قصة إبريق الزيت مستمرّة.. خططٌ للكهرباء على الطاولة والعتمة سيّدة الموقف
كتبت نايلة المصري لـ “هنا لبنان”:
أقرّت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي خطّة الكهرباء، وخرج وزير الطاقة وليد فياض مبتسماً ومهنّئاً اللبنانيين بإقرارها.
وتقوم هذه الخطة على ضمان خدمات كهرباء موثوقة وميسورة التكلفة (24/7) في جميع أنحاء لبنان، بطريقة فعّالة ومتوازنة مالياً وصديقة للبيئة.
فعلى المدى القصير (أقل من سنة) تقوم الخطة على توريد 8 إلى 10 ساعات من الكهرباء من خلال تجارة الكهرباء والغاز الإقليمية مع الأردن ومصر والعراق، بدعم من قرض (قروض) من البنك الدولي/مؤسسات التمويل الدولية الأخرى (IFIs)، التي توفر إمدادًا نظيفًا ومنخفض التكلفة لزيادة التوليد إلى 1100 ميغاواط، باستخدام البنى التحتية القائمة.
أما على المدى المتوسط (1-2 سنة): توريد 16-18 ساعة من الكهرباء من خلال البنى التحتية القائمة والمؤقتة (FSRU at الزهراني، وحدات التوليد بالغاز في دير عمار، مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح).
أما على المدى الطويل أي أكثر من ثلاث سنوات فيقوم على توفير 24 ساعة من الكهرباء من خلال استخدام الغاز المستدام والمبني حديثًا مع محطات توليد الطاقة ذات الدورة المتجددة، وتوسيع نطاق الطاقة المتجددة لتلبية هدف حصة الطاقة بنسبة 30 بالمئة بحلول عام 2030.
خطة الكهرباء بتفاصيلها حملناها إلى مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون الذي اعتبر في حديث لـ “هنا لبنان” أن ما قام به وزير الطاقة في جلسة مجلس الوزراء هو نوع من الانتصار لفريقه السياسي لا للشعب اللبناني، لكي يماطل ويناور ويؤجل الهيئة الناظمة ويؤكد على معمل سلعاتا، ويطالب بسلفة خزينة وهذه أمور ليست مشجعة ولا تبشر بالخير، مشيراً إلى أن خطة الكهرباء وُضعت لمعالجة الأزمة التي تتمثل بالحاجة إلى زيادة الإنتاج، تأمين ساعات تغذية إضافية، ورفع التعرفة وتأمين توازن للمؤسسة وتهيئة الظروف القانونية والتمويلية للاستعانة بالقطاع الخاص ليأخذ أذونات وتراخيص إنتاج للمشاركة في زيادة الإنتاج على وقع الزيادة في طلب الكهرباء.
وتابع: هذا التسلسل في الخطوات تم تطبيقه في أواخر التسعينات حيث تم بناء معامل أدت إلى زيادة الإنتاج، فارتفعت ساعات التغذية ورفعت التعرفة ثمّ تم تأمين التوازن المالي للوزارة وبدأت بتحقيق الأرباح، إنّما الوزراء المتعاقبون لم يمتثلوا لتعيين الهيئة الناظمة التي نصّ عليها قانون تنظيم قطاع الكهرباء في العام 2002.
وقال: في فترة ما قبل العام 2009 كان هناك ظروف موضوعية حالت دون أن تُعطى أزمة الكهرباء حقها على طاولة مجلس الوزراء، وفي العام 2010 وصل الوزير جبران باسيل إلى الحكم، مع تبنيه لخطة كهرباء تحت تسمية “ورقة سياسة قطاع الكهرباء” التي كانت محضرة ومعدة قبل وصوله إلى الوزارة، هذه الورقة تحدد التوجهات التي على الحكومات الالتزام بها في المستقبل المؤسسي وهذه التوجهات كانت تقتضي الاعتماد على الطاقة الشمسية والطاقة المتجددة والاستعانة بالقطاع الخاص وكانت ورقة سياسة القطاع هي المرور بفترة انتقالية بين 3 أو 4 سنوات يتم الاستعانة خلالها بالبواخر لإعادة تأهيل معملي الذوق والجية، والاستعانة بمقدمي خدمات لتحسين شبكة التوزيع، وتركيب عدادات ذكية وتخفيف الهدر، مشيراً إلى أنّ الحكومة أقرّت القانون رقم 181 في عام 2011 ووافقت على تأمين اعتمادات بقيمة مليار و200 مليون دولار لبناء معامل كهرباء بقدرة 700 ميغاوات في دير عمار ومعملين آخرين يعملان على الطاقة العكسية في الذوق والجية، ولكن تعقدت الكثير من الأمور عند محاولة إنشاء هذه المعامل، نتيجة الإشكالات السياسية.
وأضاف: واليوم ما زلنا في الجدل نفسه والوعود ذاتها، والخطة التي تقدم بها وزير الطاقة صورة طبق الأصل إنما مزينة ببعض الوعود أنه قد تمّ بناؤها على مرحلة أولى وعلى أوهام تأمين الغاز من مصر والأردن، والإعفاء من قانون قيصر وموافقة البنك الدولي الذي يشترط الكثير من الإصلاحات ومنها رفع التعرفة. كما تم تمييع الاستجابة إلى طلب مجلس الوزراء لناحية تعيين الهيئة الناظمة وتم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، وبالتالي فإن في هذه الخطة نوع من التلاعب والإيهام، وأخيرًا هذه الخطة في مرحلتها الأولى لا يبدو أنها توحي بمؤشرات إيجابية وسنكون بانتظار أن يبدأ وزير الطاقة بالمطالبة بسلفة خزينة لكهرباء لبنان الملحوظة في موازنة 2022 وهذا هو المخرج الوحيد الذي يمكن أن يساعد في زيادة الإنتاج. كما أنه يمكن العمل على توسيع وتطوير النفط العراقي وتعديل شروطه من الناحية المالية، خصوصاً في الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد.
واستبعد بيضون إمكانية الوصول إلى نتائج في موضوع الكهرباء خصوصاً وأنّ الخطة هي واحدة لفريق موحّد في موضوع الكهرباء وبالتالي نحن في مرحلة أوهام والأزمة باتت أكثر حدة من السابق.
وعن الحلول التي يمكن اتباعها، لفت بيضون إلى أن الحلول غير موجودة لأزمة الكهرباء بل إنّ هناك مجموعة تدابير من الممكن أن تخفّف من حدّة الأزمة ويجب أن تبدأ بالخروج من قطاع الكهرباء والتفكير بشؤون الكهرباء من صندوق الجماعة التي أوقعت لبنان بهذه الأزمة. والخطوة الأولى التي كان يجب على الحكومة أن تقوم بها هي إلغاء كافة الموافقات على هذه الخطط والبدء بتفكير جديد، إلا أنّها تبنّت الخطة من دون الاطّلاع على تفاصيلها، ما يؤكد أنّ هناك إصرار من الفريق السياسي الذي يمسك بالوزارة، والذي فشل في إدارة القطاع، على تنفيذ ما في تفكيرهم بغض النظر عن ظروف الدولة والكلفة الهائلة التي أثقلوا بها الدولة والميزانية.
ودعا بيضون إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية إن من خلال الأفراد لأن القانون 462 يسمح بإنتاج الطاقة للاستعمال الخاص من دون إذن ومن دون ترخيص، وهنا على الحكومة أن تصدر قرارها حول الشروط البيئية والصحية في هذا الإطار. كما يمكن الذهاب إلى مناقصات للطاقة الشمسية في الأراضي التي تملكها الدولة في البقاع أو عكار، من خلال شركات عالمية، أو لبنانيين متمولين قادرين على تمويل هكذا مشاريع وفق شروط محددة.