جنّازٌ انتخابيّ
كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان”:
منذ أن فتّح اللبنانيون عيونهم على أول مجلسٍ نيابيٍّ في 18 تشرين الثاني 1928 حتّى اليوم، وهم يسمعون بالتّواتُر ويقرؤون عن مالٍ انتخابيٍّ وزفتٍ انتخابيٍّ ورُخَصٍ انتخابيّةٍ ومساعداتٍ انتخابيّةٍ وتوظيفاتٍ انتخابيّةٍ وبوناتٍ انتخابيّةٍ ومازوتٍ انتخابيّ. وكثيرون من النّاخبين، وعلى مساحة الوطن، وعلى مرّ الدّورات، لمسوا لمس اليد ثمن الصّوت، بسعر الجملة وسعر المفرّق.
ويبدو أنّنا أمام ظاهرةٍ جديدةٍ وهي الجنّاز الانتخابيّ، ويعود الفضل في إطلاقها إلى الياس المر. فقد اختار رئيس مؤسّسة الإنتربول إقامة جنّاز السّنة لأبيه دولة الرئيس ميشال المر، وجاء في مقدّمة خبر مانشيت “الجمهورية” ليوم الثلاثاء (15 آذار) ما حرفيّته: “استقبل رئيس الجمهوريّة ميشال عون رئيس مؤسّسة الإنتربول نائب رئيس الحكومة السابق الياس المر ونجله ميشال الياس المر وشقيقته السيدة ميرنا المر أبو شرف الّذين وجّهوا دعوةً لرئيس الجمهورية للمشاركة في القدّاس الّذي تقيمه العائلة في 3 نيسان المقبل (في بتغرين) لمناسبة مرور سنة على وفاة الرئيس الراحل ميشال المر. وخلال اللقاء، تم التداول في الأوضاع العامة في البلاد، والتطورات المحلية والدولية إضافة إلى الاستحقاق الانتخابي النيابي ودور مؤسسة الإنتربول”.
زبدة اليوم وردت في المقدّمة وتلاها، في متن خبر المانشيت، متفرّقات المشهد السياسي مع نبيه بري وسمير جعجع…
ما يجدر التوقف عنده لماذا لم تقم العائلة جناز السنة بعد سنة على وفاة “الرئيس” المر، أي في 31 كانون الثاني واختارت 3 نيسان؟ هل تريّثت العائلة في انتظار تبلور التحالفات في المتن، فتتصدر اللائحة، التي يرأسها مرشّح العيلة، الصف الأول في الكنيسة، وتكون المناسبة مناسبتين: واحدة لاستذكار “الرئيس” الراحل وثانية لإظهار حجمه الشعبي. وإلّا ما الداعي لإقامة الجنّاز في عزّ الحملات الانتخابية؟ ثمة أقاويل أن الجنّاز في نيسان، هو الثاني، بعد جنّاز في موعده، اقتصر على العيلة.
في أيّ حال سيكون جنّاز “الرئيس” أيضاً فرصة لجمع “فلايين” الراحل الكبير، وهم لوحدهم يشكّلون حاصلاً انتخابياً لحفيد الراحل ميشال المصرّ، كما جبران باسيل، على البقاء “هون”، وهو المؤتمن الحصري على رسالة جده الخدماتية. قديماً رفع حزب “الكتائب اللبنانية”، وقبل “مغط” اسمه، شعار “في خدمة لبنان” فوسّعه الرئيس المر ليناسب حجمه “في خدمة أبناء المتن ولبنان والقرداحة”، وما الجناز الانتخابي سوى استطلاع ميداني لحجم الوفاء. التباعد الاجتماعي في 3 نيسان غير ضروري، وكل إصابة بـ “كوفيد 19″، في داخل الكنيسة وضمن حرمها ستُعالج على نفقة الجهة الداعية.
ولكم من بعده طول البقاء.
مواضيع مماثلة للكاتب:
مش كل صهر سندة ضهر | شبيحة “الحزب” بالمرصاد | أبو الجماجم |