاك أو هذه القوى أو تلك. ويتزامن إطلاق الشعارات مع إعلان أسماء المرشحين، حتى يكتمل مشهد التحضيرات المتّصلة بالاستحقاق الانتخابي. وفي كل استحقاق نيابيّ، يتبدّل اسم الشعار حتى وإن حمل المعنى المتكرّر والذي تتوخّاه القوى والأحزاب لمعركتها بهدف تأكيد ثوابت معينة أو حتى للتشديد على فكرة أساسية.
ثمة من يستخدم عبارة، وثمة من يستخدم جملة، وفي كل الأحوال، لا يمكن أن يأتي الشعار من دون دراسة، ففي النهاية هو سلاح من أسلحة المعركة الانتخابية ويتطلب التحضير جيّدًا له.
في مشهدية انتخابات العام ٢٠٢٢ في لبنان، هناك من يسأل عن هدف شعارات ترفع وتلازم من يترشّح أو الاستمرار بالالتزام بها، في الوقت الذي ينصب همّ الناس نحو أمور أخرى، وبمعنى آخر، من يهتمّ بشعارٍ آنيٍّ يصلح لمرحلة الانتخابات فحسب، ومن لا يزال يؤمن بقدرته.
بالنسبة إلى من يخوض هذا الاستحقاق، فإن للشعار الانتخابي أو الـ “slogan” قوّته في التأثير وفي شدّ العصب، ولذلك يتمّ انتقاؤه بما يخدم الغاية الانتخابية، في حين أن بعضاً من الرأي العام قد لا يرى من الشعارات المطروحة أيّ فائدة لا راهناً ولا مستقبلًا.
وبين “ما منساوم” الذي اتّخذه حزب الكتائب كشعارٍ انتخابيٍّ وشعار “في يلي فيه وما بدو وفي يلي بدو وما فيه” الذي خلص إلى “نحنا بدنا ونحنا فينا” لحزب القوات اللبنانية، وبين “كنا ورح نبقى” للتيار الوطني الحر و”باقون نحمي ونبني” لحزب الله وشعارات أخرى لأحزاب وقوى تغييرية، ماذا ستكون ردة فعل الناخب اللبناني حيالها؟ وهل لا تزال تشكل مادة جذب؟
تقول أوساط مراقبة لموقع “هنا لبنان” إنّ الشعارات كالبرامج الانتخابية لم تعد تقدّم أو تؤخّر، لأنّ الوعود بقيت حبرًا على ورق، والشعار الذي أطلق في مرحلة التحضير للانتخابات انتهى بُعيْد فرز الأصوات وصدور النتائج إن لم يكن قبل ذلك أي عند ضمان الصوت.
من جهته، يقول الباحث في الدولية للمعلومات الأستاذ محمد شمس الدين لـ “هنا لبنان” أن البرودة لا تزال تتحكم بمشهد الانتخابات وإن الشعارات لها وقعها أو تأثيرها على المناصرين والمحازبين فقط وبالتالي لا تزال تفعل فعلها في حين أن لا تأثير لها على أكثرية الناخبين، مشيراً إلى أن أي شعار مرفوع يستقطب هؤلاء المحازبين فحسب لأن تفكير الناس محصور بالأمور الحياتية والمعيشية.
ويلفت شمس الدين إلى أن الشعار لم يعد سلاحاً يستخدم في المعركة الانتخابية مؤكّداً أنه قد يسجّل تراجعًا في نسبة الاقتراع وذلك بحسب الدوائر.
ويؤكد أن اللبنانيين في مكان آخر والعدد الأكبر منهم لا يكترث، ويسأل: إذا كان هناك من شعار أو برنامج لحزب ما، من يحاسبه في حال نكث بوعده ولم يطبقه، مكررًا التأكيد أن عملية الاقتراع المقبلة ستشهد برودة.
وماذا عن رأي المواطنين؟ تقول ليلى لـ “هنا لبنان” أنها تنظر إلى الشعار بداعي الاطّلاع فقط، وقد يجذبها لكنّها لا تنغمس فيه. أمّا سليم فلا يبدي اهتمامًا بما يُطلق من شعاراتٍ لأنّ رأسه مشغولٌ بتأمين قوّته ومعيشة عائلته. ويقول: شو بدنا بشعار “ما بيطعمي خبز”. وتؤيد رولا رأي سليم وتشير إلى أنه قد يكون الشعار المرفوع جميل بالنسبة إلى هذا الحزب أو ذاك، لكنه غير قادر على أن يحقّق شيئًا، والتجارب أكبر برهان على أن المواطن هو الضحية.
وهكذا… يطلق شعار من هنا ويرفع شعار من هناك والنتيجة واحدة: كل يغني على ليلاه…