أطفال لبنان في قلب الخطر.. نقص التغذية قد يُصيبهم بهذه الأمراض!
كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:
يعاني الأطفال في لبنان من وطأة أحد أسوأ الانهيارات الاقتصادية في العالم، التي جعلت الأسر والأطفال في حالٍ يُرثى لها، وأثّرت على كل جانب من جوانب حياتهم، أهمّها الجانب الصحي.
ويومًا بعد يوم، يزداد عدد الأسر التي تضطرّ الى إتخاذ تدابير التأقلم السلبية لتتمكن من الصمود، كإلغاء بعض وجبات الطعام توفيراً لثمنها أو اللجوء إلى بدائل غير صحية، مثل إعطاء الأطفال الرُضّع حليب البقر والحليب كامل الدسم أو حتّى الماء والسكّر، وذلك خلال فترات فقدان حليب الأطفال من الأسواق سابقًا، واليوم بسبب غلاء أسعاره، بينما معاشات معظم الأهالي باتت زهيدة ولا قيمة لها مع فقدان الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها.
ومنذ بداية الأزمة حتى اليوم ارتفعت أسعار المواد الغذائية أكثر من ألفين بالمئة، كما تراجعت نوعيتها، ما أدّى إلى الإستغناء عن بعض الأغذية كاللحوم والجبن وغيرها، بالإضافة إلى شراء الأغذية الرخيصة التي قد تكون مضرّة وغير سليمة، وذلك يؤدّي إلى نقص في واحد أو أكثر من المُغذِّيات الأساسية التي يحتاجها الأطفال.
أرقام مفزعة
أظهرت نتائج مسح حول الأطفال أجراه قطاع التغذية في لبنان نهاية شهر شباط، خطورة زيادة تفشي سوء التغذية في البلاد، ما قد يؤدي إلى عواقب سلبية على الأطفال ستلازمهم مدى الحياة.
وفي النتائج، دلّ المسح إلى أن أكثر من 94% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و23 شهراً لا يحصلون على وجبات غذائية كافية، و80% يتجاوزون وجبات أساسية بشكل متكرر، و70% يفتقرون إلى أنظمة غذائية غنية ومتنوعة ضرورية لنموهم وتطورهم.
ووفق تقديرات تقرير “التغذية في أوقات الأزمات”، يعاني 200,000 طفل، دون سنّ الخامسة في لبنان، من أحد أشكال سوء التغذية، أو من نقص المغذيات الدقيقة، بما في ذلك فقر الدم وضعف النمو (التقزم) والهُزال.
كما أظهرت دراسة أجرتها كلية الصحة في الجامعة اللبنانية أخيرًا، على عيّنة من 384 حالة، انتشار سوء التغذية بين الرُّضّع والأطفال، وفقراً في التنوع الغذائي للأمهات والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهرًا.
وكشفت الدراسة عن ارتفاع معدل الهزال (37,5%) والتقزّم (12,5%)، وزيادة الوزن (62,5%).
وفي تقرير صدر في كانون الأوّل 2021 بعنوان “بدايات مظاهر العنف: أطفال يكبرون في كنف أزمات لبنان”، أشارت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” إلى أن نحو 1.8 مليون طفل في لبنان، أي أكثر من 80 بالمئة من الأطفال، يعانون “من فقر متعدد الأبعاد” بعدما كان العدد نحو 900 ألف طفل عام 2019.
أمراض كثيرة ستنتشر؟
يرى طبيب الأطفال/ صحة عامة غسّان فرّان أنّ “مشكلة سوء التغذية لدى الأطفال في لبنان لها جوانب عديدة؛ الجانب الأول يتمثّل بفترة الفقدان التام لحليب الأطفال الرُضّع، وهذا أثّر على عملية إرضاع الأطفال حديثي الولادة، خاصة عند الأمهات اللواتي لم يستطعن تأمين الرضاعة الطبيعية لأطفالهنّ لأسباب متعددة منها مرضية وغير مرضية. الجانب الثاني، يتعلّق بالأم المرضعة التي يتأثّر غذاؤها بفعل الأزمة والغلاء المعيشي وبالتالي يتأثّر غذاء الطفل. أما الجانب الآخر، فهو أنواع حليب الأطفال الرخيصة التي تُباع في بعض المستوصفات وعبر أشخاص، والتي لا نثق بتركيبتها وبفعاليتها الإيجابية على صحة الأطفال الرُضّع، بالإضافة إلى نقص في المواد الغذائية والضرورية للأطفال بسبب الغلاء”.
وعن الأمراض التي يتسبّب بها سوء التغذية، يؤكد فرّان أنّ “التوازن السليم من العناصر الغذائية في سنوات الطفل الأولى، أمرٌ بالغ الأهمية لتطوير ونمو الدماغ، وبالتالي سوء التغذية يُضعف جهاز المناعة لدى الأطفال ويؤثّر سلبًا على نموّ الدماغ”.
ووفق فرّان، يؤثّر سوء التغذية على نمو الطفل وقدراته الجسدية والعقلية معًا، كما ينتج عنه الكثير من الأمراض منها:
– أمراض الجهاز الهضمي بسبب نقص تناول الطعام وبالتالي تظهر أعراض كالإسهال والإمساك والانتفاخ والألم الشديد والحموضة.
– التقزم، وهذه المشكلة بعد سن معين لا تعود قابلة للتعديل أو العلاج، أي حتى لو تحسن غذاء الطفل فإن نموه لن يستعاد أو يصل للمستوى الطبيعي.
– فقر الدم الذي يحصل نتيجة نقص الحديد وفيتامين ب 12، والذي يؤدي إلى الإصابة بالتعب والخمول.
– انخفاض ضغط الدم الذي قد يؤدي إلى أمراض القلب والأوعية الدموية.
– ضعف العضلات وخسارة حادة في الوزن.
– تضخم الغدة الدرقية بسبب نقص معدن اليود والذي يؤدي إلى ظهور رقبة منتفخة.
– اضطرابات نفسية وعصبية.
– تساقط الشعر وشحوب البشرة.
– إنجاب الأمهات الحوامل لأطفال منخفضي الوزن.
ويلفت فرّان إلى أنّه بالإضافة إلى سوء التغذية، “هناك مشكلتا فقدان لقاحات الأطفال الضرورية من السوق وغياب الكشف الطبي الدوري للأطفال بسبب غلاء “الفحصية”، اللتان تزيدان من تفاقم الأمراض أيضًا”.
وينصح في وضع غذاء الأطفال في الدرجة الأولى على سلّم الأولويات، لأننا أمام أجيال ستعاني من الأمراض المختلفة، والتي يصعب علاج بعضها فيما بعد.
وبالنسبة لحليب الأطفال، ينصح الطبيب “في حال فقدانه لأسباب قاهرة، عدم استبداله باللبن أو الماء والسكّر، إنّما بالحليب كامل الدسم مع تخفيض الكمية، فمثلًا بدل ملء مكيال من حليب أطفال لـ 30 مل مياه، يُملأ مكيال الحليب كامل الدسم لـ 50 مل مياه”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
نبيل مملوك.. صحافي تحت تهمة “الرأي المخالف” | استهداف الجيش وقائده في غير محلّه.. “اتهامات سطحية لدواعٍ سياسية” | إسرائيل “تنهي الحياة” في القرى الحدودية.. ما الهدف من هذا التدمير الممنهج؟ |