آذار ليس فقط للإحتفال بل لتوعية النساء أيضاً عن مرض بطانة الرحم المهاجرة… فأين لبنان من ذلك؟
كتبت ريتا بريدي لـ “هنا لبنان” :
يتزيّن شهر آذار في كل سنة بعدد من المناسبات المفعمة بالروعة التي تُكرم المرأة، حيث يحتفل الجميع بإنجازاتها مهما كانت. إلّا أنّه في المقابل يتم تخصيص هذا الشهر كموعدٍ سنوي للتوعية عن مرض بطانة الرحم المهاجرة حول العالم، وهذا ما يغيب عنه لبنان للأسف.
هذه المشكلة الصحية التي تُصيب امرأة من بين 10 نساء بحسب الدراسات، وبمناسبة الموعد للتوعية حول هذا المرض خلال شهر آذار يتم تنظيم عدد من النشاطات والمؤتمرات والحملات الطبيّة في مختلف الوجهات العالمية، وإنطلقت الفكرة عام 1993.
أمّا الشريط الخاص بمرض بطانة الرحم المهاجرة أو Endometriosis، فهو باللون الأصفر وقد إعتُمد منذ أن بدأت التوعية عنه أكثر وعن الأعراض التي يُسبّبها وبالتالي عن الوسائل الطبيّة العلاجية المتاحة للنساء اللواتي يعانين منه.
خبيرة الإتيكيت نتالي أنداروس تحكي قصتها مع المرض
في حديثٍ لها مع موقع “هنا لبنان” سردت خبيرة الإتيكيت نتالي انداروس حكايتها مع مرض بطانة الرحم المهاجرة، وقالت أنّها اكتشفت إصابتها به بعد سنة من زواجها عندما قررت الإنجاب، وحين لم تنجح توجهت عند الطبيبة لإستشارتها، وبعد إجراء الفحوصات المطلوبة على مدى أشهر أكدت لها الطبيبة أنّها تُعاني من مرض بطانة الرحم المهاجرة، وأنّها تحتاج لعملية جراحية للكشف أكثر عن الأمر ومعرفة صحة الأنابيب في هذه المنطقة.
وهنا لجأت نتالي لطبيبٍ آخر للتأكد من حالتها قبل إجراء العملية، ولكنّه أكد بدوره لها ذلك أيضاً، وحينها لم تكن تعاني من مضاعفات نتيجة المرض عدا عن الألم الحاد في اليوم الأوّل من الدورة الشهرية.
أمّا عن المراحل التي مرّت بها نتالي بعد معرفتها بإصابتها بمرض بطانة الرحم المهاجرة وبعد إجراء العملية الجراحية لها حيث خرج الطبيب المعالج لها وعلمت أنّ الأنابيب لديها مغلقة بالكامل ولا تستطيع الإنجاب، إلّا عن طريق التلقيح الإصطناعي.
فكانت الصدمة قويّة جداً، على حد قولها، وكان من الصعب إستيعاب الحالة وأنّها مصابة بهذا المرض، خصوصاً أنّها لم تكن تُعاني من إضطرابات في الدورة الشهرية، ولكن فجأة وبأقل من ساعة إكتشفت أنّها لا تستطيع الإنجاب!
وبالمقابل، تقول أنّها قررت التوجه للحلول، وحينها بدأت تخضع للتلقيح الإصطناعي في مسيرةٍ طويلة.
وتشرح انداروس أنّها بدأت تشعر بأعراض المرض بعد سنتين من إكتشافها بأنّها مصابة به، وعانت الكثير من الأوجاع بسببه، حتى أنّها إضطرت أكثر من مرّة للتوجه إلى المستشفى بسبب حدّة الألم.
وفي هذا الإطار، تقول نتالي أنّ دعم زوجها لها كان مهمًّا جداً وإعتبرت نفسها من النساء المحظوظات بهذا الأمر، خاصةً من ناحية الدعم النفسي الذي تلقته من عائلتها وزوجها.
كما ولفتت إلى أهمية دعم الطبيب المعالج للسيّدة التي تعاني من مرض بطانة الرحم المهاجرة، وعلى الأطباء وضع إحتمال إصابة السيدات بالـ Endometriosis، إذ قد لا تكون أوجاعها خلال الدورة الشهرية طبيعية.
وحكت نتالي عن أنّها أصبحت على معرفة واضحة عن هذا المرض، من خلال الأبحاث التي قامت بها عن حالتها، والأوجاع التي عاشتها. لذا سعت للتوعية عن هذا الموضوع، لأنّها عانت منه على الصعيد الجسدي والنفسي أيضاً، خصوصاً أنّها خضعت للتلقيح الإصطناعي خمسة عشرة مرّة، ولكنّه لم يساعدها.
لذا رأت أنّه لربما الله يطلب منها رسالة للتوعية عن هذا المرض، بما أنّها لاحظت أنّ المجتمع ليس لديه التوعية الكافية عنه، وفي بعض الأوقات يعتبرون أنّه من المواضيع التابو التي لا يمكن التحدّث عنه، كموضوع العقم عند المرأة والتلقيح الإصطناعي أيضاً!
وبما أنّها عانت شخصياً من الموضوع لا فقط من إصابتها بل أيضاً من أحاديث ومواعظ الناس من حولها في المجتمع، فقررت أن ترفع الصوت وتقوم التوعية بدورها عبر صفحاتها الإلكترونية حول هذا المرض تحديداً، فالمرأة التي تعيش مع مرض بطانة الرحم المهاجرة عليها تلقي الدعم من مجتمعها وليس العكس.
ما هي الرسالة التي توجهينها لكل من: نتالي، السيدات اللواتي يواجهن المشكلة الصحية نفسها وللمجتمع والقطاع الطبي؟
تقول أندراوس: “أقول لنتالي رسالتها مهمة جداً، مساعدة النساء الأخريات من خلال التوعية التي تقوم بها، لدعمهن”.
وتقول للنساء المصابات بمرض بطانة الرحم المهاجرة أيضاً أنّه عليهن رفع الصوت لتسليط الضوء على هذه المشكلة الصحية، ومن الضروري التوجه عند الطبيب للكشف المبكر عن المرض، وتضيف أنّه لو عُلِم أنّها هي كانت تعاني من المرض في وقتٍ مبكر لما كانت واجهت مشكلة العقم.
وهنا توقفت للإشارة إلى أماكن العمل، إذ من الضروري تفهم الفتاة والسيّدة التي تعاني من أوجاع حادة من الدورة الشهرية وكذلك في حال كانت مصابة بمرض بطانة الرحم المهاجرة.
لذا مع هذه النقطة نعود فقط للتذكير سريعاً بأهمية البحث في بلدنا لبنان عن البدء بمنح إجازة الدورة الشهرية للنساء.
أمّا في ما يتعلق بالقطاع الطبي، طلبت نتالي اندراوس من الأطباء التوعية أكثر عن هذا الموضوع في المجتمع والمدارس، والكشف عن الأسباب التي تؤدي للإصابة بالمرض، فمثلاً في الولايات المتحدة الأميريكية وأوروبا أصبح هناك جمعيات مخصصة للتوعية عن مرض بطانة الرحم المهاجرة – Endometriosis، وبذلك تم تخصيص شهر آذار للتوعية عنه.
فسحة أمل عبر الكشف المبكر عن المرض
والجدير بالذكر أنّه في شهر شباط عام 2022، أي قبل أسابيع قليلة من بدء التوعية حول مرض بطانة الرحم المهاجرة، أعلنت Ziwig وهي شركة الذكاء الاصطناعي الفرنسية مع خبراء من الكلية الوطنية لأطباء النساء والتوليد الفرنسيين، عن فحصٍ يُعرف بإسم “Endotest” يتم تطويره، وهو أوّل فحص طبي يمكن من خلاله تشخيص الإصابة عن جميع أشكال مرض بطانة الرحم المهاجرة بنسبة تصل إلى 100%.
وعلى الرغم من أنّ هذا الفحص لا زال يتطلب المزيد من الأبحاث والدراسات، إلّا أنّه بمثابة فسحة من الأمل لجميع النساء للكشف المبكر عن المرض.
وفي الختام، عيشي بفرح كل المناسبات في هذا الشهر والعام كلّه، ولكن لا تنسي أنّ الكشف المبكر عن المرض واجب عليك. لذا إلى جميع الفتيات والنساء، تَذكرنّ دائماً: إننا نملك أعظم ما في هذه الحياة؛ رحم صغير، يدان للعطاء، وقلب يزهر كل يوم بالمحبّة… كل هذه تصنع كل يوم المجتمع، الوطن والعالم.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في اليوم العالمي للشطرنج: فوائده تفوق التوقعات! | “أهذا حقاً في لبنان؟”.. الهايكينغ يكتسح البلدات اللبنانية ويكشف جمالها! | احتفالاً بأسبوع الأصمّ العربي.. ملتقى “أوتار الصمّ” في الشارقة |